طبيب وصيادلة بالبيضاء يتاجرون في أجهزة العمليات

جراح يجري أكثر من 17 عملية للعيون يوميا ويوجه المرضى إلى أماكن محددة لشراء العدسات وإجراء التحليلات يتداعى ملف الاتجار في أجهزة عمليات جراحة العيون بالمركز الاستشفائي لمقاطعة مولاي رشيد بالبيضاء (مستشفى سيدي عثمان)، بعد توصل «الصباح» بوثائق وبيانات وشكايات من مواطنين وأطر طبية من المديرية الجهوية للبيضاء تتهم مسؤولين محليين وجهويين ومركزيين سابقين بالتواطؤ مع مافيا جراحة العيون التي يقودها، حسبهم، رئيس قسم الأذن والأنف والحنجرة والعيون، بينما ينفي الأخير جميع التهم الموجهة إليه، معتبرا الأمر مجرد رد فعل على حزمه الإداري مع عدد من الأطباء والممرضين بعد تسلمه إدارة المستشفى بالنيابة. وشبهت مصادر «الصباح» ما يجري بمستشفى سيدي عثمان بالفضيحة التي تسائل وزير الصحة وحكومة عبد الإله بنكيران واللجنة الوطنية لنظام المساعدة الطبية «راميد»، كما تستدعي من المفتشية العامة فتح تحقيق عاجل، واتخاذ ما يلزم من إجراءات في إطار مكافحة الفساد والمفسدين.وأجمعت المصادر نفسها على توجيه الاتهام إلى الدكتور عبد الفتاح عطوف، رئيس القسم، ومدير المستشفى بالنيابة، بعد وفاة المدير السابق، ورئيس القطب الطبي، ورئيس قسم الجراحة، مؤكدة أن الأخير يقف خلف عمليات مشبوهة تتعلق بالاتجار في أجهزة ومواد العمليات الجراحية بالتواطؤ مع أصحاب صيدلية يوجد مقرها قرب المستشفى.وتوصلت «الصباح»، التي زارت المستشفى واستمعت إلى أطباء وتقنيين وممرضين ومرضى وصيادلة، بوثائق تفيد أن الطبيب المعني يجري ما بين 16 و17 عملية لزرع العدسة، أو إزالة «الجلالة» في يوم واحد، علما أن عدد العمليات الموصى به طبيا لا يتجاوز خمس عمليات في أبعد تقدير وفي ظروف استثنائية، علما أن بقسم الأنف والحنجرة والأذن والعيون أربعة أطباء تؤكد الوثائق نفسها أنهم يجرون ما بين عملية واثنتين فقط في الأسبوع.وعزا طبيب قريب من قسم العمليات الجراحية هذه الوفرة في العمليات إلى وجود عملية تجارية خفية يستفيد منها أكثر من طرف، ويدفع ثمنها مرضى مغلوب على أمرهم، أغلبهم من الشيوخ والعجزة الذين يبحثون عن بصيص نور بأي ثمن.وأكدت المصادر كيف أن رئيس قسم الأنف والحنجرة والأذن والعيون يتوفر على لائحة طويلة من المرضى، قادمين من عدة مقاطعات بالبيضاء والمدن المجاورة، «يربطهم» بمواعد محددة دون تأخير أو تباطؤ، بمقابل وصفة دواء وأجهزة طبية من قبيل العدسة وخيط الجراحة ومحلول العين والسكين ومرهمات وضمادات يفترض أن يتوجهوا إلى صيدلية معينة لجلبها، كما يفترض أن يتجهوا إلى مختبر بعينه لإجراء التحليلات والصور الراديوغرافية، يكتب اسمه وعنوانه خلف الوصفة. قالت المصادر إن بعض المرضى حاولوا اقتناء أجهزة طبية من محلات أخرى، بالمواصفات نفسها، قبل أن يواجهوا برفض الطبيب الذي يطلب منهم إعادتها إلى أصحابها وإعادة شرائها من محل آخر.وقال صيدلي غير بعيد عن المستشفى لـ»الصباح» إن صاحب الصيدلية قرر، منذ ثلاث سنوات، التخلي عن بيع وشراء الأجهزة الطبية الخاصة بجراحة العيون مثل العدسات والشبكيات والمحاليل والسكاكين الصغيرة والخيوط، مؤكدا «أن الطبيب المعني يرفض أي منتوج قادم من الصيدلية ويطلب من المرضى إعادته إلينا».وقالت المصادر نفسها إن الطبيب المعني يجري أكثر من عملية بالعلبة الطبية نفسها ويمكن أن يستعمل الخيط نفسه في عمليات جراحية متعددة، ما يتنافى مع الأبجديات الصحية الأولى في التعقيم والحرص على عدم نقل العدوى إلى مرضى آخرين.وقال هؤلاء إن الطبيب المعني يستفيد من هامش الأجهزة الطبية التي تفيض عن العمليات الجراحية، قبل أن يقوم بتجميعها وإعادتها إلى الصيدلية نفسها وليعاد بيعها لمرضى آخرين بالأسعار نفسها التي قد تصل إلى 1300 درهم للوصفة الطبية، بينما لا يتراوح مجموع سعرها في محلات أخرى 800 درهم.أخطر من ذلك، يقول مصدر من مندوبية مولاي رشيد، إن عمليات الاتجار في الأجهزة الطبية تتعارض مع توجيهات جلالة الملك الذي أوصى بمجانية العلاج بالنسبة إلى الفئات المعوزة، مؤكدا أن المستفيدين من نظام «راميد» يعفون من شراء الأدوية والأجهزة الطبية التي تمنح بالمجان في المستشفيات العمومية، علما أن وزارة الصحة تخصص ما يناهز 6 ملايين درهم سنويا لهذا الغرض.من جانبه، قال عبد الفتاح عطوف، رئيس قسم الأنف والحنجرة والأذن والعيون، والمتهم الأول في ملف «الاتجار في أجهزة عمليات جراحة العيون بمستشفى سيدي عثمان»، إن بعض الأشخاص المعروفين يتداولون كلاما لا يمت إلى الواقع بصلة، و»هم يضغطون منذ سنتين بهذا الملف الفارغ لأغراض أخرى تتعلق برد فعلهم عن الحزم الإداري الذي أدير به المستشفى وعدم سماحي بالتسيب والفوضى والغيابات وظاهرة الموظفين الأشباح والاغتناء على حساب الوظيفة العمومية».وقال عطوف، في اتصال مع «الصباح»، إن مندوبية الصحة بعثت لجنتين للتحقيق في هذا الموضوع بناء على شكايات توصلت بها، ولم تنته إلى أي شيء يذكر، مؤكدا أن واجبه المهني وضميره يفرضان عليه العمل بكفاءة وإخلاص لإجراء أكبر قدر من العمليات الجراحية لمواطنين يحتاجون إلى ذلك»، موضحا أن العمليات التي يقوم بها كل أسبوع لا تتعلق جميعها بزرع العدسة، بل عمليات أخرى عادية لا تتطلب سوى دقائق، مثل إزالة ما يسمى بـ»الشعيرة»، مؤكدا أنه لا يتحمل مسؤولية أطباء لا يريدون إجراء عمليات، «بينما أستطيع بكفاءتي القيام بذلك».وأكد عطوف أن «ما ينسب لي حول الاتجار في الأجهزة الطبية أو التلاعب في العمليات الجراحية واستعمال العلبة الطبية نفسها لا يمكن أن يقبله العقل، علما أن عمليات دقيقة من هذا النوع تتطلب نوعا من الأجهزة بمواصفات معينة توجد صيدليات معينة تستطيع توفيره، ولا يعني ذلك أن لي علاقة من أي نوع مع هذه الجهات». يوسف الساكت

طبيب وصيادلة بالبيضاء يتاجرون في أجهزة العمليات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحكومة ترفض إصدار المخطط التشريعي تحت الضغط

شباب الحسيمة يستعد للإياب بمواجهة المولودية والاتحاد الإسلامي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات