سبع سنوات من “إن.دي.أش”… التقييم الصعب

الورش الوطني للتنمية البشرية أمام سؤال الحصيلة الحقيقية وسط جدل حول سوء التدبير نظمت التنسيقية الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، الجمعة الماضي، أربعة لقاءات جهوية، بكل من الصخيرات وآسفي ومكناس والعيون، لتقييم حصيلة سبع سنوات من هذا "الورش الاجتماعي الوطني الضخم" الذي استنزف زهاء 14 مليار درهم صرفت في حوالي 22 ألف مشروع استفاد منها أكثر من خمسة ملايين مواطن، وذلك في ظل تفاوت كبير في "وجهات النظر" حول الأثر الحقيقي لكل هذا المشاريع في إحداث تغيير في حياة المواطنين والفئات الاجتماعية المستهدفة، خصوصا في ما يتعلق بمحاربة الإقصاء الاجتماعي بالوسطين الحضري والقروي ومحاربة الهشاشة والتهميش، عبر دعم الأنشطة المدرة للدخل، وتحسين ظروف الولوج للخدمات والتجهيزات الأساسية مثل التعليم والصحة والطرق والماء والكهرباء، والتنشيط الاجتماعي والثقافي والديني والرياضي، وتنمية الكفاءات المحلية والحكامة الجيدة.في البداية، اعتبرت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أعلن عنها الملك في خطاب رسمي يوم 18 ماي 2005، فكرة خلاقة، ونموذجا جديدا للتنمية مبنيا على الحكامة الجيدة، مركزيا ومحليا، وتحديد دقيق للأهداف والمبادرات المنبثقة من مشاكل حقيقية لفئات اجتماعية تصد صعوبة في الولوج إلى الخدمات الأساسية وتعجز عن توفير الحد الأدنى من العيش في عدد كبير من الجماعات الحضرية والقروية.وفي هذا الإطار، يحدد عبد العزيز القراقي، باحث في العمل الاجتماعي، أهم ملامح هذا النموذج التنموي الجديد، أولا، في اعتماد منهجية جديدة في مقاربة المشاكل، عبر اللجوء إلى المقاربة التشاركية، التي تعتبر المواطن هو الفاعل الأساسي في عملية التنمية، وثانيا، في اعتماد الالتقائية في السياسات العمومية، لكون النموذج التنموي القطاعي لم يعد قادرا على مواجهة مختلف التحديات التي باتت تواجه الدولة والمجتمع، وثالثا، في قيام المجتمع المدني بدور الشريك الذي يساهم إلى جانب مختلف مؤسسات الدولة في عملية التنمية، سواء على مستوى التمويل، أو على مستوى تدبير عدد من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية، ورابعا في نهج سياسة القرب، وذلك عبر إطلاق عدد من المشاريع الصغيرة، ولكن ذات التأثير المضاعف على السكان، لأنها تمس مناحي متعددة من حياتهم اليومية.ورغم هذا الوضوح الظاهر في الرهانات والأسس والقيم الكبرى للمبادرة منهجية العمل وتحديد الأولويات والتخطيط والبرامج، ورغم الامكانيات المالية المهمة المرصودة لهذا الورش (الميزانية العامة للدولة والجماعات المحلية وصندوق الحسن الثاني) لم تستطع «إندي أش»، خلال سبع سنوات من عمرها، إخماد الأصوات التي تتجه إلى انتقاد طرق تدبير المشاريع التنموية وصرف الأموال والخلط المتعمد بين المصالح الشخصية ومصالح المواطنين، وانمحاء الفروق، أحيانا، بين تمويل مشاريع بعينها وحملات انتخابية سابقة للأوان.وكثيرا ما وصلت إلى التنسيقية الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية مطالب بتفعيل مقتضيات القانون والتصدي لجميع الانحرافات التي تمس المبادرة، ووضع آليات عملية وأخلاقية لحماية هذا المشروع الوطني، الذي يشرف عليه جلالة الملك محمد السادس، من أشكال الزبونية والمحسوبية والتوظيف الانتخابي لحساب مصالح سياسوية ومصلحية ضيقة. بعض من هذه "الأشياء" وصل إلى المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية التي أنجزت عشرات التقارير حول مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وقفت فيها على "اختلالات كبيرة في صرف أموال المبادرة على مشاريع فاشلة، أو لا أثر لها نهائيا سوى على الورق"، كما يقول فاعلون جمعويون متضررون طالبوا بالكشف عن المسؤولين الحقيقيين الذين حرفوا المبادرة عن أهدافها الأولى وتحويلها إلى مصدر للريع الاقتصادي والاغتناء غير المشروع، سواء تعلق الأمر بمحسوبين على السلطة المحلية، أو منتخبين، أو رؤساء أقسام اجتماعية، أو مسؤولين إقليميين، أو هيآت من المجتمع المدني تواطئت على توزيع "الكعكة".إحدى صور الخلل التي يتحدث عنها فاعلون جمعيون، تحدثت إليهم "الصباح"، طريقة تدبير السلطة المنتخبة لملفات المبادرة وتعاطيها السيئ مع المشاريع الجيدة المنطلقة من الحاجيات والمطالب الأساسية للمواطنين والمستفيدين، في مقابل محاباتها للجمعيات المقربة منها، بغض النظر عن نوعية مشاريعها المقترحة، وهل تستجيب فعلا للفلسفة العامة للـــمبادرة المبنية على التشاور والتضامن والتعاقد والحكامة الجيدة والشفافية ومراقبة الحسابات.إضافة إلى طريقة التدبير، عزت المصادر نفسها ما أسمته فشل المبادرة في تحقيق بعض أهدافها في التحايل على آليات مراقبة صرف الأموال المرصودة للمشاريع، من طرف لجان إقليمية، علما أن المبادرة تخضع إلى التقنين الجاري به العمل في مجال مراقبة أوامر الأداء، والاستعانة بمنظومة للمعلومات المحاسباتية والمالية في إطار شبكة تربط بين المصالح المركزية لوزارة الداخلية وكافة الأقاليم والعاملات من أجل تتبع التنفيذ المالي بشكل فوري للغلافات المرصودة، والخضوع، بشكل دوري، لافتحاصات مشتركة تنظم من طرف المفتشية العامة للإدارة الترابية والمفتشية العامة للمالية بصفة منتظمة مع إمكانية إجراء افتحاص من طرف الخواص.ورغم هذه الصرامة في مراقبة الصرف والأداءات والمحاسبة، يجد البعض، دائما، مخارج للاستغلال الفاحش لأموال المبادرة، عبر علاقات مشبوهة مع الممونين ورؤساء جمعيات وموظفين ومسؤولين محليين يقايضون صمتهم بنصيب من الغنيمة. يوسف الساكت

سبع سنوات من “إن.دي.أش”… التقييم الصعب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أزيد من 22 ألف مشروع بـ 14 مليار درهم

2005-2012... السنوات العجاف

مقالات ذات صلة