سماسرة الوثائق الإدارية “سادة” مكتب التصديقات بحي حسان بالرباط

يعرضون خدمات للترجمة أو إسراع وتيرة المصادقة مقابل مبالغ مالية تعرف زنقة تمصلوحت الواقعة بحي حسان بالرباط ابتداء من السادسة صباحا توافد المئات من الأشخاص الراغبين في المصادقة على وثائق إدارية بمكتب التصديقات التابع لوزارة الخارجية والتعاون.ومع حلول الثامنة والنصف صباحا فإن طوابير الراغبين في المصادقة على وثائق معينة تكون قد بلغت نهاية زنقة تمصلوحت، والكل يترقب حلول موعد دخوله مقر الإدارة ذاتها لمباشرة إجراءات المصادقة.ولا تخلو فترة الانتظار من مشاهد وأحداث أولها التنبيه إلى ضرورة احترام الوقوف في الطابور المحدد، إذ خصص الأول للنساء والثاني للرجال. محنة الطابورلم تكن تعلم امرأة أجنبية قدمت إلى مقر الإدارة ذاتها رفقة زوجها أن وقوفها في الطابور الرجالي سيكون سببا في انفجار خلاف بينها وبين أحد الأشخاص، المكلفين بعملية تنظيم الطوابير، الذي نبهها للأمر بطريقة لم تستسغها، فتطور ذلك إلى خلاف لولا تدخل العديدين لتهدئتهم لكان انتهى بأقرب مقر للشرطة.وكثيرة هي الحالات التي لا تولي أهمية إن كان الطابور للرجال أو للنساء، لأنه لا توجد أي إشارة توضح ذلك، إذ نشب خلاف ثان في اليوم ذاته بعد رفض خليجي الوقوف بعيدا عن زوجته في الطابور المحاذي لها، واعتقد أن كل واحد منهما سيدخل بمفرده، ليقدم اعتذاره في ما بعد عن ما صدر منه.ولساعات طويلة يظل الراغبون في المصادقة على وثائقهم عرضة لأشعة الشمس في انتظار دورهم لدخول مقر الإدارة التابعة لوزارة الخارجية والتعاون، كما أن بعضهم يكون عرضة أيضا لنصب واحتيال السماسرة الذين يختارون الأشخاص بعناية كبيرة للإيقاع بهم في شباكهم. نصب واحتيالاتجه أحد السماسرة نحو شابة تجاوزت الخامسة والثلاثين من عمرها كانت ترتدي جلبابا وبدت عليها علامات القلق والتوتر خاصة أنها كانت تقف في آخر الطابور، واقترح عليها مساعدتها وتسهيل مهمتها بالمصادقة على وثائقها في أسرع وقت دون الحاجة إلى انتظارها فترة طويلة.اتضح بعد حديث بين الفتاة و"السمسار" أنها بصدد جمع الوثائق الضرورية من أجل الحصول على تأشيرة للعمل طباخة لدى أسرة في الإمارات العربية المتحدة، وأنه يتعين عليها الإسراع حتى تكون جاهزة في الآجال المحددة من قبل مشغليها في الخليج.طلب "السمسار" من الفتاة دفع مائتي درهم إن كانت ترغب في الحصول عليها بعد نصف ساعة، ظهرت علامات الفرح على محياها وسلمته فورا الوثائق والمبلغ المالي المطلوب.بعد أن أوقع "السمسار" بعض ضحاياه في شباك النصب والاحتيال اختفى عن الأنظار، وظلت الفتاة في انتظار عودته من أجل استرجاع وثائقها.مضى وقت طويل ليظهر "السمسار" ويبدأ في مساومة الفتاة بتسليمه مبلغا إضافيا حدده في مائة درهم إن كانت ترغب في استرجاع وثائقها.اضطرت الفتاة إلى الموافقة فورا وتسليم المبلغ المالي مقابل استرجاع الوثائق والعودة للانتظار مجددا في الطابور الطويل مرددة عبارات "حسبي الله ونعم الوكيل".لم يكن ذلك الشاب هو "السمسار" الوحيد الذي يتربص بالواقفين في الطابورين الرجالي والنسائي، بل كان أشخاص آخرون يحاولون الإيقاع بضحايا رغبة في الحصول على أموال، مستغلين كثيرا من العوامل من بينها قدوم عدد منهم من مدن أخرى مثل أكادير وخنيفرة، وذلك لقضاء مصالحهم الإدارية، إلى جانب أن كثيرا منهم يضطر إلى النزول بأحد فنادق الرباط إلى حين انتهاء مهمته، بينما آخرون يتجهون مباشرة بعد وصولهم إلى المحطة الطرقية إلى مقر الإدارة للعودة في اليوم ذاته إلى مدينتهم.ولم تكن كل المحاولات تنتهي بنجاح هؤلاء "السماسرة المحتالين"، وإنما كانت بعض الحالات تعلم جيدا أنهم مجرد دخلاء ونصابين فترفض التعامل معهم، وأحيانا تنشب خلافات بين الطرفين وتبادل عبارات السب والشتم بسبب نعتهم ب"المحتالين".وصف شاب جاء إلى مقر مكتب التصديقات التابع لوزارة الخارجية والتعاون للمصادقة على شهادة الإجازة من أجل التسجيل في إحدى الجامعات الإسبانية لمتابعة دراسته العليا بها، سلوكات "السماسرة" أنها شبيهة بما يقوم به "كورتيي سيارات الأجرة"."يستغل هؤلاء السماسرة عدم وعي عدد من الأشخاص الراغبين في المصادقة على وثائقهم وضيق الوقت وكذلك انتماءهم إلى مدن أخرى من أجل الإيقاع بهم في شباكهم"، يقول الشاب، مضيفا أنه مقابل ذلك هناك فئة تعي جيدا أنهم يسعون فقط إلى النصب ولا علاقة لهم بالمصلحة التابعة لوزارة الخارجية والتعاون."ينبغي على إدارة مكتب التصديقات العمل على اتخاذ إجراءات صارمة في حق السماسرة والتصدي لهم لمنع وقوع قاصديهم ضحايا للنصب والاحتيال"، يقول عمر، الذي يقف بجانب الشاب في الطابور الخاص بالرجال.واسترسل قائلا "هؤلاء المحتالون لم يتركوا أي إدارة للإيقاع بضحاياهم، فهم يتربصون بهم ويقترحون عليهم تقديم خدمات متنوعة مثل ترجمة وثائق معينة أو المصادقة عليها في أسرع وقت"، مضيفا أنه "فقط فئة قليلة من تقع فريسة لهم". التحذير من السماسرةرغم تحذيرات إدارة مكتب التصديقات التابع لوزارة الخارجية والتعاون من التعامل مع هؤلاء "السماسرة"، وذلك من خلال إعلانات دونت على ورقة من الحجم الكبير ورقنت بخط أسود عريض، إلا أن كثيرا ممن يقصدون خدماتها لا ينتبهون إلى ذلك.وانطلاقا من شكايات المواطنين الذين يتوافدون على مقر مكتب التصديقات بسبب السماسرة الذين يحددون في خمسة أشخاص فإنها وضعت إعلانين للعموم الأول جاء فيه "المرجو عدم الثقة نهائيا في الأشخاص الموجودين خارج الإدارة (سماسرة)" والثاني بشأن طابوري الانتظار خارج مقرها والذي جاء فيه "لا توجد ويمنع استعمال ورقة اللائحة لتنظيم الأشخاص (تستغل من قبل السماسرة)".وينضاف إلى مشاكل "السماسرة"، حسب عمر، عدم احترام البعض لدوره في الطابور، إذ هناك بعض الأشخاص من يرغبون في تجاوز الآخرين حتى يتسنى لهم دخول مقر المصلحة التابعة لوزارة الخارجية والتعاون، كما أن كثيرا منهم كان بمجرد حلول الثانية زوالا موعد توقف خدمات المكتب ذاته فإنه يتعين القدوم في اليوم الموالي في الساعات الأولى من الصباح لضمان قضاء مصالحهم الإدارية. ضغط يومي في طوابير المصادقة على العقود محمد القادم من خنيفرة من أجل المصادقة على وكالة لاقتسام عقار بعث بها أخوه المقيم بإسبانيا، حتى ينوب عنه في عملية اقتسام الإرث مع باقي إخوانه وأخواته، يؤكد أنه في الأسبوع الماضي حل وظل يقف في الطابور من الساعة الثامنة صباحا إلى الواحدة زوالا، ليخبره أحد الموظفين بالمصلحة ذاتها أنه يتعين عليه إحضار وثائق أخرى، فاضطر إلى العودة لاستكمال إجراءات المصادقة. وأكد محمد أن المصلحة ذاتها تعرف ضغطا يوميا كبيرا خلال أوقات عملها من الاثنين إلى الجمعة، خاصة مع توافد أعداد كبيرة من المواطنين من خارج الرباط، مشيرا إلى أنه ينبغي التفكير في افتتاح إدارات تقوم بالمهمة ذاتها في كل جهات المغرب من أجل تفادي الازدحام.ومباشرة بعد انتهاء محمد من حديثه إلى "الصباح" اتجه صوب رجل من ذوي الاحتياجات الخاصة كان يجلس على كرسي متحرك، من أجل حمله رفقة رجلين آخرين لمساعدته على دخول مقر مكتب التصديقات، الذي لا يتوفر على ولوجيات خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة.انتظر كثير من الأشخاص دورهم، وكان في كل مرة مكلف من قبل المكتب يأمر بدخول عشرة رجال ثم عشر نساء، وذلك في إطار المساواة بين الجنسين في ما يخص المصادقة على وثائقهم الإدارية المختلفة ومن بينها المصادقة على عقود الزواج أو عقود العمل أو الوكالات. أمينة كندي

سماسرة الوثائق الإدارية “سادة” مكتب التصديقات بحي حسان بالرباط

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الرميد يلتزم بتحسين الوضعية المادية للقضاة

143إجراء في مشروع الخطة الحكومية للمساواة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات