حبوب تقوية العضلات … الدواء القاتل

غياب إطار قانوني لترويجها يتيح بيعها في الأسواق والصالات دون رقيب واستعمالها المتكرر يهدد حياة الرياضيين لا يعتمد كمال الأجسام في بعض الحالات فقط على التمارين الرياضية، والانخراط في الجمعيات المتخصصة في هذه الرياضة، وإنما يلجأ البعض إلى أساليب أخرى من أجل تسريع نمو العضلات، وهي في أغلب الأحيان خطيرة على الجسم والصحة، مثل الأدوية المقوية. لا يقنن القانون المغربي، عكس الأوربي، ترويج بعض أنواع الأدوية التي تقوي العضلات بسرعة، وتساعدها على النمو، تزامنا مع التمارين الرياضية، وهو ما يتيح للبعض ترويجها في أسواق شعبية وفي صالات رياضية، غير أن المختصين والخبراء يحذرون من الإكثار في استعمالها. أنواع وأشكال يعتمد بناء العضلات على البروتينات، التي تغطي حاجيات الجسم لنمو أفضل وأسرع. ومن أجل ذلك ينصح بعض الأطباء بتغذية متوازنة، وتناول بعض الأطعمة المتكاملة، والتي تتوفر على البروتينات بشكل كبير، غير أن بعض الأشخاص لربما فهموا الموضوع بالطريقة الخطأ، وبدؤوا يعتمدون على أدوية وحبوب، مليئة بالبروتينات، لكن تضر الجسم بشكل كبير جدا. تضم هذه الأدوية مواد، تساعد العضلات على النمو وتمنحها قوة إضافية، ومن بينها الكرياتين، الذي هو كيمياء ينتجه الجسم طبيعيا، ولا يحتاج المرء لضخه عبر تناول بعض الأدوية، لأن ذلك يؤثر على توازنات الجسم بشكل خطير. يتناول البعض مثل هذه الأدوية، باعتبارها مكملا غذائيا، يمكنه المساعدة على نمو الجسم والعضلات، لكن، إذا كان الجسم ينتج كميات معقولة منه، فلا يجب الإكثار منه. بالإضافة إلى الكرياتين، هناك البروتينات، والتي يحتاجها الجسم كذلك من أجل النمو، بل أنه مكمل ضروري من أجل بناء العضلات. يمكن الحصول على بروتينات من خلال تتبع نظام غذائي طبيعي ومتوازن أيضا، لكن البعض يضخ كميات أكبر منه عن طريق تناول حبوب. لكن ما لا يعرفه هؤلاء، هو أن البروتينات أنواع، وأن هناك بعض الأدوية تضخ بروتينات الكازين وأخرى بروتينات الصويا والبروتينات الحيوانية. استهلاك كميات كبيرة من هذه الأنواع من البروتينات، لا يضر بالعضلة فقط، وإنما بكل الجسم. وفي السياق نفسه، تحتاج العضلات أيضا لحمض "أش إم بي"، وهو ما يمنحها القدرة على تحمل كميات كبيرة من البروتينات، وهو غالبا ما يتناوله هواة بناء الأجسام، من أجل تسريع بناء العضلات ومنحها قابلية لتقبل كميات كبيرة من الأدوية المقوية. يتناول هذا الحمض في الغالب، الأشخاص المبتدئون، والذين يريدون إعداد عضلاتهم لقوة تحمل أكبر، لم يكونوا متعودين عليها في السابق. وأخيرا، هناك أيضا الأحماض المشبعة، وهي أحماض توجد أصلا في البروتينات وينتجها الجسم أيضا، وهي ثلاثة، حمض الفالين وحمض ليسين وأيزولوسين. ما قلناه حول المواد المذكورة سلفا، ينطبق أيضا على هذه الأحماض، إذ أن الجسم عادة يفرز كميات مهمة منها، وأن ضخ كميات أكبر في الجسم عن طريق بعض الأدوية، يمكن أن يكون ضارا. سوق سوداء تنتشر أدوية تقوية العضلات في السوق السوداء بشكل كبير، إذ يعتقد هواة بناء الأجسام أن اقتناءها يزيد من نسبة البروتينات في الجسم، خاصة أنها تباع بأثمنة منخفضة، دون الحاجة لاستشارة الطبيب أو وصفة خاصة. ويلجأ بعض هؤلاء الأشخاص إلى هذا النوع من الأسواق، حتى في المدن الكبيرة مثل البيضاء، والتي توفر إمكانية اقتناء هذه الأدوية من أماكن معروفة مثل الصيدليات، شريطة التوفر على وصفة طبية، لأن بعضها يمكن أن يكون مضرا بالجسم. عاينت "الصباح" بعض هاته الأسواق، والتي تبيع هذه الأدوية في "فراشة"، وتكون موجودة بشكل خطير في الأسواق الشعبية المعروفة، مثل درب غلف، إذ لا يجد بعض هواة كمال الأجسام حرجا في اقتنائها، رغم علمهم بظروف بيعها المضرة بالصحة، بما أن بعضها مهرب ولا يخضع للمراقبة. وعلى غرار بعض الأسواق، فإن بعض صالات كمال الأجسام تلجأ إلى بيع بعض هذه الأدوية، بغية جني الأرباح المالية الكبيرة. ويعتبر هواة كمال الأجسام، أن بيع هذه الأدوية بهذه الطريقة، أكثر مصداقية من اقتنائها من أسواق شعبية، لكنهم يجهلون أنه لا فرق بين الاثنين، بما أن قاعات كمال الأجسام لا تعتبر موزعا للسلع، وإنما هي مقر جمعية، تقدم خدمة رياضية لا غير. في هذا الصدد، سبق لمنظمة الصحة العالمية، أن حذرت من اقتناء الأدوية المهربة، إذ أن 40 % منها لا تحتوي على "المادة الفعالة"، لأنها غير مضمونة الصلاحية، ناهيك عن ظروف التخزين غير الصحية، ويمكن أن تتسبب في أضرار للمستهلك، بما أن بعضها يكون مغشوشا ومزورا. وحسب المنظمة دائما، تبقى إفريقيا من بين القارات الأكثر تضررا من هذا النوع من الأدوية، خاصة كوت ديفوار والكامرون وكينيا، إلى جانب بعض دول آسيا. أدوية مهربة على غرار بعض الدول الإفريقية والآسيوية، فإن المغرب يعاني بدوره تهريب الأدوية إلى أراضيه، من دول الجوار وأخرى إفريقية. واعتبرت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة، في تقرير أعدته في 2018، على هامش المناظرة الوطنية الثانية للدواء والمواد الصحية، أن كميات مهمة من الأدوية المغشوشة وجدت طريقها للمملكة، تهدد صحة المستهلكين وحتى حياتهم، إذ ذكرت منافذ متعددة مثل سبتة ومليلية وبعض المناطق الشرقية، على الحدود مع الجزائر. وأكد التقرير نفسه أن هذه الأدوية أغلبها مغشوش، وتحضر بطرق خطيرة بعيدا عن أعين المسؤولين، بل فيها ما يتم تغيير مدة انتهاء صلاحيته ليعاد بيعه في السوق. وعلى اعتبار أن أدوية البروتينات من بين الأكثر طلبا في السوق، فإن مستهلكيها باتوا الأكثر عرضة للتسمم أو الضرر، بسبب المغشوش منها. فراغ قانوني يعتبر بيع الأدوية التي تمنح قوة أكبر للعضلات وتساعد على نموها السريع، غير مقنن بالمغرب، أي أنه بإمكان أي شخص الترويج لها في الأسواق وبالطريقة التي يشاء. في هذا الصدد يقول أبوبكر بوعريش، رئيس الفدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب، إن الفراغ القانوني أكبر مشكل بخصوص هذا النوع من الأدوية، والتي لا تتوفر عادة في الصيدليات. وأكد بوعريش في تصريح ل"الصباح"، أن أغلب هذه الأدوية تدخل من سبتة ومليلية ومن مناطق أخرى، ويتم بيعها في الأسواق وحتى في الصالات الرياضية، دون حرج، بما أن القانون لا يمنع ذلك. بالمقابل، هناك بعض الأدوية التي تدخل في عالم الرياضة ضمن "المنشطات"، متاحة في الصيدليات، لكن لا يجد الصيدلاني أي حجة لمنع ترويجها، بما أن الزبناء يأتون دائما بالوصفة الطبية. إعداد: العقيد درغام

حبوب تقوية العضلات … الدواء القاتل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أحياء دون مساجد

مقاولات البستنة تشكو الاحتكار

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات