“حكم” إداري قسم فقهاء القانون

الرقابة القضائية على قرارات الإدارة تناقضت في تمييز الأعمال السيادية في زمن كورونا أثار قرار إداري أصدرته محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، في زمن الحظر الجوي، وقبل صدور المرسوم بقانون المتعلق بالطوارئ الصحية، نقاشا كبيرا حول وصف قرار ما، صادر عن الإدارة، بأنه تعبير عن سيادة الدولة، لتحصينه من أي طعن إداري، بل ولإلغائه قرارا راعى الجانب الإنساني، تحت جميع التعهدات والضمانات المحكوم قضائيا بتكليف القنصل العام للدولة الأجنبية بها. يتعلق الأمر بمواطن ليبي، قدم من ليبيريا وعلق أياما في منطقة العبور بسبب إعلان حظر الرحلات الجوية، وبعد ثلاثة أيام من الانتظار اتصل بالقنصل العام لليبيا، وتم رفع دعوى، لا تطلب رفع الحظر الجوي وتمكينه من الطيران إلى وجهته، بل بمراعاة الظروف الإنسانية والسماح له بالخروج من منطقة العبور، ودخول الأراضي المغربية، تحت تعهد القنصل العام، للإقامة استثنائيا إلى حين رفع الحظر الجوي، لاستكمال طريقه الجوية. لم يكن الأمر ليطرح النقاش والجدل الكبيرين، في تفسير القرار السيادي ومجالاته، لولا إلغاء المحكمة الإدارية الاستئنافية بالرباط، للأمر الاستعجالي الذي أصدره رئيس المحكمة الإدارية للدار البيضاء، ومنح بموجبه لمواطن ليبي، الحق في ولوج التراب المغربي مؤقتا تحت ضمانة للقنصل العام وبمراعاة مجموعة من الإجراءات، ضمنها إجراء تحاليل الكشف عن فيروس "كوفيد 19"، لكن إلغاء الأمر في مرحلة الاستئناف، تحت علة القرار السيادي، فتح النقاش حول التمادي في تحصين قرارات الإدارة قضائيا، بدعوى وصفها بقرارات سيادية. وأكد فريق من المحللين أن نقاش المحكمة في الأصل، لم يكن منصبا على إعلان رفع الحظر الجوي، الذي صدر قبل صدور قانون الطوارئ الصحية، الموجبة لتدابير الحجر الصحي، بل إن رافع الدعوى الإدارية كان يطلب منذ البداية مغادرة المنطقة الدولية للعبور، بعد تعطيل الرحلات الجوية، والإذن له قضائيا بمغادرة هذه المنطقة بالمطار، والإقامة في فندق، مع احترام جميع التدابير إلى حين استئناف الطائرات لرحلاتها، وهو طلب يغلب فيه الطابع الإنساني والاجتماعي. وعاب المحللون أنفسهم قرار محكمة الاستئناف، حين اعتمد في تعليله قرار الحظر الجوي، معتبرا إياه قرارا سياديا بامتياز، للطعن في الأمر الابتدائي وإلغائه، واستفاضوا في تفسير القرار السيادي وتمييزه عنى باقي القرارات التي تصدرها الإدارة، بل اعتبر أحدهم أن وصف قرار بالسيادي ينبغي أن يؤسس على المفهوم الدقيق له، لا أن يكون وصفا لحال، فكل قرار لا شك يعبر عن سيادة الدولة من زاوية أنها مالكة لزمام قرارها مستقلة في تحديد مصلحتها واتخاذ ما يجنبها أي ضرر ويجلب لها أي مصلحة. والقرارات الصادرة عن الدولة بمختلف إداراتها تخضع للرقابة القضائية، وهي قاعدة يقررها الدستور، أما تلك التي تتجاوز الطابع الإداري و التنظيمي فهي وحدها مستثناة من هذه الرقابة من قبيل تلك التي تصدرها السلطات العليا بوصفها سلطة حكم وليس سلطة إدارة، في موضوع يهم علاقة السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعية أو العلاقات الدولية والدبلوماسية، من قبيل الدعوة إلى الانتخاب أو إيداع مشروع قانون بالبرلمان أو حل البرلمان أو قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة ما، وغيرها من القرارات التي تعبر فعلا عن سيادة الدولة، وهي المحصنة والتي تخرج عن رقابة القضاء الإداري، وفق ما استقر عليه الاجتهاد. وذهب إلى أن قرار الحظر الجوي صادر عن وزارة الخارجية، في 13 مارس، أي قبل إقرار قانون الطوارئ الصحية، أي أنه لا يمكن تطبيقه لسبب عدم رجعية القوانين، ناهيك عن أن الأمر الاستعجالي الابتدائي، لم يكن أصلا يناقش الحظر الجوي وإمكانية خرقه بحكم إداري، بل كان عكس ذلك، بت في طلب إنساني، يتعلق بوجود مواطن أجنبي عالق بمطار محمد الخامس لأيام. ورغم أن الأمر الابتدائي اعتبر في تعليله على أن القانون المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمغرب لم يتطرق لفرضية تناسب الوضعية الاستثنائية الحالية، بما في ذلك حالة بقاء المسافرين العابرين لمطارات المملكة عالقين بالمطارات المغربية نتيجة أي منع اضطراري للطيران كما في نازلة الحال، فإنه لا يوجد ما يمنع قاضي المستعجلات من التدخل، "في إطار القواعد العامة و مبادئ العدالة بمفهومها الواسع"، لرفع أي ضرر، و "تحقيق دوره الإيجابي في حماية الحريات العامة للأفراد ومراكزهم القانونية"، إلا أن مناقشة القانون نفسه في مرحلة الاستئناف أغلقت الباب عن سكوت المشرع عن الحالة المعروضة أمامها، وكونت قناعتها على استحالة الاستجابة للطلب، ما دفع إلى التصدي للأمر الابتدائي وإلغائه. ويظهر أن التحجج بخرق مقتضيات القانون المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة وبالهجرة غير الشرعية، الذي يفرض ضرورة التوفر على السند المشروع (التأشيرة) لولوج التراب الوطني، تدحضه الاستثناءات التي سجلت بالمملكة، لمراعاة الجانب الإنساني والاجتماعي والكرامة، والتي بموجبها تمت تسوية الوضعية القانونية لعدد من المهاجرين غير الشرعيين الموجودين بالمغرب من مختلف الجنسيات، وهي الاستثناءات نفسها التي روعيت في الأمر الابتدائي الصادر عن المحكمة الإدارية بالبيضاء. أما التساؤل العريض الذي طرح في قرار محكمة الاستئناف، فهو التصريح برفض الطلب بدل عدم القبول، والصيغتان مختلفتان من حيث تجلياتهما وآثارهما، فإن كان الحق المطلوب غير مشروع لخرقه قرارا سياديا بامتياز، لماذا لم يتم النطق بعدم القبول؟ المصطفى صفر

“حكم” إداري قسم فقهاء القانون

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ألغام استخباراتية في غضبة المحامين

الداودية أفضل فنانة مغاربية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات