ثورة الأودية بسبب إهمالها وتلطيخ سمعتها

قادت "مسيرات" مائية لإغراق المدن وقطع الطرقات وقتل قطعان الماشية فقدت أودية المغرب صوابها، ومستها لعنة الاحتجاج، فثارت لتزحف على الأخضر واليابس، واستشاطت غضبا لقطع الطرقات واجتياح المدن وقتل قطعان الماشية. فطنت الأودية إلى أن الأمطار الأخيرة وسيلة لإسماع صوتها، بعد أن طال الإهمال أغلبها، ونسيها المسؤولون، حين كدرت ماءها الصافي أطنان النفايات، واحتضن مجراها صبيب قنوات الصرف الصحي، دون أن يفكر أحد في ردع المعتدين، فكيف لها أن تصمت أمام هدر كرامتها طيلة سنوات؟ ولم لا تحتج بدورها لتنبه المعتدين إلى سوء أعمالهم.وتزعم وادي بوسكورة الحركة الاحتجاجية للأودية، فقض مضجع سكان الدار البيضاء، التي عاشت بعض مناطقها في المدينة لحظات صعبة، بل ألح الوادي على الانتقام، فزحف ماؤه على الأحياء السكنية قرب طريق الجديدة، مثل حي النسيم والكليات والدور السكنية التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط، والأحياء المجاورة له، وهدد بفيضان لا مثيل له، يغرق كل الأحياء، فقد ضاق ذرعا باستقبال الأزبال ومخلفات البناء، وعزم على تغيير مجراه في اتجاه أحياء ومناطق سكنية أخرى. وراسل وادي بوسكورة زملاءه في كل المناطق من أجل إعلان الثورة، فاستجابوا له طواعية، إذ ملوا من الإهمال واللامبالاة، ولبى وادي "سيدي ياسين" النداء بسرعة، وقطع الطريق الوطنية رقم 1 الرابطة بين الصويرة وأكادير، وسخر من مجهودات عناصر بالمديرية الإقليمية للتجهيز والنقل بموغادور، التي عانت من أجل إعادة فتح الطريق في وجه حركة السير.وفي بني ملال، ثار وادي «الحندق» في وجه الجميع، وأقسم على الوفاء بالعهد الأبدي، فعاش سكان المنطقة الغربية للمدينة في رعب يترقبون فيضانه، وهم يلمحون جبروته بعد أن غطت المياه القناطر، وامتدت إلى الشوارع والأحياء، فولج الأكواخ وغطى أغلبها، خاصة تلك المجاورة لضفته، وتجاوز علو المياه 50 سنتمترا، حينها فر السكان خائفين من بطش الوادي الذي اشتهر بهدوئه لسنوات، حتى أن بعضهم قضى الليلة في العراء في انتظار عفو الأودية.وابتلع وادي غاضب بوجدة الأثاث والأجهزة المنزلية أمام ذهول الضحايا المتضررين من هول الكارثة، وانتبه بعضهم، فجأة، إلى جبروت واديي «المير علي» و«لمحرشي»، بعدما اعتقدوا أنهما في عداد الموتى.وتحالف البحر مع الأودية للانتقام من لامبالاة المسؤولين، إذ عاشت مدينة الصويرة ليالي من الرعب بعد تراكم مياه الأمطار جراء اندثار البنيات التحتية الخاصة بالتطهير السائل، مقابل سخاء التساقطات المطرية وارتفاع منسوب مياه البحر بشكل استثنائي ضاعف قوة مدها تدفق مياه واد «القصب» الجارفة والمحملة بالأشجار والأحجار والحيوانات النافقة.واستعادت عشرات الأودية حيويتها بعد 30 سنة من الخمول، فلبت نداء الثورة، وقادت مسيرات «مائية» في اتجاه باقي المدن، وخلفت فيضاناتها مقتل العشرات، وتشريد مئات العائلات، ولم ينتبه أحد إلى أن الثورة رسالة مشفرة تدعو المسؤولين إلى الاهتمام بأوديتهم التي أقسمت على الانتقام من كل من يلوث كرامتها. خالد العطاوي

ثورة الأودية بسبب إهمالها وتلطيخ سمعتها

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عروض استثنائية بأكادير لجلب السياح

لقاءات سرية لتليين موقف بوليساريو

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات