ياسمين الحسناوي : المقترح الأمريكي سيشعل فتيل العنف بالصحراء

الحسناوي أستاذة التواصل والإعلام بجامعات أمريكية أكدت أن الحكومة المغربية قصرت في تعاطيها مع الملف تشدد أستاذة التواصل والإعلام بعدد من الجامعات الأمريكية، ياسمين الحسناوي، على خطورة المقترح الأمريكي القاضي بتوسيع صلاحيات بعثة "مينورسو" لتشمل مراقبة الوضع الحقوقي بالصحراء، وذلك لأنه سيشكل أداة تمكن الانفصاليين من إشعال فتيل الفوضى والعنف في الصحراء، واعتبرت الأكاديمية ، التي تنشط في عدد الجمعيات الحقوقية الأمريكية، أن الدبلوماسية المغربية الرسمية تشتغل بمعزل عن مغاربة أمريكا ولا تدمجهم في عملها الترافعي،على الرغم من أنهم يشكلون نموذجا للجاليات من حيث الانصهار في المجتمع الأمريكي، وكذلك من حيث درجة انخراطهم في العمل الجمعوي وحتى السياسي. وفي ما يلي نص الحوار: تقدمت التمثيلية الأمريكية بمجلس الأمن بمسودة مشروع قرار يوسع من صلاحيات بعثة الأمم المتحدة لتشمل مراقبة الوضع الحقوقي في الصحراء المغربية، كيف تفسرون هذا التغيير المفاجئ في الموقف الأمريكي من نزاع الصحراء؟أولا يجب تسجيل أن الولايات المتحدة الأمريكية لعبت دورا مهما في مسار ملف الصحراء، وسبق لها أن استعملت حق الفيتو لمواجهة توصيات لم تكن في صالح المغرب، كما فعلت العام الماضي خلال اجتماع مجلس الأمن حول الصحراء عندما رفضت مبادرة مماثلة، لكن الأمور تغيرت مع ذهاب كاتبة الدولة الأمريكية السابقة في الخارجية، هيلاري كلينتون، بعد التغيرات التي طرأت على الإدارة الأمريكية بعد انتخاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما لولاية ثانية، على اعتبار أن هيلاري كانت من أشد الداعمين للموقف المغربي في ملف الصحراء وفي ملفات أخرى، كما أنها دافعت بشكل فعال على الاقتراح المغربي بمنح حكم ذاتي للأقاليم الجنوبية، كما دافعت عن كل المبادرات التي اتخذها المغرب في مسار الإصلاح السياسي والحقوقي وهي صاحبة التعبير الشهير لوصف الحكم الذاتي بالجدي وذي المصداقية.لكن مع مجيء كاتب الدولة في الخارجية الجديد جون كيري المعروف بموقفه غير الودي تجاه مسألة الوحدة الترابية للمغرب، حيث سبق له أن تقدم سنة 2001 رفقة عدد من أعضاء الكونغريس برسالة إلى كتاب الدولة في الخارجية آنذاك، كولن باول، يطالب فيها بتطبيق مبدأ تقرير المصير واعتماد الاستفتاء حلا للنزاع، كما أنه مقرب جدا من مؤسسة "روبرت كينيدي لحقوق الإنسان"، التي تقود حملة ضد المغرب باسم "بوليساريو"، بل إن كاتب الدولة الحالي في الخارجية كان عضوا نشيطا في المنظمة المذكورة، كل تلك المعطيات تؤشر إلى أن الأوضاع تغيرت ولم تعد كما كانت في السابق خاص في عهد هيلاري كلينتون.كما تجب الإشارة إلى الإدارة الأمريكية عندما وقفت على استمرار الوضع على ما هو عليه رغم الجولات العديدة من المفاوضات، أصبحت تعتبر أن الوقت قد حان من أجل تحريك المسلسل بتقديم مثل هذا المقترح، على اعتبار أن الهدف الأمريكي يمكن أن يكون فقط تحريك الأمور،على اعتبار أن المقترح مازال في مرحلة مسودة تم توزيعها على باقي دول مجموعة أصدقاء الصحراء بهدف التشاور للوصول إلى مشروع متوافق عليه من قبل أعضاء مجلس الأمن. أين تكمن، في نظركم، خطورة المقترح الأمريكي بالنسبة إلى الموقف التفاوضي للمغرب، خاصة أن المبادرة جاءت من واشنطن المعروفة بموقفها الرسمي الداعم لمقترح الحكم الذاتي حلا سياسيا واقعيا وذي مصداقية للنزاع المفتعل؟ أول ما سيترتب عن اعتماد هذا القرار هو الالتفاف على الاتفاق المبرم بين المغرب والأمم المتحدة سنة 1991 على حصر مهام بعثة "مينورسو" في مراقبة وقف إطلاق النار، في حين تأتي الخطورة الثانية من أن القرار سيشكل خرقا لمبدأ التوافق المعتمد، منذ البداية، في معالجة الأمم المتحدة لهذا الملف، رغم الانخراط الكبير للمغرب في مسلسل الإصلاح السياسي والحقوقي، حيث تمكن من تجاوز امتحان الربيع العربي بشكل إيجابي، خاصة على مستوى حقوق الإنسان، حيث تم إنشاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان وفق ما هو متعارف عليه دوليا من المعايير المتطلبة في مثل هذه الهيآت الحقوقية، أكثر من ذلك فقد أنشأ المجلس مكتبين له في كل من العيون والداخلة، بالإضافة، طبعا، إلى خطر فتح الباب أمام المقررين الأمميين في مجال حقوق الإنسان لإنجاز تقاريرهم من داخل المغرب.وتكمن الخطورة الثالثة في استغلال مضامين القرار من قبل الانفصاليين من أجل إشعال فتيل الفوضى والعنف في الصحراء عن طريق تحريك المناصرين للطرح الانفصالي في الداخل، كما كان الحال في السابق عندما سعت "بوليساريو" إلى إفساد جو حرية التعبير بالتحريض على العنف. لذلك فأنا أعتقد أن على الجانب الأمريكي أن يتحرى الحكمة في قراراته المتعلقة بهذا النزاع، وتقدير مدى خطورة الاستجابة لطلبات يصر عليها الطرف الآخر لغاية في نفسه، حيث تمكن من أن يقنع مؤسسة "روبرت كينيدي" لحقوق الإنسان التي دافعت عن توسيع صلاحيات "مينورسو" في مرافعاتها أمام السلطات الأمريكية، وذلك بشكل منحاز وضد مصالح المغرب الذي سمح لـ"كيري كينيدي" ومؤسستها بالدخول إلى أراضيه والتحرك بكل حرية في الأقاليم الجنوبية الشيء الذي لم يتوفر لها عند زيارتها للمخيمات.لا يمكن أن ننكر وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان داخل المغرب في وقت من الأوقات، لكن الأمور تحسنت الآن ولم تعد كما كانت خاصة بعد الدور والمكانة التي أصبحت للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي أصبحت مع الدستور الجديد هيأة محايدة وذات مصداقية. يربط الكثير من المتتبعين أسباب مشروع القرار الأمريكي بالتقرير المنحاز، الذي أنجزته مؤسسة "كينيدي" بخصوص وضعية حقوق الإنسان بالصحراء، ألا ترون أن في الأمر تقصيرا من الدبلوماسية المغربية في التعامل مع فعاليات المجتمع المدني الأمريكي؟ بحكم انخراطي وتواصلي مع هيآت المجتمع المدني الأمريكي واشتغالي داخل جمعيات حقوقية دولية، وبحكم تخصصي الأكاديمي في ملف الصحراء، يمكن أن أسجل، مع كل الأسف، التقصير الكبير للحكومة المغربية في هذا الجانب، وذلك لأنها تغيب البعد التشاركي في تعاطيها مع الملف، ولا تدمج فعاليات المجتمع المدني في الدفاع عن الموقف المغربي من النزاع في الصحراء، كما أن التغطية الإعلامية للجهود المبذولة شبه منعدمة، في ظل اعتماد خطة عمل ترتكز على الحملات المحدودة في الزمان والمكان، هذا في الوقت الذي يشتغل فيه الطرف الآخر دون انقطاع طيلة أيام السنة.كما أن التمثيلية الدبلوماسية الرسمية تشتغل بمعزل عن المغاربة المقيمين فوق التراب الأمريكي ولا تدمجهم في عملها الترافعي، وذلك رغم من أن مغاربة أمريكا يشكلون نموذجا للجاليات من حيث الانصهار في المجتمع، وكذلك من حيث درجة انخراطهم في العمل الجمعوي وحتي السياسي.أهمية المراهنة على مغاربة أمريكا من أجل الترافع في قضية الصحراء تأتي من المكانة التي يعطيها السياسيون في أمريكا للرأي العام داخل بلادهم، لكي أوضح مدى ضعف العمل الترافعي للمغرب سأثير الجانب المتعلق بالأنترنت مثلا، فعندما تكتب جملة الصحراء المغربية فإن أغلب المواقع التي ستظهر على شاشة الحاسوب هي مع الطرح الانفصالي. حظوظ المغرب في تجنب اعتماد المقترح الأمريكي حظوظ الغرب في هذه المعركة الدبلوماسية تبقى رهينة تحركاته، سواء من جانب الرسميين أو من جانب الأحزاب السياسية والمجتمع المدني في إطار حملة ترافعية موسعة وهجومية، تهدف أولا إلى توضيح ما يمكن أن يتضمنه مشروع القرار من تهديد للاستقرار في المنطقة من خلال تصعيد وتغذية الصراعات .أظن أن هذا النوع من المرافعات يوجد حاليا، لكن ليس بالشكل الكافي، ذلك أن التأثير في المواقف الدولية على مستوى الأمم المتحدة ومجلس الأمن يبقى رهين قوة وفعالية العمل الترافعي الدبلوماسي للمغرب، يجب علينا أن نشرح للدول الأعضاء في مجلس الأمن ولجميع الدول، دون استثناء، خاصة الدول الصديقة، كيف أن من شأن هذا القرار أن يشعل فتيل العنف في المنطقة، وتوضيح مدى إيجابية المبادرات التي قام بها المغرب في مجال حقوق الإنسان، والتي يمكن أن توفر ضمانات الالتزام بمقتضيات المواثيق الحقوقية الدولية، دون الحاجة إلى تكليف بعثة الأمم المتحدة على الصحراء "مينورسو" بمراقبتها، وكذا التشديد على أن عمل "مينورسو" وباقي الهيآت الأممية والحقوقية يركز جهودها على مراقبة التراب المغربي دون أن تشمل العملية المواطنين الصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف في الجنوب الجزائري. في سطور - أستاذة باحثة في مجال التواصل وعلوم الإعلام- باحثة مختصة في ملف الصحراء المغربية وبصدد إنهاء رسالة دكتوراه في الموضوع هي الأولى من نوعها في الجامعات الأمريكية.- تمارس التدريس بجامعات- جون هوبكينس (واشنطن) - آمهيسرت (ماسا شوسيت)- أوستين (تيكساس)- فاعلة حقوقية تنشط بعدد من الجمعيات الأمريكية والدولية - شاركت في عدد من دورات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف. أجرى الحوار: ياسين قُطيب

ياسمين الحسناوي : المقترح الأمريكي سيشعل فتيل العنف بالصحراء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المرشدون البحريون... عيون لا تنام

السيكتور يختتم مهرجان الضحك بأكادير

مقالات ذات صلة