أزمة اليد … شجرة تخفي غابة

المنتخب ضحية كورونا وضعف البطولة وإدارة تقنية غائبة لم تكن مشاركة المنتخب الوطني لكرة اليد ناجحة في كأس العالم في مصر، بعدما تلقى الهزيمة تلو الأخرى أمام منتخبات الجزائر والبرتغال وإيسلندا والنمسا، ليغادر المونديال دون حضور مشرف في أكبر تظاهرة عالمية على الإطلاق. وساهمت عوامل عديدة في ظهور منتخب اليد بمردود ضعيف، مقارنة بمنافسيه، إذ اعتبر العديد من المتتبعين أن إقصاء المنتخب الوطني تحصيل حاصل، ونتيجة حتمية للمشاكل، التي تتخبط فيها هذه اللعبة وغياب الإمكانيات المالية واللوجستيكية وانعدام مستشهرين وداعمين، فضلا عن توقف البطولة منذ مارس الماضي، بسبب جائحة كورونا، فيما تسابق الجامعة الزمن من أجل تكوين الخلف، وإحداث منتخبات قوية في الفئات الصغرى. تأخر انطلاق المنافسات تعاني كرة اليد الوطنية سنويا، بسبب تأخر انطلاق منافسات البطولة وكأس العرش، الشيء الذي يضع تنافسيتها على المحك، خاصة أثناء مشاركة المنتخبات والأندية في المسابقات الخارجية. وإذا كان التأخر، السمة الأساسية التي تطبع منافسات البطولة، فإن الموسم الرياضي الماضي، كان أكثر حدة من سابقيه، بالنظر إلى تداعيات فيروس "كورونا"، على جميع الأنواع الرياضية، خاصة كرة اليد المغربية، التي تضررت كثيرا من إغلاق القاعات الرياضية، ما انعكس بدوره على المنتخب الوطني، وإن استعد لبطولة العالم منذ ثلاثة أشهر قبل انطلاقتها. وقررت جامعة الكرة استئناف منافسات البطولة الوطنية للموسم الرياضي الماضي، بعد عودة المنتخب الوطني من بطولة العالم، وتحديدا في الأسبوع الأول من فبراير المقبل، بوضع برمجة جميع المسابقات النهائية المتبقية، أبرزها مباريات الصعود والنزول، وتحديد بطل الموسم، والمتوج بالكأس. كما ارتأت جامعة كرة اليد إعطاء انطلاقة الموسم الرياضي الجاري بجميع منافساته في مارس المقبل، غير أن القرار يبقى رهين الوضع الوبائي بالمغرب، خاصة بعد إغلاق القاعات الرياضية. موارد مالية على المقاس تستفيد جامعة اليد سنويا من دعم مالي من وزارة الشباب والرياضة، في حدود ملياري سنتيم، لتدبير أمورها ودعم الأندية التابعة لها، وضمان مشاركة المنتخبات الوطنية في المنافسات الخارجية. ويعد الدعم المخصص من الوزارة لجامعة اليد، ضعيفا جدا مقارنة بالدعم الذي تستفيد منه رياضات جماعية أخرى بالمغرب، وأقل من الدعم الذي تستفيد منه المنتخبات المشاركة في بطولة العالم الجارية حاليا بمصر، فضلا عن أنها مطالبة بتنظيم المنافسات البطولة وكأس العرش، ودعم الحكام. ويزيد غياب المستشهرين والداعمين الخاصين، من المتاعب المالية للجامعة الملكية المغربية لكرة اليد، إذ أنها تضطر إلى تسلم نصف المنحة المتوقعة. وطالبت الجامعة في مشروع قدمته للوزارة بمنحها أربعة ملايير سنتيم، غير أن الوزارة منحتها مليارين فقط، علما أن آخر دعم تسلمته منها كان في يوليوز الماضي، ولم تستفد من دعم خاص بسبب الجائحة، على غرار بعض الأنواع الرياضية الجماعية الأخرى. إدارة تقنية غائبة ومن بين أبرز الأسباب التي ساهمت في ظهور المنتخب الوطني لكرة اليد، في بطولة العالم الأخيرة بمستوى ضعيف، عدم توفر الجامعة على إدارة تقنية قوية، بإمكانها أن تضع خارطة طريق، وتساعد الناخب الوطني في مهامه، في تحضير المنتخب من الناحية التقنية والبدنية. وما يؤكد ضعف الإدارة التقنية الوطنية، أن جميع مدربي المنتخبات الوطنية عينوا في آخر لحظة، رغم أن المغرب مقبل على نهائيات بطولة إفريقيا لفئتي الشباب والفتيان في مارس المقبل، كما أنها ملزمة بالتنقيب عن لاعبين خارج أرض الوطن وداخله، لتسهيل مهمة المدرب نور الدين البوحديوي. ولا تتوفر الإدارة التقنية على هيكلة واضحة المعالم، كما أن هناك ضعفا في تكوين المدربين واللاعبين، إضافة إلى عدم استغلالها للإمكانيات التي يتيحها لها برنامج دراسة ورياضة. ضعف الأندية من أبرز أسباب ضعف المنتخب الوطني، عدم قدرة الأندية على تطوير إمكانياتها، من الناحية المالية والتقنية والإدارية، واقتصارها على تدبير منافسات البطولة الوطنية وكأس العرش بالطريقة المعتمدة منذ سنوات. وباتت الأندية أكثر من أي وقت مضى في حاجة إلى إعادة الهيكلة، ووضع تقسيم إداري يستجيب إلى المعايير المعتمدة لدى الأندية الاحترافية، سيما أن الهيكلة الحالية لا ترقى إلى بلوغ الاحتراف. وتواجه الأندية العديد من المشاكل، أبرزها الجانب المالي، الذي ينعكس بدوره على تكوين لاعبين قادرين على حمل القميص الوطني، ورفع مستوى التنافسية، من أجل الظفر بألقاب والمشاركة في المنافسات القارية، في ظل ارتباط هذه الأندية بمسؤولين، يدبرون أمورها بمنطق "مول الشكارة". بصيص أمل رغم هزائم المنتخب الوطني لكرة اليد في بطولة العالم، إلا أن وجود عناصر من فئة الشباب والفتيان في المنتخب الأول، منح بعض الأمل لكرة اليد الوطنية، في تكوين منتخب قوي قادر على رفع التحدي في الاستحقاقات القارية المقبلة، في مقدمتها بطولة إفريقيا للكبار، المقرر إجراؤها في العيون. كما أن إقحام لاعبين صغار السن للمشاركة في بطولة العالم، يعد أمرا مهما من أجل ضمان الاستمرارية في التكوين، والاستفادة من لاعبين صغار السن، في حمل القميص الوطني، وكسب التجربة للظهور بشكل مشرف في المنافسات المقبلة. ويتعين على منتخبي الفتيان والشباب أن يقدموا عروضا في المستوى، خلال بطولتي إفريقيا، المقرر تنظيمهما في مارس المقبل بالبيضاء، والصعود إلى منصة التتويج. إدريسي يخطف الأضواء رغم الإقصاء خطف ياسين إدريسي، حارس المنتخب الوطني لكرة اليد الأنظار إليه في نهائيات كأس العالم بمصر، رغم الخسارة في جميع المباريات. وصنف الإدريسي أكثر حراس المرمى تصديا للكرات خلال مباريات المنتخب الوطني، ما جعله ينتزع جائزة الأفضل في مباراة الجزائر. وأكد الموقع الرسمي للاتحاد الدولي لكرة اليد، أن الحارس المغربي يعتر حاليا أكثر الحراس تصديا للكرات، وصلت إلى 26 في مباراتي الجزائر والبرتغال. ووصف الموقع الرسمي الحارس المغربي بالأنيق والمتمرس، الذي يمتلك "كاريزما" سمحت له أن ينصب نفسه الأفضل مع بداية المونديال. وتألقت مجموعة من اللاعبين في مباريات المنتخب، نظير رياض الزرقوقي وأمين الحرشاوي ومحمد الزروالي وآخرين. البوحديوي: المستقبل أمامنا قال نور الدين البوحديوي، مدرب المنتخب الوطني لكرة اليد، إن لاعبيه قدموا مردودا جيدا، رغم الخسارة في المباريات الأربع الأخيرة، مشيرا إلى أن الهزيمة أمام الجزائر لم تكن متوقعة على الإطلاق. وأضاف البوحديوي في تصريحات صحافية، أن المنتخب الوطني كان الأفضل في مباراة الجزائر واستحق الفوز عن جدارة واستحقاق، بعدما كان متقدما بفارق سبعة أهداف، قبل أن تتغير نتيجتها بسبب أخطاء وظروف المباراة. وأكد مدرب المنتخب الوطني أن اللاعبين شكلوا ندا قويا للمنتخب البرتغالي في الجولة الأولى، إلا أنهم انهاروا في الجولة الثانية، والشيء نفسه بالنسبة إلى مباراة النمسا، التي لم يكن فيها اللاعبون في المستوى المطلوب، بسبب العياء والإرهاق. ويرى البوحديوي أن المستقبل مازال أمام اللاعبين، لصغر سنهم وقدرتهم على الرقي بمستوى اليد الوطنية خلال السنوات المقبلة، مشيرا إلى أنه منح الفرصة للاعبين الشباب حتى يكتسبوا المزيد من التجربة الدولية، مضيفا أن الهدف هو تكوين منتخب قوي ومنسجم، من أجل الدفاع عن حظوظه في الاستحقاقات القارية والدولية المقبلة. مونديال ألمانيا الأفضل للمنتخب انتزع المركز 20 عالميا وفوزان وحيدان لليد الوطنية إلى الآن والبوحديوي أكثر حضورا حققت جامعة كرة اليد قفزة نوعية خلال السنوات الأخيرة، بعدما ضمنت حضورها في المونديال للمرة السادسة في تاريخ هذه الرياضة، لتصبح أكثر الجامعات الرياضية تمثيلا في كؤوس العالم. وشارك منتخب اليد في دورات إيسلندا 1995 واليابان 1997 ومصر 1999 وفرنسا 2001 وألمانيا 2007 ومصر 2021، ليصبح أكثر المنتخبات الإفريقية مشاركة في المونديال إلى جانب مصر والجزائر وتونس. وتعد مشاركة المنتخب الوطني في مونديال ألمانيا الأنجح بالنسبة إلى المنتخب الوطني، بعدما حقق فوزين متتاليين على نظيريه الأنغولي والقطري، وهما الوحيدان في سجل انتصارات المنتخب، ليحتل المركز 20 عالميا، كما أن لاعبيه قدموا عروضا قوية، خاصة محمد براجع وإسماعيل البوحديوي ومصطفى التاج. وعلى المستوى الإفريقي، حقق المنتخب الوطني إنجازا غير مسبوق في نهائيات كأس أمم إفريقيا بتونس في 2006، عندما حل ثالثا، إثر تفوقه على أنغولا ب26 مقابل 25 في مباراة الترتيب. واعتبر المدرب نور الدين البوحديوي أكثر المدربين المغاربة حضورا مع المنتخب الوطني، بعدما قاده في سبع مشاركات في المونديال، بعدما تولى تدريبه منذ 1995، ليغادره في فترات متقطعة، قبل أن يعود إليه بعد المساهمة في تأهله لنسخة مصر 2021. وبرزت مع المنتخب الوطني مجموعة من اللاعبين، الذين تألقوا رفقته، وضمنهم من شاركوا في خمس بطولات العالم، كما هو الأمر بالنسبة إلى محمد براجع، الذي خاص 274 مباراة دولية وإسماعيل البوحديوي والحارس بنعيسى بوجنوني وآخرين. إنجاز: عيسى الكامحي وصلاح الدين محسن

أزمة اليد … شجرة تخفي غابة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

وهبي: مقاعد الشباب بالبرلمان تباع وتشترى

إنجاز جديد لبركة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات