هل المحامي ممنوع من الإشهار وحرية التعبير ؟

القيام بالتوعية القانونية عبر المنابر الإعلامية من صميم عمل المحامي (2/2) بقلم: سعيد ناوي * الإشكال المطروح هو أن العبارات التي جاء بها القانون عامة، وليس هناك قانون داخلي يحدد قواعد الإشهار أو التعريف به بشكل دقيق. ومع ذلك يبقى على القانون أن يساير التطورات التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المجتمع. وعلى النقيب ومجلس هيأة المحامين اتخاذ كل الإجراءات الآنية للتذكير ببعض القواعد وإعطاء بعض النماذج التي يحتذى بها. فهناك آلاف المحامين عبر العالم الذين يتواصلون عبر المواقع الاجتماعية الأكثر شهرة كالفيسبوك وتويتر وغيره، فهل يفعلون ذلك خروجا على القانون؟ إن علاقة المحامي بالصحافة أو وسائل التعيير الأخرى علاقة حتمية لا يمكن للقانون منعها، وإنما هي من صميم عمل المحامي، القيام بالتوعية القانونية عبر كل المنابر الإعلامية جائز، شريطة الحفاظ على السر المهني أو سرية التحقيق الجنائي والتدخل في عمل المحامي واحترام القواعد المهنية المؤطرة لعمله. فالدين النصيحة، للأئمة والعامة، تقدم بإخلاص وعناية وحرص كامل لا غش فيها ولا خيانة ولا تقصير. منها التوعية والإرشاد والتوجيه والتعريف بالحقوق والالتزامات. وقديما كان المحامي لا يتقاضى أجرا عن العمل الذي يقوم به، إنما يتلقى مكافأة كاعتراف بالمجهود الذي بذله من طرف الموكل بكل تلقائية، قبل أن يصبح التزاما، وهو ما تكرس لسنوات في إطار المساعدة القضائية التي دأب جل المحامين تقديمها مجانا، بل كل من امتنع عن القيام بذلك، بدون عذر مقبول، يكون قد ارتكب مخالفة مهنية تستوجب المساءلة التأديبية. إن عمل المحامي لا يمكن تقديره بثمن، شأنه شأن الطبيب أو غيره من المهنيين الأحرار، فتقديمه لخدمة قانونية معينة لموكله هدفها الأول مساعدته وثانيا تلقي أتعاب عنها. فالسعادة التي تغمر المحامي الذي ينجح في هذه المساعدة لا تعوضها تلك الأتعاب، مهما ارتفعت قيمتها المادية. فالمحامي لا يسعى إلى تكديس الأموال ولا شراء الأسهم والحصص في الشركات ولا إنشاء المقاولات وامتلاك الدور والعمارات، وإنما رفع الظلم عن الناس وتخفيف آلام الجور والحيف والميز عن عباد الله. ذلك الدور الاجتماعي الذي من أجله كانت المحاماة. الإخلاص، والتجرد، وحب العلم، لا يمكن تقديرها بثمن حقيقي. فقط يكفي الإحساس بأن الناس في حاجة إلى محام يساعدهم. ولا يمكن حرمان المحامي من التعبير وإبداء رأيه في القضايا التي تشغل المجتمع. سواء كانت تخص موكليه أو أنها قضايا رأي عام. بل في بعض الأحيان يحتاج المجتمع، ومن حقه، إلى معرفة حقيقة الأمور. لكن ينبغي أن يكون تدخل المحامي عبر وسائل الإعلام حذرا ولا يكشف عن أي سر مهني أو يتدخل في عمل القضاء. وينبغي أن يستحضر المحامي أن الدفاع أمام المحاكم وفي محراب العدالة يختلف عن التدخل أمام وسائل الإعلام سواء من حيث اللغة المستعملة أو الأسلوب المتبع والطريقة التي يسلكها والفاعلية التي تطبعها، لأن التدخل أمام وسائل الإعلام غالبا ما يكون عفويا دون إعداد مسبق، لذا ينبغي وزن العبارات وعدم إطلاق العنان للسان والحماس وفي بعض الأحيان الغضب. إن قواعد التعامل تختلف من موقف لآخر. فالمكان ليس المكان، والزمان ليس الزمان، والمتلقي ليس المتلقي. فالأحكام ينطق بها القضاة وفي قاعات الجلسات وليس أمام الأضواء والكاميرات، وشاشات التلفاز وعبر أثير الإذاعات. لكن على المحامي أن يعلم أنه ينبغي التعبير عن آرائه محترما قواعد أخلاق مهنته وكل القواعد الأساسية التي تؤطر عمله واستقلاله. وعليه أيضا ألا يسعى إلى أي سلوك قد يفهم منه أنه إشهار له أو وسيلة لاستمالة موكلين محتملين. ويرجى من المحامي عدم إعطاء رأي معين حول قضية رائجة إلا ما يتعلق بالتعريف بالقضية دون إصدار أحكام مسبقة عنها، بعد موافقة موكله إن كان يدافع عن مصالحه فيها. فينبغي استحضار كل الالتزامات المهنية التي هو مطوق بها بمقتضى القانون والأعراف والتقاليد. ففي بعض المواقف يرجى الرجوع للنقيب من أجل الاستشارة والتوجيه إذا كان ملزما. الاستشارة القانونية تفترض أن شخصا، ذاتيا أو معنويا، يرغب في معرفة التكييف القانوني لواقعة ما وحكم القانون فيها، ليتصرف وفق القانون. وقد تطلب الاستشارة قبل وقوع النزاع أو أثناء قيامه أو بعد صدور حكم فاصل أو غير فاصل في موضوعه. والمستشار ملزم ببيان موقف القانون من المسألة المطروحة عليه وما استند عليه من مقتضيات قانونية تؤيد رأيه القانوني. وهو بذلك يكون مسؤولا عنه في حالة الإخلال أو وقوع ضرر أو تجاوز أو عدم النصح وفق المقتضيات القانونية والاجتهاد القضائي القار والحديث. في قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 4 يونيو 2014، عن الغرفة المدنية تحت عدد 13-14.363 اعتبرت أن المحامي مسؤول عن إخلاله بواجب النصح والمشورة. إن عموم الناس يحتاجون إلى التعرف على جوانب مهنتنا وأسلوب عملنا وميادين تخصصنا من أجل تواصل شفاف يطبعه الصدق والإخلاص والتجرد لخدمة الصالح العام. ينبغي ان نعترف أن هناك محامين يرافعون بكفاءة، وآخرين يتقنون فنون التواصل وغيرهم يملكون ناصية التحرير والكتابة. * محام دكتور في الحقوق إعطاء توضيحات وإرشادات وآراء قانونية عبر وسائل الإعلام لا يعد إشهارا (2/1)

هل المحامي ممنوع من الإشهار وحرية التعبير ؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إحالة متهم بالشروع في القتل

اتهام مسؤول بغرفة للتجارة بالاغتصاب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات