حرب تسقيف المحروقات … من نصدق؟

مواجهة قانونية بين الداودي والكراوي حول هوامش ربح شركات المحروقات ثارت ثائرة لحسن الداودي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، عندما كشف إدريس الكراوي، رئيس مجلس المنافسة، عن رأي المجلس بشأن الطلب الذي تقدم به الداودي بخصوص مدى قانونية قرار تسقيف هوامش ربح شركات توزيع المحروقات، إذ اعتبر خبراء المنافسة أن الطلب لا يستوفي الشروط القانونية المحددة في المادة 4 من قانون حرية الأسعار والمنافسة. رأي لم يرق المسؤول الحكومي، رغم أنه جاء مبررا وشافيا، وقرر التشبث بقراره، عملا بالمثل الشعبي "شاورو لا دير برايو". إنجاز: عبد الواحد كنفاوي الداودي: القرار لا رجعة فيه مجلس المنافسة وضع نفسه في المعارضة اعتبر لحسن الداودي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، أن مجلس المنافسة زاغ عن دوره عندما عمد إلى تقييم سياسة الحكومة في مجال تحرير المحروقات، مشيرا إلى أن دوره يجب أن يقتصر على الجانب الاستشاري وأن يكون بجانب الحكومة، إذ عليه أن يأخذ المعطيات وينور الحكومة من الناحية القانونية. وأضاف أن طلب الاستشارة الذي تم تقديمه يخص مدى قانونية تطبيق المادة 4 من قانون حرية الأسعار والمنافسة، وكان على المجلس أن ينحصر دوره في إبداء رأيه من الناحية القانونية حول تنفيذ قرار التسقيف، ولا يجب عليه تقييم عمل الحكومة، التي لها وحدها الحق في تحديد السياسة الاقتصادية. وأشار إلى أن المجلس لن يستطيع التدخل إذا أقرت شركات التوزيع زيادات ملحوظة في أسعار المحروقات، نظرا لأن السوق محرر ومن حق المتدخلين فيه تحديد السعر الذي يرغبون فيه، فالحكومة وحدها هي التي يمكنها أن تتدخل لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، دون الإضرار بمصالح الشركات. وأكد أنه سيعقد اجتماعا اليوم (الثلاثاء) مع شركات المحروقات التي تنشط في مختلف الحلقات من أجل التوصل إلى سقف متوافق عليه، يأخذ بعين الاعتبار مصالح الشركات ويراعي القدرة الشرائية للمواطنين، وذلك لتفادي أي تجاوزات. وشدد على أن دور مجلس المنافسة استشاري ولا يتوفر على الآليات الضرورية لإجبار الشركات على الحد من الزيادة في هوامش ربحها. ونبه إلى أن التسقيف لا يعني الحد من الزيادة في الأسعار، التي تظل متوقفة على تطور الأسعار في الأسواق الدولية، لكنه سيمنعها من توسيع هامش ربحها. وأوضح أن مجلس المنافسة وضع نفسه في موقع المعارضة عندما عمد إلى تقييم عملية تحرير القطاع وانتقاد المقاربة المعتمدة من قبل الحكومة، مضيفا أن المعارضة ستستند إلى رأي المجلس من أجل توجيه انتقادات للحكومة، وبذلك يكون المجلس قد اصطف في خندق المعارضة، في حين أنه يتعين عليه أن يكون إلى جانب الحكومة بتقديم المشورة إليها. واعتبر أن المجلس تجاوز اختصاصاته عندما قرر إبداء رأيه في سياسات حكومية وتقييمها، وهي المهمة التي يضطلع بها المجلس الأعلى للحسابات. وشدد على أن لا أحد يمكنه أن يتدخل لتحديد سعر مادة معينة إذا كان السوق محررا، سواء كانت حكومة أو أي مؤسسة أخرى، فالتاجر له الحق في إعلان السعر الذي يراه مناسبا، فكيف يمكن الحد من التجاوزات في مثل هذه الحالات؟ الحل يكمن في تحديد هامش الربح، لذا لا رجعة في تنفيذ قرار التسقيف. الكراوي: الإجراء غير قانوني التسقيف إجراء تمييزي سيضر بصغار الفاعلين أوضح إدريس الكراوي، بدوره، أن مجلس المنافسة باعتباره سلطة تنظيم وليس تقنين، ليس من اختصاصه تحديد المستوى الأقصى للأسعار و للهوامش القصوى في سوق المحروقات، مشددا على أن هذا الاختصاص يظل حصريا من مسؤولية الحكومة. لذا فإن رأي المجلس لا يتعلق، في إطار الطلب المتوصل به من قبل الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، بالنظر في مدى وجود ممارسات منافية لقواعد المنافسة داخل سوق المحروقات، علما أن المجلس بصدد البحث في هذا الموضوع، لكن رأيه، حاليا، سيقتصر على النظر في مدى قانونية وضع سقف لهوامش ربح شركات المحروقات، بناء على مقتضيات الفصل 4 من القانون رقم 104.12 ، المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة. وأشار، في هذا الصدد، إلى أن المادة 4 من القانون المشار إليه سابقا تضع شرطين لتدخل الدولة في السحب المؤقت لمنتوج من دائرة حرية الأسعار وتحديد سقف لهوامش المتدخلين في السوق، الأول أن يكون هناك ارتفاع أو انخفاض ملحوظ للأسعار تعللهما ظروف استثنائية، والثاني وجود وضعية غير عادية تتجلى بشكل واضح في السوق داخل قطاع معين. وأوضح الكراوي أنه بعد تحليل معمق ودراسة مفصلة للشروط القانونية لمشروع تسقيف أسعار وهوامش الربح في قطاع المحروقات السائلة، تبين أن طلب التسقيف المقدم من قبل الحكومة لا يستوفي الشروط القانونية المطلوبة. وشدد على أنه إذا قررت الحكومة، باعتبارها السلطة الوحيدة التي لها مسؤولية تقنين الأسعار، تسقيف هوامش الربح، فإن المجلس يعتبر هذا الاختيار غير كاف ومجد من الناحية الاقتصادية والتنافسية وعلى مستوى العدالة الاجتماعية. وأشار، في هذا الصدد، إلى أن المادة 4 من قانون حرية الأسعار والمنافسة أقرت سقفا زمنيا لتدخل الحكومة، إذ يتعين ألا يتجاوز ستة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة، ما يحد من فعالية القرار، كما أن أسعار المحروقات تعرف تغيرات سريعة لا تتوفر الحكومة على أي آلية للتحكم فيها، ما يقلل من جدوى التسقيف. وأكد أن تحديد سقف هوامش ربح الموزعين بالجملة والتقسيط لن يسهم بشكل تناسبي في حماية المستهلك والحفاظ على قدرته الشرائية. إضافة إلى ذلك، فإن التسقيف يعتبر إجراء تمييزيا يطبق دون الأخذ بعين الاعتبار إمكانيات المتدخلين في السوق، ما من شأنه أن يضر بمصالح صغار الفاعلين في السوق، الذين سيزيد القرار من هشاشتهم.

حرب تسقيف المحروقات … من نصدق؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ثلاثة أسئلة: المغرب يستحق معرضا أفضل

المالكي: ترشحي في علم الغيب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات