< كيف تجدين ظاهرة التعامل في وسائط التواصل الاجتماعي اليوم، والتي أصبحت فضاء لنشر تفاصيل حميمية حول الحياة الخاصة للأفراد؟ < هناك طرق متعددة للتعامل مع هذه الوسائط. وأجد أن كل واحد يستعملها حسب خلفيته وثقافته. في كل ظاهرة، نجد جوانب إيجابية وأخرى سلبية. وبالنسبة إلي، الإكثار والمبالغة في استعمال هذه الوسائط هو الجانب السلبي للظاهرة. لا يمكن اليوم أن تطلب من شاب أو مراهق الابتعاد عن هذه المواقع أو بعدم نشر صوره «السيلفي»، وهو في مختلف حالاته. لقد أصبحت صور و»لايفات» و»فيديوهات» مواقع التواصل الاجتماعي عادة متأصلة داخل مجتمعنا، إلى درجة لم نعد نطرح التساؤل حولها أصلا. هذه المواقع أصبحت اليوم حقيقة وواقعا يجب التطبيع معه. إنها ساهمت مثلا في انبثاق مهن جديدة... هناك أشخاص يعرفون كيف يتعاطون ويتعاملون مع هذه الوسائل، وهناك من يكون تعامله مهووسا ومرضيا. < على ماذا يدل، بالنسبة إليك، هذا الهوس باستعمال هذه المواقع بهذه الطريقة؟ < أعتقد أن هذه المواقع أصبحت تستعمل تأكيدا للهوية. واختيار الظهور في إحدى هذه الشبكات نوع من الحاجة إلى أن يؤكد الشخص أنه موجود ومعترف به من قبل المجتمع. إن هذا الهوس نابع في اعتقادي من فراغ داخلي. فأنا أحتاج إلى اعتراف الآخر من أجل الوجود. المراهق الذي يبالغ في استعمال هذه المواقع يبحث عن هوية، أما بالنسبة إلى البالغ، فهو نابع من نرجسية. لا يجب أن ننسى أن هذه المواقع تمكن المستعملين من الاختباء خلف «ماسك». فحين ترى الصور على مواقع التواصل الاجتماعي، تشعر وكأن كل شيء على ما يرام. الكل «معكر» و»لابس مزيان» و»زوين»... إنه بحث عن الاعتراف أو الإبهار بطريقة أو بأخرى. < هل يمكن القول إن كل مستعمل لهذه الوسائط أصبح مخبرا أو جاسوسا على نفسه من خلال نشره تفاصيل حياته الخاصة؟ < فعلا، يمكن قول ذلك. إن المستعملين يتناسون ذلك، في سياق بحثهم اليومي عن ملء فراغ الإعجاب أو الثقة بالنفس عبر هذه المواقع. إن كل همهم ينصب على عدد «اللايكات» والتعاليق و»البارتاج».. كلما ارتفع العدد، ترسخ الوجود أكثر. دون الحديث طبعا عما يسمى «البوز»... إنه الفراغ الداخلي. فالشخص يقول في قرارة نفسه «لا يمكنني الاعتراف بنفسي لوحدي. بل أحتاج إلى شخص آخر ليقوم بذلك بدلا مني». هند كاسيمي * «كوتش» وخبيرة في علم النفس أجرت الحوار: نورا الفواري