قـواعـد اللعـب والتلاعـب لن تتغير

الإعلامية فاطمة الإفريقي قالت إن مشكل التلفزيون في عدم مراقبة العملية الإنتاجية اعتبرت فاطمة الإفريقي أن تحويل الإذاعة والتلفزة المغربية إلى شركة وطنية حمل معه توجها جديدا قائما على انفتاح غير مسبوق على الإنتاج الخارجي، وفي المقابل تعطيل الكفاءات الداخلية للشركة. وأضافت الإعلامية المغربية أن المشكل ليس في الانفتاح على شركات تنفيذ الإنتاج بقدر ما يكمن في تكليف هذه الشركات بفقرات هي من اختصاص الإنتاج الداخلي، ما يساهم بشكل كبير في إثراء أرباب هذه الشركات دون أن يقدموا شيئا جديدا وجيدا للإعلام السمعي البصري. وتوقعت الإفريقي أن من المحتمل أن لا تأتي دفاتر التحملات الجديدة بالتغيير المنشود ما لم تتوفر إرادة عليا لدى المسؤولين بذلك. رغم أن للإنتاج الداخلي في الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة نصيب الأسد في الحصص الموزعة بينه وبين الإنتاج المشترك والإنتاج الخارجي الجاهز وفق دفاتر التحملات السابقة أو الحالية، إلا أنه يستشف من خلال كلام المنتجين الداخليين أنهم أكثر الفئات تهميشا، ما تفسير ذلك؟منذ أن تحولت الإذاعة والتلفزة المغربية إلى شركة وطنية، بدأت تظهر بوادر سياسة مقصودة وممنهجة لتمرير صفقات البرامج للمنتجين الخارجيين وتعطيل الكفاءات الداخلية، رغم أن أغلبهم أطر عليا ومتخصصة وتتقاضى أجورها من المال العمومي، وهذا، برأيي، يعكس فشل المسؤولين في حسن تدبير العنصر البشري وتماديهم المقصود في هدر المال العام مقابل برامج خارجية تمرر خارج مساطر الشفافية والاستحقاق ومراقبة شروط الجودة، في الوقت الذي يمكنهم ترشيد النفقات وتخفيض كلفة الإنتاج وتعزيز الشاشة ببرامج جيدة إذا ما تحقق التوازن بين الإنتاج الداخلي والخارجي وتم احترام مواد دفاتر التحملات. هل يمكن أن نتحدث عن «ترجيح» كفة الإنتاج المشترك وتنفيذ الإنتاج على حساب الإنتاج الداخلي وما سر هذا التوجه لدى مسؤولي الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة؟بصفتي مهنية في القطاع أتفهم ضرورة اللجوء للإنتاج الخارجي في بعض البرامج، وأعترف بأن الانفتاح على المقاولات السمعية البصرية يمكنه أن يساعد القنوات على تخفيف العبء اللوجستيكي والتقني والبشري الذي تتطلبه بعض الانتاجات الضخمة، لكن ما لا أفهمه هو أن تمرر للشركات صفقات برامج كالمجلات والبرامج الحوارية والكبسولات التربوية والتي يمكن أن تنجز داخليا بجودة أكثر وباحترام للخط التحريري ومبادئ الخدمة العمومية. لقد اطلعت على عدة تجارب لتلفزيونات عمومية عربية وفرنسية، وأغلبها ينتج برامجه الحوارية الإخبارية ومجلاته الثقافية والسياسية والتربوية بمنتجين داخليين لتقليل التكلفة ومراقبة هوية القناة واحترام الموضوعية والحياد والتعددية التي تنص عليها الأخلاقيات، فالإنتاج الخارجي في القنوات الدولية يخصص فقط للانتاجات الدرامية وبرامج المنوعات والمسابقات وتلفزيون الواقع، في التلفزيون المغربي، باستثناء الأخبار، كل البرامج يشرف عليها منتجون خارجيون مقابل ميزانيات ضخمة والذين يشغلون مبتدئين ومتدربين إما مجانا أو مقابل تعويضات هزيلة، والنتيجة أن المنتجين الخارجيين يزدادون ثراء بالأموال العمومية والتلفزيون يزداد فقرا على مستوى الجودة والمشاهدة والتنافسية. أما المشكل الأكبر فليس في منح البرامج لشركات الإنتاج، بل في غياب المتابعة لسير الانتاجات ومراقبة مدى احترامها لشروط الجودة، وأكثر من ذلك، فالتلفزيون بوصفه مؤسسة عمومية استراتيجية ليس له أي استراتيجية وليس هو من يخطط لنوع البرامج التي يريد، ويقدم طلب عروض للشركات الخارجية ويختار أحسن مشروع مستوف للشروط المهنية والقانونية، بل إن الشركات هي التي تقترح ما يحلو لها والمسؤولون يوافقون على من يحلو لهم من أصحاب الشركات وليس المشاريع في غياب أية رؤية وفي غياب مبادئ الشفافية والجودة ، والنتيجة هي ما نشاهد، شبكة برامج تعج بإنتاجات تبث عشوائيا وفي أوقات غير مفهومة، وكأنها تبث فقط لتبرير ميزانياتها أمام المراقبين الماليين وليتمكن المنتجون الخارجيون من أخذ الدفعات المالية الأخيرة لمشاريعهم الرديئة في أغلب الأحيان. هل من المحتمل أن تأتي دفاتر التحملات الجديدة بشيء يساهم في تقويم الوضع أم أن الأمور ستستمر على ما هو عليه؟ لقد حاولت دفاتر التحملات الجديدة ضبط شروط الشفافية والحكامة ومراقبة الجودة بفرض لجنة متخصصة لاختيار البرامج، وحاولت تخصيص نسبة واضحة للإنتاج الداخلي والخارجي والمشترك، كما أنها نصت على أن يشرف على البرامج السياسية منتجون داخليون، لكن ما تبع إخراج الدفاتر من معارك ونقاش يؤكد بأن قواعد اللعب والتلاعب لن تتغير. وأؤكد أن ما يحتاجه التلفزيون ليس دفاتر أو قوانين أو تعليمات مكتوبة، التلفزيون يحتاج لإرادة سياسية عليا ولمسؤولين يحملون مشروعا إعلاميا ويمتلكون الكفاءة والشجاعة والجرأة والاستقلالية من أجل التغيير وخدمة المشاهد. أجرى الحوار: عزيز المجدوب

قـواعـد اللعـب والتلاعـب لن تتغير

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إطلاق موقـع إلكتـروني لتعزيز الشفـافية

الحكامة ضحية معركة دفاتر التحملات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات