3 أسئلة: الانفلاتات تساهم في تزايد الاختطاف

كيف تفسرون من منظور علم الإجرام تزايد حالات اختطاف رهائن والمطالبة بمبالغ مالية لافتدائهم؟بداية لابد من الإشارة إلى أن أول قضية اختطاف أثارت انتباه الرأي العام المغربي كانت سنة 1977 على ما أعتقد والتي عُرفت بقضية سيارة R 12 الصفراء، ويتعلق الأمر في هذه الواقعة بمجموعة من الشباب الذين اختطفوا طفلة صغيرة وطالبوا أهلها بفدية. وبعد إلقاء القبض عليهم تبين أن القضية لا تعدو أن تكون تهور مراهقة سببه قصة حب. وكان هؤلاء الشباب قد أكدوا أنهم تأثروا بأحداث الفيلم السينمائي «a chacun son enfer» (من بطولة Annie Gerardot)... ويبدو أنه منذ ذلك الحين لم تحدث أي واقعة مماثلة إلا في الآونة الأخيرة، لكن رغم ذلك نقول إن الأمر لا يستدعي القلق لأنها عمليات محدودة خلافا لما هو عليه الحال عند جيراننا بدولة الجزائر، حيث استفحل هذا السلوك الإجرامي حتى صار بمثابة ظاهرة تقض مضجع السلطات الأمنية بهذا البلد، كما أنها أثارت نقاشات واسعة وجدلا كبيرا في البرلمان الجزائري.لكن رغم هذا نقول إن المسألة قابلة لأن تعرف تطورا خطيرا في ظل حالة الفراغ والبطالة والتنشئة الاجتماعية التي تغرس في نفوس الأطفال ثقافة الحصول على المال بأي طريقة ولو على حساب القيم والأخلاق، إضافة إلى الانفلاتات التي أفرزها ما يسمى بالربيع العربي وضغط الشارع ما أدى إلى خلق أوضاع تُنتهك فيها القوانين. وبالتالي، فإن هذه العوامل مجتمعة تساعد على خلق بيئة ملائمة لتنامي حالات الإجرام بصفة عامة بما في ذلك الاختطاف، كما صار الأمر بمثابة ورقة في أيدي الإرهابيين، الذين يلجؤون إلى أساليب التهديد بقتل الرهائن والمُختَطفين في حال لم يحصلوا على المبالغ المالية التي يطالبون بها من أجل تمويل عملياتهم الإرهابية أو اقتناص انتصارات سياسية كما هو الشأن بالنسبة إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي... هل تكرار حالات الاختطاف يعني ضعفا في أداء الأجهزة الأمنية؟ الأمن لا يمكنه أن يقف على جميع حالات الاختطاف ما لم تكن هناك إرهاصات سابقة، حيث يبدأ دور الأمن في الغالب مباشرة بعد عملية الخطف. لكن تبقى كل الاحتمالات ممكنة لأن المجرمين يبحثون عن الأموال السهلة وتوفير السيولة النقدية، وهذه لا تتأتى لهم إلا في الأبناك أو المتاجر الكبرى والتهديد من طرف المختطفين، إذ يستهدفون الأشخاص الأثرياء الذين بإمكانهم أن يدفعوا مبالغ مالية طائلة... الاحتمال الثاني الذي يمكن أن يفسر ذلك يتمثل في سهولة العملية من حيث غياب أي اصطدام وعراك، خاصة في حالة اختطاف طفل أو رضيع... الاحتمال الثالث هو الخوف من استمرار الفوضى والانفلات التي أفرزها الحراك السياسي وتشتيت مجهود الأمن في الضبط الأمني، الشيء الذي يترك منافذ لبعض الانفلاتات ومنها الاختطاف... في نظركم ما هو السبيل إلى التصدي إلى هذه الممارسات الإجرامية؟المقاربة الأمنية لا تكفي لاستئصال هذه الظاهرة، خصوصا إذا عرفت هذه الظاهرة استفحالا بينا، لأنها إلى حدود اليوم مازالت محدودة وتقتصر على بضع حالات معزولة ومتفرقة، فإلى جانب الأمن لابد من تدريب الأطفال على كيفية مواجهة وضعيات تعرضهم لمحاولة الاختطاف، وتنبيههم عبر آليات التعليم والتربية إلى ضرورة الاحتياط وفضح الخاطف والهروب منه دون أن يتسبب ذلك في عقدة نفسية، والأمر نفسه بالنسبة إلى الكبار الذين يستشعرون استهدافهم، خصوصا أبناء الأثرياء والسياسيين ما لم يكونوا تحت حماية حراسة خاصة، إلى جانب هذا يجب أن نعكف منذ الآن على الاستعداد لمواجهة الظاهرة، خصوصا المصالح الأمنية والشرطة العلمية، في أفق التصدي لبوادر هذه الظاهرة قبل استفحالها. محمد الأزهر, أستاذ جامعي بكلية الحقوق المحمدية ورجل شرطة سابق وفاعل جمعوي أجرى الحوار: محمد أرحمني

3 أسئلة: الانفلاتات تساهم في تزايد الاختطاف

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مخدرات وراء اختطاف فلاح بفاس وطلب فدية

الاختطاف وطلب الفدية...تحدي الأجهزة الأمنية

مقالات ذات صلة