سجناء حطموا الرقم القياسي في حالات العود

إذا كان من السائد والمعروف أن العديد من السجناء يعودون إلى الزنزانة التي غادروها بعد أيام قليلة، سواء نتيجة عفو سام أو بعد انتهاء العقوبة، ليحطموا بذلك الرقم القياسي في حالات العود، فإن آخرين، خصوصا المحكومين بعقوبات طويلة الأمد، ما يزالون في غياهب السجون، رغم قضائهم عقودا من الزمن مسلوبي الحرية.ففي مقابل تمتيع سجناء معروفين بحالات العود لدى السجانين ومسؤولي الإدارة، يوجد آخرون لم يستفيدوا قط من أي عفو، لسبب بسيط، وهو أنهم يذهبون ضحايا تقارير ملفقة لبعض الحراس والموظفين، الذين تجمعهم بهم عداوات أو أحقاد، والذين يرفعون ضدهم معلومات غير صحيحة إلى مديرية الشؤون الجنائية والعفو، المكلفة بإعداد لوائح السجناء المرشحين للاستفادة من العفو الملكي السامي.ويكشف العديد من السجناء أن بعض المسؤولين بالسجون لفقوا لهم تهما باطلة، لمنعهم من الاستفادة من العفو، كما يسعون بكل ما أوتوا من وسائل لترحيلهم إلى سجون بعيدة عن مساكن أسرهم، لمضاعفة معاناتهم ومشاكلهم.والغريب، حسب ما تكشفه معطيات موثوقة، أن بعض السجناء حطموا الرقم القياسي في حالات العود السريع إلى السجن، ومع ذلك يستفيدون، في كل مناسبة، من تخفيض العقوبات السالبة للحرية، ليفرج عنهم سريعا، ويعودوا بالسرعة نفسها. ووفق المعلومات المتوفرة، يوجد سجناء سابقون أو حاليون قضوا ما يقارب ثلثي أعمارهم داخل السجون.وأسهب العديد من السجناء المحرومين من العفو، في اتصالات هاتفية مع «الصباح»، في الحديث عن معاناتهم الطويلة وراء القضبان، التي استغرقت عقودا عديدة، إذ اعتقلوا وهم في ريعان شبابهم، واليوم يوجدون على عتبات الشيخوخة، وما تزال «أبواب الفرج مغلقة»، بتعبير أحدهم. وكشف السجناء المتضررون أن جهات عملت على إقصائهم من العفو الملكي، رغم سيرتهم الحسنة، وحصولهم على شهادات ودبلومات من إدارة السجون، الأمر الذي أثر على نفسيتهم وصحتهم، خصوصا عندما يرون مجرمين مسجلين خطرا، ومتورطين في جرائم خطيرة، يستفيدون من العفو الملكي، قبل أن يعودوا إلى السجن في الأسبوع نفسه، ليعيدوا الكرة مرات عديدة، ومع ذلك يستفيدون من العفو الملكي. وأوضح المصدر ذاته أن عائلات هؤلاء السجناء، ممن قضوا مددا طويلة، فقدت الأمل في مغادرتهم السجن أحياء، ولم تعد تزورهم أو تسأل عن حالهم، بل لم يعودوا يتذكرون حتى ملامحهم بسبب طول انقطاع الزيارة.وقال أحد السجناء الحالمين بالعفو الملكي، في حديثه ل»الصباح»، «نحن مع دولة الحق القانون والمؤسسات، ونؤمن بضرورة معاقبة كل من ارتكب خطأ في حياته، بالسجن عقابا له، ووجوب تربيته وإصلاحه، ليصبح صالحا لنفسه والمجتمع، لأن لا أحد فوق القانون».وأضاف السجين نفسه، الذي قضى حوالي 24 سنة في السجن المركزي، قائلا «لقد أخطأنا لأول مرة في حياتنا، فكلفنا ذلك الخطأ عمرنا كله في السجن والعذاب الأليم، وبعد مرور حوالي ربع قرن من الزمن، أصبحنا نشارف على الخمسين، وبعضنا الستين، فكم بقي لنا من العمر البئيس، الذي ضاع بين الجدران والقضبان الحديدية، حتى يتم حرماننا من العفو، مع أن الأغلبية الساحقة، ممن قضوا معنا مددا طويلة في السجن، استسلموا إلى الموت الأرحم، وغادروا هذا العالم وفي النفس شيء من حتى». محمد البودالي

سجناء حطموا الرقم القياسي في حالات العود

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الهادي: العقوبات البديلة غير مقبولة في المجتمع

العقوبات البديلة ومأزق اكتظاظ السجون

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات