لا يـجـوز مــتابعة أي شخـص مـشـتبه فــيه أو مــتـهم دون تــوافـــر قــــرائـــن ودلائــــل بقلم: ذ/عبد المجيد خشيع * فـي بـداية المشوار المـهـني مــنذ 40 سنة لــم أكــن أسـمع شــيئــا عــــن المـساطـــر المرجعــية، أو مــــا يـطــلـــق عـلــيها في بعــض الأحــيان الإســـناديـــــة. واعـتبــارا لـظــروف خاصـة مـــرّ بـــها الـقــضاء المغــربي، خـاصة فـي ظـــل الجـنح المتعـلــقــة بالمخدرات، والـتي يجـد فـيها الـقـضاء بعـض الـتصـريحات الـمضمـنة فــي محاضـر الــضابطــة القـضــائـية، والــتي تتضمــن وقــائع وأحــداثا وتصريحات صادرة عــن مـتهــمـين يــنـســبون مــن خــلالها فعلا جــرمـــيا أو جـــزءا مــنه لــشخـص آخـــــــــــــــر. بدأت الــنيــابــات الــعامة في مــتابعـة كــل شخـص تـمـت الإشارة إلــيه فــي هـــاته الــمحاضــــــر. وبعــد ذلـك وأمـــام الــقـضــاء الجــنحي طـالـب الـدفـــاع عــبر سـنوات بعــدم الاعــتمـاد عــلى هــاته المسـاطـر الــمرجعــية، لـــما لـها مــن خـطـــر عـــلــى حــريــة أشـخاص أبــريــاء، ذكــروا فـقـط لأســباب تـرجع بالأساس إلى تـصـريـحات مـتهـمـين آخـريـن، ودون أي سند قانوني..../... وكانـت المحاكـم تـصـر عـلى تـطـبيــق وتـفعــيل مـقـتضـيات المـساطــر المــرجعــية. الأكـيد أن الإثبات في الـمادة الجنائية يـتسـم بالحـريـة، بـمعــنى أن الـنيابة الـعامة حـــرة في إثــبات الجــــرم بــأي وسـيلــــة مـــن وســائـــل الإثبات. ومع المطالب العـــادلة للـــدفاع في المحاكـمة الــــعادلة، واعـــتبارهـا لـم تعــد مـطـلـــبــا حــقــوقــــيـــا بــــل أضـحــت حـــقــــا دســـتــــوريــــــا. إلا أن النيابة العامة في شخص رئـيسـها ، وفــي إطـــــار الاجــتهـــاد الـقــضائـي لـمؤسسة الــنيابـــــــــــة العامــة،اجتهـــدت وأخـرجـــــت إلى الــوجـــود مـنــشــــــــــــــور 15/10/2018 إلى الـــــــسادة الــــوكـــلاء العــــامـــين للـــــمـلك لــــدى مـــحاكـــم الاســــــــــــــتــئنــاف، والــسادة وكــلاء الـمـلك لــدى الـمحاكـم الابـتــدائــية حـــول مــوضــوع،تــــدبــيـــر الــمســاطــــر الـــمرجعــــية. هــــذا الـمـنـشـــور عــمــد إلى تــعـــزيــز قــريـنة الـــبراءة مــن خلال الضــوابـط المرســومــة بـــــــــه، عـــلى اعــتــبار أن شـــرعــية الإجراءات من شـرعــية الـمتـابعــة. وبـالــتالي لا يـجـوز مــتابعة أي شخـص مـشـتبه فــيه أو مــتـهم، دون تــوافـــر قــــرائـــن ودلائــــل حـــول إمكانية ارتـكـابه لـفـعــل مـوصــوف بالـتجـريــم، بــوضـع شخــص أمــام المتــابعـات الافــتراضــية، لأن الأصل بـمـوجـب الـمــادة 1 ق.م.ج كــل مـشــتـبه فــيه أو مــتهم بريء، والــذي ارتـقـــي بــه إلى مــبــدأ دســتــوري بعــــد أن كـــان مـجــرد نـص مـسـطــري لا غـــيــــر. وقـــد أعـــاد مــنشــور الــــــنيابـة العـــامة الــتوازن بــين الــقــواعــد الإجرائية، والــقـواعـد الموضوعـية،لأن ورود هـــويــة شـخص أو مـــواصـفــاتــه بـمـســطــرة تـتعــلـــق بـجـريــمة المخـدرات، لا يعــطي الأحقية فـي الـقــفـــز عـــلى قــواعـــد الـبــحـث والــتـقــصي المعـمــول بـــها للــتــأكـــد مــن جــديـتها مـــن عـــدمــــها. .../... وللــتاريـخ، فــإن مـنشـــور رئــيس الـــنيابة الــعامــة لـ2018، جـــاء جامعا مانــعــا لــكـــل تجاوز،حيث تم فــيه حث النــيابــات الــعامة بــمخـتــلــف درجــاتها على الــتقــــيــد ب 6 (ســتة) مـطالــب، نـظــرا لـما تـلعــبه في حــمايـة حـقــوق الأفراد وحــريــاتهم وصــيانة كــرامـتهم مـن جـهة، وحمايــة مــصالـح الـمجـتمـع، وزجـــــر الجــريـمة من جهة أخـرى، ولـتعـميم الـفائـدة أعـيد نــشــر هـــذا المنــشــور كـــالـــتالي: مــنـــــــشــــــور 15/10/2018 من رئيــــس الــــنيـــابـــة العــــــــامة إلى السادة الـــوكلاء العـــــامـين للـــمك لـــــــدى محاكــم الاسـتـئناف ووكـلاء الـمــلك بالمحاكم الابـــتدائـــــية. الموضوع: حول تدبير المساطر المرجعية سلام تام بوجود مولانا الامام وبــــعــد: علاقة بالموضوع المشار إلـــــيه،في إطــار تتــبع ســـيــر أداء الـــنيــابــــات الــــعامة بمختـلــف محـــاكم الممــلـكـة، لـــوحظ أن هــذه الأخيرة تتـوصـل بـمجموعــــة مــــن المحاضـر،الـمبنـية عـلى مـساطــر مـرجعـية فـي جــرائـم مـخـتـلـفة، وســيمــا فـــي قــضايــا المخــدرات، وهي المسـاطــر الـــتي أثــارت نـقــاشــا، قـانونيا ومجتمعيا، بالنظر إلى طابع الخطـورة الـذي تــكـتسـيه،فـضلا عــن اخـتلاف تـوجـهات الـنيابــات الـعامة بخصـوصها، فـمــنها مـــن يـعــمـــد إلى حـفــظ المـســطــــرة، ومـــنها مــن يــوجـــه الاتــــهام للمتــورطـين مع مـــتابعــتهم في حـالــة ســراح، ومنها من يعـمــد إلى المـطــالــبة بإجراء تحـقـــيــق مع مـلـتمــس الإيداع في السجـن، وهــنـاك اتــجــاه آخـــر يعـمــد إلى إيـــداع المـشـتبه فــيهم السجن وإحــالـتهم عـلى الـمحكمة فـي حـالـة اعـتــقـــال، وهــــو الأمر الــذي يــثــيـــر ردود أفـــعال مــتـبـانـية بخصـوص الـقــرارات الـمـتخــذة مـن قــبــل الـنيــابـات العــامة بهــذا الخصـوص، فـضلا عـما يــــثــار حــولها مـــن إشاعات بــشأن تعـرض الأشخاص للـضغـط والابــتــزاز مـــن قبل المـصـرحـين، مــن أجـــل الــتراجع عــن تـصـريـحاتهم مـقــابــل مـــبالـغ مــــالـية مـخـتـلـــفة. لأجــــــــلـــــــــــــه وتـفعــيلا للـدور الـــذي تـلعــبه الـنيابــة الـعامة في حــماية حــقـوق الأفراد وحــريـاتهم وصـيانة كــرامـتهم مــن جــهة، وحــماية مــصــالـح الـمجـتمع وزجــر الجـريـمة من جهـة أخــرى أطـلـب مــنكم مــايــلي: 1 - إيلاء المساطــر الـمرجعـية المزيــد من العــنايـة والـــدقة أثــنــاء إشرافكم عــلى مرحــلـة البحث التمهيدي،وخلال تـقــديـم الـمــشـتبه فــيهم، وتـتـبعها ودراستها بـكـيفـية شخصـية إن اقــتضـى الأمر، والحـرص عــلى الـتـطــبيــق السلـيم للــقانون بخصـوصها، والـقــيام بـكافـة التحـريـات الـلازمة للـتـثبت من حـقـيــقــة ارتـكــاب الأفعال الجـرمـية الـتي تتضـمـنها هــذه المـساطــر، بــما فـي ذلك إمكانية إخضاع المـشتبه فـيهم في قـضـايـا المخـدرات لأبـحـاث إضـافـية فـــــي مـــحـيطـهم الاجتماعي، والاستعانة بــأبحــاث تـكـمـيـلــية إن اقـتـضى الأمر للــتحـقــيـق مـــن صحـة الـمنسـوب إلــيهم، وكــذا اللــجوء إلى كــافة الإجراءات الـقـانونـية لـتعـمـيـق الأبحاث الجـنائـية، وإجراء الـمواجهات اللازمـة،وتـرتـيب الآثــار الـقانـونية عــليها. 2 - اسـتـنفــاد كـــافة الإجراءات الــقانـونية الـضروريــة في مـرحـلة الـبحـث الجـنائي، وتعــمـيقـــه بالـشكــل الــذي يـخــدم الـوصـول للحـقـيقــة، خــاصة إجراء المواجهة بين مصــرح المـسـطــرة المــرجعــية والـمشـتبــه فـــيه، وإمكانية الأمر بـتقــديمهما مــعا أمــامـكم،للـوقـوف عـلى صحة ادعـاءات كــل طــرف وتـرتــيب الآثار الـقــانونية عــلى ذلك. .../... 3 - اتـخاذ الـقـرارات الـمنـاسـبة بخصـوص الـمحاضـر الـمبـنيـة عـلى مـساطــر مرجعـية، حـسب كــل حالــة عــلى حــدة ،عــلى ضــوء مــا تـسـفــــــر عـــنه الأبحاث والتحريـات، مع إعـمال قـواعـد الإثبات المتعـارف عـــلــيها قــانونــا فــي قـــانون المسطـرة الجـنائية،وعـدم الــتردد فـي حفـظ الـمساطــر الـمرجعـية، إذا مــا أسـفـــرت إجراءات البحث الجـنائي والمواجهة،عـن تـراجع المصـرحين الـذيـن كـانوا ســببا فـي الـبحـث مع المشـتـبه فــيه، وغــياب قــرائــن أو وسائـــل إثبات تـــدل عـــلى تــورطــه فــي الـفــعـــل الجــرمـــي. 4 - تـفــادي إعـــمـال الإجراءات الـماسـة بالحـريــة، إلا في أضـيق الحــدود وبعــد تـوفــير وسائـــل الإثبات الكــافــية، وإمكانية اللـجوء إلى قـضاء الـتحـقـيـق بـصفـة اسـتثـنائـية، والتماس تـفعـيـل تـدابيــر المـراقـبة القضائية كــلما اقــتضى الأمر ذلك ،مع الحرص عـلى تقـديم ملتمـسات تتـناسب وظروف كل نازلة على حدة. 5 - مراعــاة مـــا قـــد يتعــرض لـــه الأشخاص مـن ضغـط وابـتــزاز مـــن قبل مــصـرحي الــمساطــر الــمرجـعــية، والــحـرص عـــلى فـــــتــح أبحاث بـــــــــــــهـــذا الخصــوص، واتخـــاذ الإجراءات الـــقانـونية الــلازمة بـكـل حــــزم وصـرامـة مـن أجـــل الـتحـقــق مـن مــثـــل هــــذه الادعــــــاءات. 6 - مــراجعة رئـاسة الــنيابـة العامـة بخـصـوص كــافـة الصعـوبات والإشكالات، الــتي يـمكـن أن تــثـــــــــــار في إطــار تـفعـيـل مـقـتضـيـات هـــذا المـنـشــور والـسلام. امضاء محمد عبد النباوي الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة .../... لـــــــــــــــكـــــــــــــــن مع ذلك هــل التزمت الـنيابـات العامة بهــذا المنشـور وهــل اسـتطـاعـت الـمحاكـم الـزجريـة أن تــأخــذ مــنه العــــــــــبرة؟. مما يــؤسـف لــه، ورغــم عـدم الـتـقـيــد في بـعض الـحالات مـن قبل الـنيابــة العامـة بهــذا المنشــور، وانـتـفــاء الـمطالـب الـمضمـنة فـيه، وعـدم إعمال قــواعـــد الإثبات الـمتعـارف عـلـيها،فــإن قـضـاء الـموضـوع أدان أخـيـرا شخـصا بــريــئا، رغـم أن شاهــد المـسـطــرة المــرجعـية،أدى الـيميـن الــقانـونـية وحـضـر الجـلـسة ونـفــى مـعـرفــته بالـمـتهم، بــل مــا يـوجـد في محضـر الضابطة القضائية هـو اسم شخصي دون أي اسـم عـائلي، وحكم على الـمـتهم الــبرئ 8 أشهـــر حـــبـــسا نـــافــــــذا، رغم أنه أثـــنـــاء تــوقــيفـه بـناء عـلى مـا تـمت تـسمـيتـه مـبحوثــا عــنه، لـم تـستـطـع الضابطـة القـضـائية حجــز أي غـــرام مــن مــخــدر الـــشيــرا، وأنــكــــر جـــملـــة وتــفــصيلا في جميع الـمراحـل، ولا وجـــود لأي إثبات. * محام بهيأة البيضاء