3 أسئلة: نجاح إصلاح المقاصة رهين بتحصين القدرة الشرائية

هل صحيح أن المغرب في حاجة آنية إلى إصلاح صندوق المقاصة؟إصلاح صندوق المقاصة هو أولا ضرورة وطنية واقتصادية واجتماعية، ترتبط بترشيد نفقات الدولة وتمكينها في الوقت ذاته من تحقيق الأهداف التنموية المنتظرة منها. الإصلاح يستمد استعجاليته من التزايد الملحوظ لحجم الاعتمادات المالية المرصودة لدعم المواد الأساسية طوال العشر سنوات الأخيرة. في هذا الإطار تجاوزت مخصصات المقاصة لسنة 2012 لأول مرة، الغلاف المرصود للاستثمارات، حيث بلغت 55.5 مليار درهم أي 6,6 في المائة من الناتج الداخلي الخام.من جهة أخرى، الملاحظ أن الاستفادة من صندوق المقاصة تزداد اختلالا واتساعا، ما بين الفقراء وغير الفقراء، إذ انتقلت من ضعفين (2,1) سنة 2007 إلى ضعفين ونصف (2,5) سنة 2011، و هو ما يؤكد بالملموس أن الصندوق لم يعد يؤدي الأدوار المنوطة به في الأصل، وعلى رأسها تدعيم القدرة الشرائية للطبقات المتوسطة والفقيرة.سؤال إصلاح صندوق المقاصة يستمد إلحاحيته إذن من ضرورة ضمان استدامة المالية العمومية و توازنها، مع تمكينها في الوقت ذاته من تحقيق أهداف السياسات العمومية الاجتماعية بشكل ناجع. ألا تعتقد أن النقاش الدائر حاليا حول صندوق المقاصة أساسه نزاع سياسي أكثر من كونه ضرورة اقتصادية؟النقاش حول إصلاح صندوق المقاصة نقاش ذو طبيعة اقتصادية بعمق سياسي واجتماعي، على اعتبار أن الأمر لا يتعلق فقط بحجم الغلاف المالي المرصود لدعم الأسعار من خلال آلية صندوق المقاصة، ولكن يهم بالأساس مضمون السياسات العمومية الاجتماعية والأهداف المنتظرة منها، بعلاقة بسياسة المنافسة التي تعتمدها الدولة.إصلاح صندوق المقاصة هو مناسبة لفتح نقاش عمومي حول منظور الدولة لأدوارها والأهداف المنتظرة من آليات تدخلها في المجال الاجتماعي، مع كل ما يعنيه ذلك من ضرورة تعريف وتحديد أولويات الدولة في المرحلة المقبلة، في انسجام تام مع الإمكانيات المتاحة ومكامن العجز الاقتصادي والاجتماعي، وهو ما يطرح أسئلة عميقة حول نوعية وهوية الاختيارات الممكن انتهاجها. هل يمكن الحديث عن وصفة خاصة تجمع بين إصلاح نظام المقاصة والحفاظ على القدرة الشرائية للمغاربة؟على الحكومة أن تبدع حلا مغربيا لإشكالية صندوق المقاصة بما يضمن الاستقرار الاجتماعي وتنافسية المقاولة المغربية بعقلنة الاعتمادات المرصودة لتحقيق ذلك الهدف.في هذا الإطار، أثبتت تجارب دولية عديدة أن «مغامرة» الإلغاء التام لأنظمة دعم الأسعار مقابل توزيع دعم نقدي للفئات الفقيرة لم تحقق الأهداف المتوخاة منها، بل عمقت العجز الاجتماعي والفوارق الطبقية، وهو ما يمكن التعبير عنه بتحقيق هدف تنظيم الفقر وليس القضاء عليه.نجاح إصلاح نظام المقاصة هو في نهاية المطاف رهين بحجم الإرادة الحكومية لتحصين القدرة الشرائية للمواطنين، على اعتبار أن دعم الأسعار يؤدي وظيفة اقتصادية واجتماعية، ما يعني أن كل الخطابات المتداولة الآن حول الموضوع تعتبر كما لو أن الصندوق أصبح عبئا على البلاد وأن إلغائه هو الحل لكل مشاكلنا المالية، والحقيقة أن عجز المالية العمومية يكتسي طبيعة هيكلية، يمكن تخفيف عبئه بشكل طفيف من خلال إصلاح صندوق المقاصة، لكن مدخله الرئيسي والأساسي يبقى لا محالة الإصلاح الضريبي العميق، بما يضمن إعادة توزيع مساهمات الفئات الاجتماعية والاقتصادية في تمويل السياسات العمومية، بشكل يضمن العدالة الاجتماعية والإنصاف بين الجميع. عثمان كاير, أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة الحسن الثاني - المحمدية أجرت الحوار: هجر المغلي

3 أسئلة: نجاح إصلاح المقاصة رهين بتحصين القدرة الشرائية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

صندوق المقاصة... رهان سياسي يفزع الدولة

سياسة العفاريت أم عفاريت السياسة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

سياسة العفاريت أم عفاريت السياسة 