هدمت الأمطار الأخيرة التي تهاطلت على إقليم الجديدة برجا تاريخيا يناهز عمره 8 قرون، وهو برج الباب القبلي الذي يشكل إلى جانب برجي باب الجديدة وباب اسفي أهم الأبراج التاريخية لرباط تيطنفطر أو مدينة مولاي عبدالله أمغار. وكانت جهات متتبعة وصفت تهدم هذا البرج بالخسارة التاريخية الكبيرة ، وذلك على خلفية أن الباحث والمؤرخ المغربي محمد الشياظمي الحاجي السباعي كان ذكر في كتابه تاريخ مدينة تيط أن الباب القبلي بتقويساته البديعة قبابه نصف المنهارة وهيكله مستقيم الشكل، يثير لدينا شيئا من الاستغراب عندما نشاهده ضمن الفن الإسلامي المغربي، لأنه أشبه ما يكون ببعض الخرائب الإسبانية أو الشرقية، وذلك راجع بلا شك أنه ينتمي إلى الفترة القصيرة التي مرت منها إفريقيا، والتي كان فيها المهندسون المعماريون الإسبان والمغاربة يميلون إلى استعمال الحجر المنحوت من الحجم المتوسط، قبل أن يضيف الشياظمي في كتابه سالف الذكر أن رباط تيط يعطينا مثالا رائعا وفريدا من نوعه في المغرب الأقصى عن مجموعة كبيرة من البناءات القديمة التي تعود المبادرة في إنشائها إلى ملوك المغرب، وتعد هذه التحفة الرائعة الشاهد الوحيد على ما بذلته عائلة الأمغاريين، وما كانت تتمتع به من جاه ونفوذ خلال القرن الثاني عشر للميلاد.وكانت التساقطات ذاتها أتلفت أجزاء كبيرة من أسوار رباط مولاي عبد الله أمغار، دون أن تتحرك المندوبية الجهوية لوزارة الثقافة لوقف النزيف الذي تتعرض له المآثر التاريخية بهذا الرباط الضارب في أعماق التاريخ ، على غرار ما تعرفه المآثر التاريخية بقصبة بولعوان، التي كانت وزارة الداخلية أطلقت سنة 1994 مبادرة لترميمها نزولا عند رغبة وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري الذي كان يود أن ينشئ بها ملعبا للكولف من يجعلها تابعة إلى إقليم سطات، إلا أن أصوات بعض برلمانيي دكالة المعارضة لانتزاع القصبة من تراب دكالة أوقف عملية الترميم.إلى ذلك، يتخوف متخصصون في علم الآثار من تعرض البرج القبلي والأسوار المنهارة برباط مولاي عبد الله، إلى عملية ترميم عشوائية كتلك التي عرفتها إعادة بناء بعض أسوار تيط خلال الثمانينات والتي لم تكن تستند على أساس علمي، إذ أن الأسوار التي كانت مبنية بـ"التابية" أعيد بناؤها بالأحجار، فكان ذلك بحسب المتخصصين تشويها فظيعا وطمسا مؤلما للتاريخ. عبدالله غيتومي (الجديدة)