أبيض: الحكومة تتغاضى عن مستجدات الأزمة

الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري أكد أن لا أحد يمكن أن ينكر المشروعية الانتخابية لحزبه أكد محمد أبيض، الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري، أن ليست هناك صعوبات ومشاكل تعترض التحضيرات للمؤتمر الوطني الخامس للحزب، مشيرا إلى أن تحديد تاريخ المؤتمر ليس من اختصاص الأمين العام، ولا حتى من اختصاص المكتب السياسي، ولكنه من اختصاص لجنته التحضيرية التي عليها أن تقترح تاريخا محددا تتم المصادقة عليه من طرف اللجنة الإدارية للحزب. وأضاف أبيض في حوار مع "الصباح" أن الاستعدادات لعقد هذه المحطة الهامة قطعت أشواطا متقدمة. وأبرز أن من ضمن رهانات المؤتمر فتح المجال لجيل جديد من المنخرطين الشباب التواق إلى العمل من أجل بناء مجتمع جديد، وجيل جديد أيضا من الطاقات النسائية الواعدة التي تسعى الى تحقيق المناصفة، وأخيرا لجيل جديد من المثقفين والفاعلين في مجال الفكر للانخراط في صياغة منظومة الفكر الحداثي المتطور والمتنور ومحاربة كل أشكال الظلامية والانغلاق. في ما يلي نص الحوار : تعيش الساحة السياسية على إيقاع مناقشة مشروع الميزانية برسم سنة 2013 ، ما هو رأيكم في هذا المشروع؟لابد، أولا، أن نذكر أن المشروع هو أول ميزانية لحكومة جديدة تنبثق عن الدستور الجديد، وهي حكومة لها صلاحيات واسعة واختصاصات غير مسبوقة، ورغم ذلك، فإننا من خلال قراءتنا الأولية له (المشروع)، لم نتلمس أي علامة من العلامات الدالة على أنها ميزانية ذات هوية مميزة. لا نجد في هذا المشروع ما يدل على أنها ميزانية صادرة عن أغلبية معينة بمكونات محددة لها شخصيتها السياسية ومنظورها الاجتماعي والاقتصادي ورؤيتها للمستقبل القريب والمتوسط. كل ما نلاحظه أننا أمام وجبة، أُعيد تسخينها (plat réchauffé). حتى البرنامج الحكومي يكاد يغيب في خطوطه العريضة عن هذه الميزانية لتندرج بكل بساطة في إطار الاستمرارية.بالطبع، نحن لا ننكر وجود عدد من القرارات في مشروع الميزانية، ولكنها قرارات تحتاج إلى نقاش، وعلى كل حال، فإن السؤال الذي يظل مطروحا هو هل هذه الميزانية تتجاوب مع إكراهات السياقات الاجتماعية والاقتصادية التنموية التي تُفرزها الأوضاع المتسارعة لعالم متحرك ولمحيط داخلي متفاعل بقوة وبسرعة مع الظروف العالمية؟نحن واعون بأن الظرفية العالمية تحمل تهديدا قويا لاقتصاديات البلدان بأجمعها، ولكننا نستغرب مرة أخرى لتغاضي الحكومة عن المعطى الحاضر بقوة. وعلى كل حال، فإن النقاش حول مشروع قانون المالية هو الذي سيُفرز اختلالاته ومختلف جوانبه الايجابية منها والسلبية. تطرح معضلة صندوق المقاصة إشكالا كبيرا بالنسبة إلى الميزانية الحالية؟ هل لديكم تصور لحلها، وكيف ترون مقاربة الحكومة في الموضوع؟بالفعل، فإن صندوق المقاصة، بلغ منذ عهد الحكومة السابقة مستويات لا تبعث على الارتياح. ووصلت نسبة المبالغ المرصودة لهذا الصندوق برسم سنة 2011 إلى 6 في المائة من الميزانية، وهو ما يعادل مقدار العجز، ما يعطي فكرة عن حتمية معالجة هذا الصندوق بما يحفظ للدولة مقدراتها، ويضمن لذوي الدخل المحدود قدرة شرائية محترمة، ويوقف مسلسل الهدر والنزيف للخزينة العامة التي أصبحت بمقتضى سياسة التدبير الحالي لصندوق المقاصة بمثابة البقرة الحلوب التي ينتفع منها الميسورون أكثر مما ينتفع منها الفقراء.فنحن لا ندعو إلى حذف هذا الصندوق، ولكن إلى سن سياسة تدبيرية ناجعة للموارد حتى تنتفع منها الفئة المستهدفة بالدرجة الأولى.بالطبع، الاتحاد الدستوري له منظور متكامل في هذا الموضوع، ينطلق من الارتباط الوثيق بين صندوق المقاصة والدعم المخصص للمواد النفطية وللغاز، لذلك فنحن ندعو إلى اعتماد ما نسميه بالنجاعة الطاقية التي تستدعي من جهة أن يلجأ مستهلكو الطاقة إلى استعمال الآليات الأقل استهلاكا للطاقة، ومن جهة أخرى اعتماد سياسة الأثمنة الواقعية في مراكز التزويد بالبنزين مع تمتيع أصحاب النقل العمومي ب"الثمن المدعم" شريطة اندماجهم الكلي والشامل في القطاع المنظم. أما بالنسبة إلى قنينة الغاز، فيمكن اعتماد مبدأ القنينة الاقتصادية المخصصة للفئات المستهدفة، كما كان الشأن عادة بالنسبة إلى السكر في بعض الأقاليم الجنوبية. هذه فقط نماذج من الإجراءات العملية التي من شأنها أن توقف النزيف التي أخذت تعرفه ميزانيات الدولة منذ السنوات الأخيرة. يظهر أن معالجة الوضع الاجتماعي تعرف صعوبات كبيرة، إذ أن الأمر لا يقتصر على صندوق المقاصة، بل هناك صندوق التقاعد، ما هو تصوركم للحل بالنسبة إلى هذا الصندوق؟صحيح أن صندوق التقاعد يعرف اختلالا كبيرا بفعل أسباب موضوعية وأخرى تدبيرية محضة، ولكن ما يهمنا اليوم ليس هو الوقوف عند هذه الأسباب حتى وإن كانت مهمة بالنسبة إلى تصحيح المسار مستقبلا، ولكنني أرى أن الأهم من ذلك أن نفسح المجال للبحث عن سبل جديدة ومبتكرة لاخراج هذا الصندوق من الضائقة التي يعيش فيها، خصوصا وأن منحنى ارتفاع شريحة المسنين والمتقاعدين في بلادنا مرشح للاستمرار في التصاعد خلال السنوات القادمة، حسب كل الدراسات التي تقوم بها المراكز المختصة.لذلك، فإننا نفكر داخل الاتحاد الدستوري في حلول جديدة، سنطرحها كاملة للنقاش، وهي مستوحاة من التوجه الليبرالي الاجتماعي الذي ينبني أساسا على ضمان الكرامة الكاملة للإنسان سواء أثناء المرحلة التي يكون فيها عاملا ومنتجا، أو خلال المرحلة التي يصبح فيها عاجزا عن العمل.وفي هذا الصدد، نتساءل لماذا لا نفكر في وضع جزء من الأراضي التابعة لسوجيطا وصوديا رهن اشارة هذا الصندوق لاستثمارها والانتفاع بمردوديتها لتمويل المعاشات؟هذا مقترح من بين المقترحات الممكن إدراجها ضمن البدائل التي يمكن أن نقترحها من موقعنا كمعارضة لحل مشكل اجتماعي خانق.إننا نرى مع الأسف الشديد أن الاهتمام بأوضاع المتقاعدين وصندوق التقاعد مايزال ضعيفا، إذ أنه لا يزال يُدرج خارج القطاعات ذات الاولوية، بل إن دعم السياسات العمومية في المجال الاجتماعي، خاصة في التعليم والصحة والسكن لا يخرج عن الطابع الترقيعي المحض. فالسياسات القطاعية في المجال الاجتماعي لا تزال تفتقر إلى الجودة والنجاعة والسعي إلى ملامسة الانشغالات الحقيقية والحاجيات الضرورية للمواطن المغربي. لذلك، فإننا نستغرب من الحكومة أنها تعتبر مجرد تخصيص رقم مهم داخل الميزانية لقطاع اجتماعي معين كاف، ليكون دليلا على اهتمامها بهذا القطاع، وهذا خطأ تدبيري كبير. لنعد الآن الى الأوضاع داخل حزبكم. فلم يحدد الحزب بعد تاريخ مؤتمره الوطني الخامس، رغم التحضيرات التي بدأت منذ فترة، هل هناك صعوبات أو إكراهات تعترض تحديد تاريخ المؤتمر؟أولا، لابد أن أوضح لكم أن تحديد تاريخ المؤتمر ليس من اختصاص الأمين العام ولا حتى من اختصاص المكتب السياسي، ولكنه من اختصاص اللجنة التحضيرية التي عليها أن تقترح تاريخا محددا تتم المصادقة عليه من طرف اللجنة الإدارية للحزب.هذا من حيث الاختصاص، أما من حيث المراحل والأشواط التي قطعناها، فيمكن أن أقول لكم أننا بدأنا بتشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر تفرعت عنها عدة لجن موضوعاتية تهم البرنامج والهوية والخطاب، وتهم القضايا القانونية والتنظيمية، والتواصل الحزبي، كما تهم التنظيمات الموازية والمنتديات الحزبية إلى غير ذلك .والجدير بالذكر أن هذه اللجان اختارت أن تشتغل وفق منهجية جديدة تعتمد على توسيع قاعدة التشاور والتحاور والنقاش، كما اعتمدت التنقل إلى الجهات والأقاليم لعرض النتائج واستقبال الملاحظات. وقد سبق لهذه اللجان أن عرضت على اللجنة الإدارية في اجتماعها الأخير بالقنيطرة نتائج أشغالها. وبعد مناقشة العروض المقدمة، أعطت مهلة جديدة لهذه اللجن لاستكمال عملها قبل عرضها بشكل نهائي.ولا يخفى عليكم ما لهذه المنهجية من إكراهات في ما يخص تدبير الزمن. ولقد تبين لنا من خلال العروض التي تقدم بها رؤساء اللجن الفرعية أمام المكتب السياسي أخيرا، أن الأشغال تقدمت بشكل ملموس يسمح باستدعاء اللجنة التحضيرية للبت في التقارير الصادرة عن مختلف اللجن، من جهة، وتحديد موعد المؤتمر من جهة ثانية. أما عن الشطر الثاني من سؤالكم المتعلق بالصعوبات أو الاكراهات التي يحتمل أن تكون سببا في عدم تحديد تاريخ المؤتمر، فإنني أقول لكم إن الإكراه الوحيد الذي يقف في وجهنا كمكتب سياسي، ولجنة تحضيرية هو أولا حرصنا جميعا على إنتاج مؤتمر يتلاءم مع مقتضيات الدستور الجديد، ومع روح الإصلاحات العميقة التي تعرفها بلادنا مع التطلعات الواسعة التي يعبر عنها الشغب المغربي كافة. اختلالات في تدبير الحكومة ما هو تقييمكم للتجربة الحكومية الحالية؟ يصعب علي، كما يصعب على كل متتبع نزيه، أن يجازف بتقديم تقييم موضوعي لعمل الحكومة بعد مضي سنة واحدة على بداية اشتغالها.كل ما يمكن قوله هو أن هذه السنة الأولى تميزت بسلوكات أترث بشكل سلبي على الساحة السياسية الوطنية، وعلى الانسجام الحكومي، ولاشك أنها أثرت بشكل أو بآخر على المردودية العامة للحكومة. فقد شاهدنا العديد من القرارات التي تبين فيما بعد أنها لا تحترم مقتضيات الدستور، وكما عشنا صراعات بين الوزراء داخل الحكومة، وتصريحات غير مسؤولة، وتراجعات عن قرارات اتخذت على عجل، ووقفنا على حالة خطيرة من الاختلال في تقييم حقيقة الوضع الاقتصادي والمالي، إذ أن الحكومة ظلت إلى عهد قريب تنكر وجود أزمة اقتصادية، رغم الأصوات العديدة، وعلى رأسها صوت الاتحاد الدستوري، الذي نبه إلى وجود بوادر حقيقية لأزمة اقتصادية في بلادنا، وذلك إبان مناقشة مشروع الميزانية السابقة لـ 2012 . فهذه كلها اختلالات تدبيرية لها مدلولها. أضف إلى ذلك أن هناك إجراءات عديدة لا تستوجب اللجوء إلى الميزانية كان على الحكومة أن تبادر إلى اتخاذها لإصلاح سير العديد من القطاعات، وتسيير جملة من الخدمات. مازلنا ضمن الأحزاب الكبرى عاش الحزب لفترة طويلة في المعارضة، ما هو تقييمكم لأدائه الحزب في المعارضة، وهل لديكم الاستعداد للدخول الى الحكومة إذا طلب منكم ذلك؟الاتحاد الدستوري حزب استكمل 15 سنة في المعارضة، وهي فترة طويلة لا يمكن أن يتحمل انعكاساتها التأطيرية وغيرها إلا الأحزاب التي تتوفر على المقومات الأساسية للحزب القوي بتوجهه الفكري وأطره العاملة ومناضليه المؤمنين بمبادئه وأفكاره. ولعل هذا هو ما جعل الاتحاد الدستوري يصمد في وجه كل المتغيرات، ويثبت بأنه حزب له جذوره وأصوله داخل المجتمع بمختلف فئاته.فاليوم لا يمكن لأحد أن ينكر على حزبنا مشروعيته الانتخابية، فنحن مازلنا من ضمن الأحزاب الكبرى، ونتائجنا في الانتخابات المتعاقبة تؤكد الدرجة المتصاعدة للتجاوب الشعبي معنا. وإذا كان لهذا من معنى، فإن معناه أننا نقوم بواجبنا على الوجه الأكمل من خلال موقعنا الحالي أي موقع المعارضة، سواء من خلال البرلمان أو من خلال المواقف التي نعبر عنها في بلاغاتنا السياسية أو المقالات المنشورة في جريدتنا.أما عن استعدادنا للدخول في الحكومة، فيمكنني أن أؤكد لكم أننا سبق أن اتخذنا قرارنا في ذلك، بعد فترة من التفكير والتأمل فرضتها علينا إكراهات السياق الجديد الذي أفرزته انتخابات 25 نونبر 2011. والموقف الذي اتخذناه نتحمل تبعاته كاملة. ونحن اليوم في المعارضة، لأن العناصر التي أنتجت الموقف الذي اتخذناه سابقا ما تزال قائمة، ولا داعي بالتالي لنغير من موقفنا ومن موقعنا ما دامت العناصر نفسها موجودة، وإذا حل حادث جديد، فلكل حادث حديث. الحديث عن "مشاكل داخلية" مبالغ فيه عاش الحزب على إيقاع مشاكل داخلية تتعلق بتدبير شؤونه وشؤون الجريدة الناطقة باسمه، هل تمت معالجة هذا الملف بشكل نهائي؟لعله من قبيل المبالغة الحديث عن "مشاكل داخلية" في الاتحاد الدستوري. فحزبنا كسائر الأحزاب السياسية فيه حياة وفيه تفاعل، ولكن ليس إلى حد الحديث عن مشاكل بالمعنى الذي يوحى به سؤالكم ، فالهياكل الحزبية تشتغل بانتظام، والفريق الدستوري بغرفتيه يعمل بروح عالية من الانضباط والانسجام، وقد عبر عن ذلك من خلال الاجتماع الموسع الذي جمعه بالمكتب السياسي خلال الأسبوع الماضي، والذي عرف حضور جميع أعضاء الفريقين دون استثناء، كما أن الجهات تشتغل أيضا، منها من عقدت مؤتمرها الجهوي ومنها من تتهيأ لذلك، والأمر نفسه بالنسبة إلى المنتديات. أما بخصوص الجريدة، فيمكن القول إن هذا الملف تمت معالجته بتعقل كبير من طرف المكتب السياسي، ونحن على وشك إغلاقه بشكل نهائي. نساهم في محاربة الظلامية والانغلاق ما هي الرهانات والانتظارات الكبرى المعلقة على المؤتمر الوطني المقبل للحزب؟أن يبلور، أولا وبكل وفاء، صحة مسار الاتحاد الدستوري ، وصواب توجهه في دفاعه عن القيم الليبرالية ذات البعد الإنساني والاجتماعي والتنموي، وعن كرامة المواطن المغربي، وعن حقوق الإنسان بكل أبعادها وتحلياتها.ثانيا، أن يفتح هذا المجال لجيل جديد من المنخرطين الشباب التواق إلى العمل من أجل بناء مجتمع جديد، وجيل جديد أيضا من الطاقات النسائية الواعدة التي تسعى الى تحقيق المناصفة، وأخيرا لجيل جديد من المثقفين والفاعلين في مجال الفكر، للانخراط في صياغة منظومة الفكر الحداثي المتطور والمتنور ومحاربة كل أشكال الظلامية والانغلاق. وثالثا ابتكار أساليب تأطير جديدة قادرة على توسيع قاعدة التأطير وجعله أكثر نجاعه وجاذبية، وذلك بالشكل الذي يغير نظرة الشباب إلى الانخراط في العمل السياسي والحزبي، لتصبح نظرة تقرن السياسة بالتنمية الذاتية والتطور المجتمعي ورفع مستوى الواقع اليومي للمواطن. أجرى الحوار: جمال بورفيسي

أبيض: الحكومة تتغاضى عن مستجدات الأزمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المعـارضة تتوحد لمواجهة الميزانية

جدل حول الاقتطاع من رواتب الوزراء المتغيبين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات