هل المحامي ممنوع من الإشهار وحرية التعبير ؟

إعطاء توضيحات وإرشادات وآراء قانونية عبر وسائل الإعلام لا يعد إشهارا (2/1) بقلم: سعيد ناوي* على غرار كل الشركات، كيفما كان نوعها، التي تحتاج إلى التواصل مع زبنائها في إطار المقتضيات القانونية المخولة لها، فإن مكاتب المحامين من أجل تطويرها وتطوير بموكليها (شأنها شأن باقي المهن الحرة الأخرى) تحتاج كذلك إلى التواصل معهم في إطار الضوابط والأعراف التي تطبع خصوصية مهنة المحاماة. قراءة مقتضيات المادة 35 من القانون المنظم للمهنة 28.08 تعني الإشهار بمفهومه التجاري وليس التعريف بالمحامي عبر وسائل معينة ومحدودة، فتعليق اللوحة التي توجد بمكتب المحامي أو داخله، وكونه محاميا أو محاميا مقبولا لدى محكمة النقض أو نقيبا أو حاملا لشهادة الدكتوراه في الحقوق لا تضفي على صفة المحامي أي إشهار، وإنما هو من باب التعريف، وقد يكون تمييزا لكن في إطار ما يسمح به القانون. فالمبدأ أن الإشهار المقصود به والمسموح به هو الإشهار الذي يكون هدفه التعريف وليس الاستشهار، لكن الممنوع هو الاتصال بالأشخاص الذاتيين والمعنويين من أجل عرض خدمات قانونية عليهم. فالإشهار يجب أن يتم تحت مراقبة هيأة المحامين عبر نقيبها وأعضاء مجلسها، وجميع من ينتمي إليها بالإخبار عن كل مخالفة قانونية قد ترتكب في حق جسم المحامين. وعلى نقيب الهيأة إصدار منشور يذكر فيه أيضا بهذه القواعد الآمرة. فمن بين هذه القواعد: - منع كل إشارة إلى مدح أو مقارنة أو إشارة إلى نوع الموكلين المتعامل معهم، لأن ذلك يحط من كرامة المحامي وفيه خرق للسر المهني ولأنه أيضا نوع من استمالة الجمهور. - منع كل العروض المهنية المقدمة من قبل بعض المحامين لبعض الموكلين المحتملين. - كما أن تنظيم المحامي لمؤتمر معين أو يوم دراسي أو القيام بالتوعية القانونية، دون إخبار الهيأة خرق للقواعد الأخلاقية التي تجمعهما. لذلك التوفر على موقع في وسائل الاتصال الإلكتروني دون الضوابط التي تحددها المادة 35 من القانون المنظم لمهنة المحاماة أو تعليق اسم المحامي في بعض الغرف المهنية وبعض المجلات المصنعة الممتازة العالمية أو إصدار صحف أو نشرات إخبارية.... يعد من قبيل الإشهار الفعلي الممنوع. فالإشهار عموما غير ممنوع ولكن ينبغي ممارسته في إطار ضوابط مهنية. لكن رغم كل ذلك فإنه يصعب تحديد وترتيب هذه الوسائل أو وضع خطوط حمراء لا ينبغي تجاوزها. فالمادة 35 من القانون تنص على أنه لا يجوز للمحامي أن يمارس أي عمل يستهدف جلب الأشخاص واستمالتهم، ولا أن يقوم بأي إشهار كيفما كانت وسيلته. فجلب الأشخاص واستمالتهم يكونان بوسائل تقليدية وحديثة معروفة لدى الجميع، وأما الإشهار فطرق وسائله معروفة أيضا، عبر مواقع يؤدى عنها وصحف ومجلات مدفوعة الثمن... لكن، إعطاء توضيحات وإرشادات وآراء قانونية عبر وسائل الإعلام أو عبر الجرائد الورقية أو الإلكترونية لا يعد إشهارا بمفهوم القانون المنظم لمهنة المحاماة، وإنما عدم التمكن من ناصية علم القانون قد تكون فيه إساءة للمهنة وللجسم المهني. فالفرق بين الاستشارة القانونية التي تعطى في إطار خاص، محررة على ورق او دعامة إلكترونية خاصة، يتحمل فيها المحامي مسؤوليته المدنية، فهي، إبداء الرأي وإعطاء النصيحة، بعد تقليب ودراسة لأوجه الآراء والبحث عن الحق والصواب واختيار الأصوب منها، لاتخاذ القرار الصائب، إذا تمت ممارستها وفق الضوابط القانونية. أما الأجوبة عن بعض الأسئلة في القانون فتبقى من باب التنوير والإضاءة وتيسير المعلومة، والجواب عنها غير ملزم للسائل، ولا علاقة لها بالاستشارة القانونية التي لها فقهها الخاص. إذ يستحيل على المستشار الإلمام بجميع جوانب الموضوع وملابساته في أقل من دقيقة وهي عمر السؤال. فكيف يتصور عدم اطلاع المستشار على جميع ملابسات القضية وجوانبها أن يأتي بالرأي المناسب والملائم. فاطلاع المستشار على جوانب القضية المطروحة شرط لصحة رأيه، وإلا فلا. فالاستشارة تشكل جزءا هاما من عمل المحامي وتشكل العمود الفقري لمهنة المحاماة. والله تعالى في كتابه الكريم يوصينا بالتوجه بالسؤال إلى أهل الاختصاص "واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، ولا "خاب من استشار". وقول الإمام علي بن طالب " حق على العاقل أن يضيف إلى رأيه العقلاء، ويضم إلى علمه علوم الحكماء". كما لا يستطيع أي كان إعطاء الاستشارة القانونية إلا إذا كان له علم بالقانون واختصاص وتجربة راكم فيها رصيدا مهنيا صقل موهبته. فالتجربة المهنية فرع عن العلم بالقانون. فليس عيبا أن يلجأ المحامي غير المتخصص في مادة معينة إلى زميل له يتخصص فيها ويتقنها شأن الطبيب العام الذي يلجأ دوما إلى زميله الاختصاصي لتنويره وتوجيهه. فهي أمانة، والمطلوب تطبيق القواعد القانونية الصحيحة على الوقائع المعروضة عليه. فالمادة 42 من قانون 28.08 المنظم لمهنة المحاماة تنص على أن المحامي يستقبل موكليه ويعطي استشاراته بمكتبه. أي استشاراته حول إشكالات قانونية استعصت على موكل معين من أجل اتخاذ القرار الأصوب. وهي تؤدى عنها أتعاب. فهي من بين المهام المخولة للمحامي كما نصت على ذلك المادة 30 من القانون نفسه وتشمل إعداد الدراسات والأبحاث وتقديم الاستشارات، وإعطاء فتاوى والإرشادات في الميدان القانوني. لذلك من اختار هذا التواصل عليه أن يتصف بصفات مهنية وعلمية وخطابية تؤهله لإعطاء صورة حسنة عن المحامي والمحاماة، لكن استمالة الزبائن بطرق غير شريفة ووسائل مشبوهة تجعل من يستعين بها للحصول على قضايا معينة معاقبا قانونا. * محام دكتور في الحقوق القيام بالتوعية القانونية عبر المنابر الإعلامية من صميم عمل المحامي (2/2)

هل المحامي ممنوع من الإشهار وحرية التعبير ؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

علامة لتأمين الأجهزة الكهرومنزلية

الرجاء وغاريدو ... نهاية حزينة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات