“بوليساريو” تبلغ مرحلة التدمير الذاتي

اجتماع مكتب الأمانة وبيان خارجية السلفادور يفضحان مأزق الجبهة بقلم: الفاضل الرقيبي اجتمع، الخميس الماضي، ما يسمى المكتب الدائم لأمانة "بوليساريو"، والذي جاء مباشرة بعد إعلان المجلس الدستوري الجزائري استحالة تنظيم انتخابات 4 يوليوز، مضاعفا بذلك حالة التخبط والضبابية التي تعيشها أمانة "بوليساريو"، والتي ما فتئت تؤجل الإعلان عن موعد عقد مؤتمرها الخامس عشر، أملا في اتضاح الرؤية في المشهد الجزائري الذي أرخى بظلاله على الوضع في المخيمات، وبعثر أوراق قيادة تراكم الإخفاقات داخليا وخارجيا. اجتماع مكتب الأمانة، الذي يندرج في إطار تطبيق مخرجات الاجتماعات الماراثونية التي عقدها الرجل الثاني في الجيش الجزائري، اللواء سعيد شنقريحة، مع قيادة "بوليساريو"، الأسبوع الماضي، بالرابوني، الرامية إلى تخفيف الضغط والإحراج عن زبانية إبراهيم غالي، في ظل تصاعد الأصوات الشبابية المطالبة بضرورة عقد المؤتمر في آجاله من أجل إجراء تقييم شامل للوضع، كرس سياسة الهروب إلى الأمام، والقفز عن الواقع المر لسكان المخيمات، حيث خصص للإعلان عن إطلاق النسخة العاشرة من برنامج الصيف للشباب والطلبة الذي ستتخلله أنشطة عسكرية وثقافية ومسابقات في شتى المجالات، وذلك في مناورة مفضوحة تروم إلهاء الشباب عن موضوع المؤتمر وحراك المخيمات وكذلك الهزائم المتكررة التي تلقتها "بوليساريو"، خلال الشهور القليلة الماضية، إذ الكل يعلم أنه، طيلة السنوات الماضية، لم تكن أمانة الجبهة تناقش إطلاقا هذا البرنامج الذي يشرف عليه اتحاد الطلبة، بالتعاون مع مجلس شباب مقاطعة قرطبة الإسبانية. إلا أن هذه الخطوة، التي تحيل على تصرفات الأنظمة الشيوعية، خلال فترة الحرب الباردة، لاقت رفض واستهجان الشباب الذي عاب على القيادة تخصيص جلسات طويلة مع مبعوث الجيش الجزائري، لرسم خطط من أجل إلهاء الشباب، بدل معالجة الأزمات التي يغص بها المخيم، من قبيل ندرة الماء والدواء وهشاشة الوضع الاجتماعي، وضرورة رفع الحصار المفروض على سكان المخيم وتسهيل عبور الصحراويين عبر الموانئ الجزائرية ورفع التضييق عن القوافل الإنسانية القادمة من الخارج. في خضم هذا الوضع الكارثي، جاء بيان وزارة الخارجية السلفادورية المعلن عن إعادة تقييم بلادها لعلاقتها الدبلوماسية مع الجمهورية الوهمية، مباشرة بعد حضور إبراهيم غالي حفل تنصيب الرئيس الجديد بالعاصمة سان سلفادور، فاضحا بذلك أكاذيب القيادة في ما يخص انتصاراتها الدبلوماسية الوهمية، معلنا عن تراجع المساندة الدبلوماسية اللامشروطة للجزائر للأطروحات الانفصالية، بما لذلك من أثر على الرأي العام بالمخيمات الذي لم يستفق بعد من صدمة استقالة هورست كوهلر، وما تعنيه من ابتعاد التوصل لأي حل يمكنهم من حياة كريمة بعيدا عن بطش ميليشيات "بوليساريو". رغم هذه الانتكاسات المتوالية، يبدو أن قيادة "بوليساريو"، المنشغلة بمصالحها الشخصية، لم تستوعب بعد أن المبادرة لن تبقى أبوابها مفتوحة إلى الأبد، وأن كل دقيقة تمر في تلك المخيمات هي دفن لحقوق ومستقبل الآلاف من البشر الذين وجدوا أنفسهم مورطين في مأساة لا يد لهم فيها، ومن غير المعقول أن يدفعوا فواتير أخطاء وجشع بعض الأشخاص الذين رضوا بتسخير أنفسهم لخدمة أجندات مافيا جزائرية تعيش آخر أيامها، بالنظر إلى التحولات التي يشهدها هذا البلد، منذ اندلاع حراك فبراير، وهو ما أحدث فراغا في قنوات الاتصال بين الطرفين، وأدى إلى بروز أزمة مالية خانقة، أرغمت القيادة على التخلي عن تنظيم حفلات تخليد ذكرياتها وإقامة بعض الأنشطة، وتسديد أجور منتسبي قطاعي التعليم والصحة، بالإضافة إلى الشرطة التي دخلت في تمرد شامل ليلة عيد الفطر، بسبب عدم توصل أفرادها بأجورهم، ما اضطر المخابرات الجزائرية إلى تسخير مدير مكتب النقل بتندوف الجزائرية، الذي أمد القيادة بأجور الشرطة لتفادي عملية تمرد بالمخيمات هي في غنى عنها. أمام تسارع الأحداث، يبدو أن المغرب اختار الطريق الصواب لمعالجة قضية الصحراء من خلال التنمية والمراهنة على العنصر البشري والواقعية، تاركا "بوليساريو" تتخبط في ويلاتها، وعيا منه أنها وصلت لمرحلة التدمير الذاتي، الذي ستسرعه لا محالة عزلتها الشعبية بعد افتضاح أمرها بين سكان المخيمات.

“بوليساريو” تبلغ مرحلة التدمير الذاتي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اختفاء ملايير "المزبلة" بالبيضاء

اتهام عون سلطة بالتحرش ومحاولة القتل

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات