فصول ساخنة من لعبة المواجهة بين الداخلية ورفاق بنكيران

نزيف العدالة والتنمية جعله "يستنجد" بأم الوزارات ويصر على أنه ما زال مستهدفا هل يمكن الحديث عن حرب مفتوحة بين الداخلية وحزب العدالة والتنمية؟ البلاغ الأخير الصادر عن أم الوزارات قد يفيد ذلك، خاصة أنه يتهم حزب بنكيران بإقحام التعيينات في أسلاك رجال السلطة في خانة الصراعات السياسية وبمحاولة تبرير المشاكل الداخلية للحزب.رفاق بنكيران لم يدخروا جهدا في التحسيس بخطر النزيف الذي يتعرض له الحزب في الآونة الأخيرة، من خلال توجيه سهام نقدهم إلى وزارة الداخلية بإدراجهم التعيينات الأخيرة للولاة والعمال ضمن إطار حساسية سياسية معينة، في إشارة واضحة إلى حزب «البام»، وهم لا يتورعون في الحديث عن تحول الداخلية من دور المتحكم في الأحزاب، أيام إدريس البصري، إلى وقوعها بين يدي حزب معين، وهذا ما يستشف من اتهامها بالتراجع عن حيادها إزاء التنافس الحزبي والانتخابي، واتهام بعض مسؤوليها بممارسة «أساليب الترغيب والترهيب على منتخبي الحزب لترحيلهم إلى أحزاب أخرى».البلاغ الصادر عن الداخلية يعد الثالث من نوعه بعد اثنين صدرا في السابق، الأول شرحت فيه الوزارة أسباب منع النشاط «الخيري» الذي كان مصطفى الرميد، القيادي في حزب «المصباح»، ينوي تنظيمه في مسقط رأسه بضواحي الجديدة، أما البلاغ الثاني فكان الأمين العام عبد الإله بنكيران موضوعه الأساسي، وتضمن ردا قاسيا على تشكيكه في أحداث 16 ماي، وهي التصريحات التي كادت تفتح نار المواجهة من جديد على الحزب، وأن تعيد سيناريو المحنة التي عاشها بعد أحداث 16 ماي، والتي جعلت أصواتا عديدة تطالب بحل الحزب، وكان الاتحاد الاشتراكي في طليعة الأحزاب التي حملت المسؤولية المعنوية للأحداث إلى العدالة والتنمية، إلى درجة أن الكاتب الأول آنذاك، محمد اليازغي، طالب حزب الدكتور الخطيب بتقديم اعتذار للشعب المغربي. مواقف الحزب من محلات بيع الخمور والمهرجانات وإحيائها من قبل فنانين أجانب، كانت سببا في تعرضه لانتقادات شرسة من لدن خصومه السياسيين تتهمه بممارسة التقية وازدواجية الخطاب، إلا أن ذلك لم ينل من قوة الحزب، خاصة أنه احتل رتبا متقدمة في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، رغم تقليص عدد مرشحيه في الدوائر الانتخابية، وهو قرار انصاع له الحزب دون تردد في مرحلة لم يكن يملك فيها القدرة على المواجهة، بل إن لقاءات الكواليس التي استدعي إليها قياديون في الحزب، من أمثال بنكيران والرميد، من لدن مسؤولين في الداخلية، وعلى رأسهم فؤاد عالي الهمة، الذي كان يشغل منصب كاتب الدولة في الداخلية آنذاك، كانت كلها تصب في اتجاه استفسار الحزب حول مواقفه وأعضائه وخطته الانتخابية، ما أجج الخلافات بين عناصر من الأمانة العامة والرئيس المؤسس، عبد الكريم الخطيب، الذي لم يكن يرغب في تقديم أي تنازلات للوزير مصطفى الساهل وفؤاد عالي الهمة.الحزب يصر اليوم على أنه ما زال مستهدفا، وأن «البام» جاء لمواجهة الإسلاميين ووضع العدالة والتنمية في خانة الخطر المهدد للمشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي، أما رفاق بنكيران فيعتبرون أن الحزب المذكور ولد من رحم الدولة، وأنه يستمد قوته من مؤسسه فؤاد عالي الهمة بل ولا يتردد صقوره في اتهام «البام» بالاستقواء بالدولة، مع اتهام الداخلية بالتحول إلى حزب سياسي والكيل بمكيالين في التعامل مع الأحزاب، من خلال غضها الطرف، كما يقول لحسن الداودي، عن أحداث تورطت فيها، على حد تعبيره، أحزاب معينة من قبيل أحداث العيون والحسيمة.أمور من هذا القبيل قد تقوي حزب العدالة والتنمية وتعيده إلى الواجهة من جديد، كما يرى الباحث محمد ضريف، إلا أن الاتهام المباشر للداخلية بتدبير دفة الصراع السياسي يعد سابقة في تاريخ الأحزاب، حسب المصدر ذاته، إذ لم يسبق لأي حزب أن صدر منه هذا الاتهام، فالاتحاد الاشتراكي نفسه كان يكتفي، أيام المعارضة، بالحديث عن الحزب السري، ولعل ذلك ما جعل أم الوزارات تتدخل دائما لإعادة الأمور إلى نصابها في مواجهة حزب الخطيب، والدفاع عن حيادها ضد الصراعات السياسية، رغم أن البعض يعتبر أن الولاة والعمال قد تكون لهم ميولات لفائدة هذا الطرف السياسي أو ذاك أو حتى علاقات شخصية مع منتخبين، بمن فيهم مؤسس «البام»، فؤاد عالي الهمة، بحكم منصبه السابق في الإدارة الترابية، إلا أن ذلك لا يعني أن الوزارة تستهدف العدالة والتنمية، والمشكل القائم يكمن، حسب هؤلاء، في أن العدالة والتنمية يبدو عاجزا اليوم عن تحمل الضربات التي يتلقاها من «البام» في ظل موجة الاستقالات التي يشهدها، والتي همت عددا من مستشاريه. والحزب يتهم الداخلية اليوم بإغراء وترهيب برلمانييه من أجل الانضمام إلى أحزاب التحالف الذي يقوده «البام»، كما أن خطة إعادة هيكلة أغلبيات مجالس المدن التي سهر على وضعها الهمة تستهدف بالأساس العدالة والتنمية بتحويله إلى المعارضة بعد استنزافه، استعدادا لمحطة 2012، إلا أن الأمر يقف عند تحجيم الحزب في المدن الكبرى التي تعد معاقله الانتخابية بامتياز، أما حزب بنكيران فلم يعد له خيار آخر سوى توجيه الإشارات هنا وهناك، ولو عبر الدخول في حرب البلاغات مع الداخلية ولعب دور الضحية لكسب تعاطف الجماهير والحد من الضربات التي يتلقاها. رشيد باحة

فصول ساخنة من لعبة المواجهة بين الداخلية ورفاق بنكيران

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جمعية المعاقين ذهنيا بالبيضاء تستنجد بوزير العدل

الأموي منشغل بتصدع نقابة الاتحاد الاشتراكي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات