نحو رفع تدريجي لحالة الحجر الصحي بالمغرب؟

لا أحد يملك تصورا واضحا لمجريات جائحة كوفيد 19سوى تلك التطورات اليومية لعدد الضحايا والوفيات وحالات الشفاء،لكن لا بد من التنويه باليقظة الوبائية التي ساهمت في تقليل الازمة وانتشار الجائحة كما جرى في العديد من الدول،لذلك يطرح التساؤل حول متى يتم رفع حالة الطوارئ الصحية بالمغرب؟ قبل التطرق الى السؤال المركزي لهذه المقالة لابد ان نعرج على دراسة هامة اخرجتها المندوبية السامية للتخطيط، وهي دراسة علمية بحثية امتزج فيها علم الاحصاء الرياضي بعلم الاوبئة ،حيث تطرقت الدراسة إلى مجموعة من السيناريوهات لتطور هذه الجائحة. فبالإضافة إلى السيناريو النظري لتطورها الطبيعي، استشرفت، أولا، السيناريو الاتجاهي الذي يفترض استمرار الوضعية الحالية للحجر، ثم مختلف السيناريوهات البديلة لرفع الحجر. وهكذا، فحسب السيناريو المسمى بالسيناريو "الاتجاهي"، فإن تمديد الوضعية الحالية للحجر سيفضي إلى عدد إجمالي للمصابين يناهز 7800 حالة عند بداية شهر يوليوز، فيما يفترض أن يبلغ عدد المصابين النشطين، أي العدد الإجمالي للمصابين ناقص عدد المتعافين والوفيات، ذروته بحوالي 3200 حالة خلال شهر ماي. وتؤشر التقديرات، حسب الدالة الغاوسية) Fonction Guassienne (على توجه عدد المصابين النشطين نحو الانخفاض ليصل إلى حوالي 2000 حالة في 20 ماي وعلى انتشار ضعيف جدا للجائحة في شهر يوليوز. أما من وجهة نظر وبائية صرفة، في ظل عدم توفر اللقاح والمناعة الجماعية المكتسبة، فإن الوباء كوفيد-19 سيستمر في الانتشار مع احتمال الارتفاع في وتيرة تفشيه. ولهذا، دفعت الضرورات الاقتصادية والاجتماعي للتفكير في سيناريوهات رفع الحجر، لكن مع تقييم مخاطر عودة تفشي الجائحة ومستوى الضغط على النظام الصحي الوطني. ولذلك لم يستطع المغرب المجازفة برفع رفع الحجر في 20 ماي المعتمدة من طرف الفريق الذي انجز هذه ادراسة لغياب ضمانات حقيقية لمناعة تامة من هذا الفيروس، ولذلك اقترحت الدراسة إعداد سيناريوهين للرفع التدريجي للحجر. ويقدر عدد الإصابات النشيطة في هذا التاريخ بحوالي 2000 حالة. سيناريو"رفع محدود للحجر": ومن أجل إنعاش الاقتصاد، دون تعريض السكان ذوي خطر أكبر لحدوث مضاعفات للإصابة بهذا المرض، تم استشراف سيناريو يسمى "رفع محدود للحجر". ويفترض هذا السيناريو رفع الحجر عن السكان النشيطين المشتغلين الذين تقل أعمارهم عن 65 سنة ولا يعانون من مرض مزمن. وسيفضي هذا السيناريو إلى عدد إجمالي تراكمي يناهز 18.720 حالة مؤكدة في حوالي 3 أشهر (100 يوم)، بنفس الذروة التي سبق تسجيلها، أي بحوالي 3200 حالة إصابة نشيطة. وهذا ما سيولد حاجة قصوى تصل إلى 3200 سرير استشفائي (نسبة استشفاء 100٪ للمصابين النشطين وفقا للاستراتيجية الوطنية) و 160 سريرا للإنعاش (5٪ من المصابين النشطين) وما سيؤدي إلى 748 حالة وفاة (4٪ من إجمالي المصابين سيناريو "رفع الحجر الواسع" افترضت الدراسة ان هذا السيناريو المسمى "رفع الحجر الواسع" عن السكان النشيطين المشتغلين الذين تقل أعمارهم عن 65 سنة وعن السكان الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة، الذين لا يعانون من مرض مزمن. هذا الخيار يهدف إلى فتح الاقتصاد والعودة التدريجية للأنشطة الاجتماعية. وتشير عملية المحاكاة إلى 31.663 حالة إيجابية مؤكدة في حوالي 3 شهور (100 يوم) مع ذروة تصل إلى 3200 حالة إصابة نشطية. وهو ما سيسفر عن حاجة قصوى إلى 3200 سرير استشفائي (نسبة استشفاء100 ٪) و160 سريرا للإنعاش (5٪ من المصابين النشطين) وعن 1266 حالة وفاة (4 ٪ من إجمالي المصابين. وتبقى هاته الفرضية غير مشجعة لعدم قدرةالفاعل الاساسي للمغامرة في هذا الامر،واذي قد تكون له نتائج كارثية في الواقع. سيناريو "رفع الحجر الكلي" ترى الدراسة ان هذا الخيار من شأنه ان تزداد فيه عدد حالات المخالطة في اليوم مع الأشخاص المصابين بما فيهم الأشخاص غير حاملين للأعراض، مما سيرفع عدد التكاثر الأساسي (R0) إلى ما فوق 1، حيث يصعب معه السيطرة على الوباء، فيؤدي إلى نتائج شبيهة بتلك الناجمة عن ما يسمى بالسيناريو النظري للتطور الطبيعي للجائحة. ومن أجل إبراز أهمية الاحترام التام للتدابير الاحترازية، تمت إعادة محاكاة نفس السيناريوهات ولكن، هذه المرة، مع فرضية، غير واردة، أن السكان سيتصرفون بنفس الطريقة السائدة قبل العلم بهذا الفيروس. وتبين النتائج أنه، في غضون حوالي ثلاثة أشهر، سيتضاعف العدد الإجمالي التراكمي للإصابات 8 مرات حتى لو تم العمل بسيناريو الرفع المحدود للحجر. لتخلص الدراسة انه يظل نجاح إجراءات رفع الحجر رهينا بسلوك المواطنين وبمدى التزامهم باحترام تدابير التباعد الجسدي والحماية الذاتية، موازاة مع السياسة الأساسية للاختبار والعزل والكشف المبكر لحالات الإصابة وعلاجها؟ هذا السؤال يدفعنا للتساؤل حول ماذا اعددنا لهذا الاجراء المصيري، كخطة شاملة للرفع الشامل لحالة الطوارئ بالمغرب،وماهي اهم السيناريوهات المحتملة في التعامل مع ازمة كورونا أمام تطور الاصابات ومدى قدرتنا في استيعاب ضحايا محتملين جدد في مرحلة مابعد المرحلة الثالثة من الحجر الصحي ولذلك سنسعى من خلال هذه الدراسة ان نضع اربعة مؤشرات دالة تكون مقياس للحديث عن رفع حالة الطوارئ بالمغرب، المؤشر الاول: الوصول الى درجة تسطيح المنحنى الخاص بفيروس كوورونا19 العديد من الأراء التي تناولت بالتحليل للوضعية الوبائية بالمغرب، اعتبرت التجربة المغربية في التصدي لفيروس كورونا، انها أفضل بكثير من تجارب الدول الأوروبية، وإذا كانت هذه الدول قررت تخفيف إجراءاتها الاحترازية، فالمغرب مؤهل لذلك أكثر منه، كما أن التمظهر الوبائي ببلدنا أصبح إيجابيا على الرغم من ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا، مبرزا أن العدد المسجل يوميا لحالات الإصابة بالفيروس يتجه نحو التثبيت، أي في اتجاه تسطيح المنحنى الخاص بحالات الإصابة، وإذا لم تظهر أي بؤرة أخرى في المغرب سيتجه بعد ذلك نحو النزول. كما أن معدل الحالات التي تتماثل للشفاء في المغرب اليوم، جد إيجابي حيث وصل إلى 33 في المائة، مفيدا أنه أكبر من المعدل العالمي الذي يتراوح ما بين 31,5 و 31,6 في المائة . ولذلك يبقى خيار إبطاء انتشارهذا الفيروس على الأقل أمر مهم جدا وهو ما يعرف بوقف صعود المنحنى أو تسطيح المنحنى والهدف من هذا التسطيح هو دفعي المنحنى للاستقرار وذلك بتقليل أعداد الإصابات اليومية حتى يستطيع القطاع الصحي التعامل معها بمرور الوقت وتصبح من الأهمية بمكان للتقليل من أضرار الفيروس قدر الإمكان فإذا شعرت أن بعض الإجراءات كالحجر لم تستطع منع الفيروس من الانتشار كليا فهذا صحيح لأن الغاية من هذه الإجراءات هو ضبط انتشار الفيروس عبر الوقت والقدرة على التعامل مع آثاره ريثما يتم العثور على علاج له. فالتحكم في هذا المنحنى مسألة اساسية لتغيير خيار الرفع من عدمه ،لأنها تجسد اساسا في اليقظة الوبائية مع فيروس ينتشر بسرعة ويفاجئ الجميع في كل لحظة. وفي ظل الانتشار الواسع للفيروس ووجوده في العديد من الدول والمدن ،لم يعد من الممكن ايقافه، ولذلك فالمعركة الان هي معركة الوقت للتمكن من السيطرة على الوضع الحالي وذلك عن طريق فكرة تسطيح المنحنى الذي اصبحت استراتيجية عالمية نهجتها العديد من الدول في مواجهتها لكوفيد19.والتي ماهي الا هي الا نهج بديل ،فبدل ان تحدث اصابات كثيرة في وقت قصير، يمكن ابطاء انتشار الفيروس وتخفيض عدد الاصابات عبر الوقاية المتاحة ومن ناحية اخرى يجب ادراك أمرهام يتعلق بموضوع تسطيح المنحنى: المعركة ضد فيروس كورونا في الوقت الحالي هي معركة وقت، وهذالايقتصر فقط على تزويد المستشفيات بالوقت اللازم لاستيعاب ومعالجة كل المرضى، بل ايضا كسب الوقت اللازم لتصنيع عقار أولقاح ضد الفيروس، المؤشر الثاني :التوفر على استراتيجية واضحة للرفع التدريجي لحالة الحجر الصحي: لحد الساعة فان الحكومة لم تقدم خطتها الواضحة في الرفع التدريجي لهذا الحجر، حتى تكتمل الصورة عند جميع القطاعات ،لكن ما يلاحظ هو ان القطاع الذي اخد زمام الامور هو قطاع الداخلية، خاصة في مجال التدبير اليومي لحالة الحظر رفقة قطاع الصحة، مما يجعل التعجيل الحكومة بوضع مخطط تفصيلي واضح لرفع الحظر على القطاعات الاكثر تأثيرا لخلق توازن اقتصادي ينقد اقتصاد الدولة من الازمة ، حيث اشارتقدير المندوبية السامية للتخطيط على رصد الآثار الاقتصادية والاجتماعية للأزمة الناتجة عن انتشار وباء كوفيد-19 على الاقتصاد الوطني، حيث قامت المندوبية بإنجاز بحث نوعي لدى المقاولات المنظمة بهدف تقييم الأثر المباشر لهذه الأزمة على وضعية المقاولات بالمغرب. تم إجراء هذا البحث خلال الفترة الممتدة من 1 إلى 3 أبريل 2020 عبر الاتصال هاتفيا بعينة ضمت 4000 مقاولة منظمة تعمل في قطاعات الصناعة التحويلية والبناء والطاقة والمعادن والصيد البحري والتجارة والخدمات التجارية الغير مالية. وحسب ما اعلنته المندوبية في بداية شهر أبريل، صرحت ما يقارب 142000 مقاولة أي ما يعادل 57٪ من مجموع المقاولات ، وأنها أوقفت نشاطها بشكل مؤقت أودائم، حيث أن أزيد من 135000 مقاولة اضطرت إلى تعليق أنشطتها مؤقتا، بينما أقفلت 6300 مقاولة بصفة نهائية. حسب الفئة، فإن نسبة المقاولات التي أوقفت نشاطها بصفة مؤقتة او دائمة تشمل 72٪ من المقاولات الصغيرة جدا و26 ٪ من المقاولات الصغرى والمتوسطة و2٪ من المقاولات الكبرى ، كما ان قطاع التعليم بأبعاده الاجتماعية تم اخراج مجموعة من القرارات التي اتسمت بنوع من السرعة، حيث ان عملية التعليم عن بعد لم يستفد منها جميع التلاميذ وخاصة في العالم القروي، مما سيؤثر في تكافئ الفرص بين التلاميذ وخاصة المستويات الاشهادية. ولذلك يبقى هاجس التوفر على استراتيجية واضحة هدفها العام هو التحول التدريجي الى الوضع العادي بعد اعلان حالة الطوارئ الصحية، والهدف الاجرائي الاول هوالقدرة على المواجهة التلقائية للضحايا المحتملين بكثرة للمصابين وناقلي العدوى،حيث ان القطاعات التي قد تشكل بؤرا وبائية تحتاج الى التريث في انطلاقها اذا لم تكن تتوفر على يقظة وبائية وتدخل صحي حاسم. والهدف الثاني هو تدبير اثار الجائحة على القطاعات المتضررة والاستثمارات وقطاع الخدمات ومجموعة من القطاعات التي كانت شبه مشلولة بسبب الجائحة. الهدف الثالث التوفر على رؤية مستقبلية للتعامل مع الازمات المشابهة وما يعجل بتنفيذ التحول التام الى الخدمات الرقمية ،وتقليص الفجوات الجهوية، واشراك الجماعات الترابية بشكل واضح في تدبير الازمات. المؤشر الثالث: التوصل الى لقاح مضاد لكورونا 19 يعمل الباحثون بمنتهى السرعة لفهم الفيروس وتطوير لقاحات وأدوية وتكنولوجيات أخرى وبتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، وستساعد إتاحة أدوات مكافحة كوفيد-19 (‏ACT‏) الجهود على عدة جبهات لضمان تزوّدنا بعلاجات ولقاحات مأمونة ‏وناجعة وميسورة التكلفة في أقصر وقت ممكن.‏ وتعزز هذه الأدوات الأمل في التغلب على جائحة كوفيد-19 إلا أنها لن تضع حداً لهذه الجائحة إن لم نتمكن من ضمان ‏الإنصاف في إتاحتها.‏وهذا ماجاؤ في تصريح للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية يوم 15ماي المنصرم وفي ظل هذه الظروف غير العادية، لا بد لنا من إطلاق العنان لكامل طاقة العلوم حتى تتمخض عن ابتكارات قابلة ‏للتطور يمكن استخدامها وتعود بالفائدة على الجميع في كل مكان وفي الوقت نفسه.‏ ويبرز في كلمته ان من الأساسي التضامن داخل البلدان وبين البلدان والقطاع الخاص إذا أردنا التغلب على هذه الفترة العصيبة.‏وقد آن الأوان ليجتمع القادة المسؤولون من أجل وضع سياسة جديدة للإتاحة الشاملة وأداة تشغيلية تجسد في الواقع النوايا ‏الحسنة العديدة المعبر عنها في الأسابيع الأخيرة.‏ ونشهد بعض الأمثلة الجيدة على شركات تعتمد نُهجاً تضامنية من تطبيق الترخيص المفتوح وتوفير الدعم إلى نقل ‏التكنولوجيا عن طريق الشراكة الجديدة من أجل إتاحة التكنولوجيا والالتزام بعدم رفع الأسعار في أوقات الشح.‏ وتعترف المنظمة بالجهود والمبادرات الواسعة النطاق الرامية إلى حفز الابتكار بضمان الإتاحة الشاملة في الوقت ذاته. ‏وهذه مواضيع مهمة ستتناولها جمعية الصحة العالمية في الأسبوع القادم.‏ وفي مستهل الجائحة طلب مني الرئيس ألفارادو إنشاء مستودع للتكنولوجيات الصحية الخاصة باللقاحات والأدوية ووسائل ‏التشخيص وأي أداة أخرى قد تكون فعالة لمكافحة مرض كوفيد-19.‏ وقبلت المنظمة هذا الاقتراح المتبصر الذي قدمه فخامة الرئيس ألفارادو وسوف تبدأ في الأسابيع القليلة القادمة تنفيذ منصة ‏مفتوحة وتعاونية لتقاسم المعارف والبيانات والملكية الفكرية المتصلة بالأدوات الصحية الراهنة والجديدة لمكافحة مرض ‏كوفيد-19.‏ ودون ان ننسى ان المغرب بدوره منخرط في بحث جاد حول التوصل الى اللقاحات المضادة لهذا الفيروس،شأنه شأن العديد من الدول التي تتسابق الى اخراج هذا اللقاح الذي سيكون بمثابة انتصار للانسانية ببعدها التضامني والكوني. رضوان بوسنينة: رئيس مؤسسة تراحم للدراسات والأبحاث الاسرية

نحو رفع تدريجي لحالة الحجر الصحي بالمغرب؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رفيق: كورونا يكشف عن خبايا الفن

تسجيل 25 حالة جديدة بالمملكة

مقالات ذات صلة