البهجة بألوان السينما

تكريمات ولقاءات مفتوحة مع نجوم الفن السابع في ثالث أيام المهرجان تتواصل اليوم (الثلاثاء) فعاليات الدورة السابعة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، بتقديم أفلام المسابقة الرسمية، ويتعلق الأمر بشريط "في عينيا" للمخرج التونسي نجيب بلقاضي والشريط البلغاري "إيرينا" للمخرجة ناديجدا كوسيفا. وعرف اليوم الثالث للمهرجان مساء أول أمس (الأحد) حلول المخرج العالمي مارتن سكورسيزي ضيفا على فقرة "محادثة مع" وتكريم المخرجة الفرنسية آنييس فاردا. في هذا الخاص تنقلكم "الصباح" إلى أجواء المهرجان. إنجاز: عزيز المجدوب – تصوير عبد المجيد بزيوات (موفدا "الصباح" إلى مراكش) سكورسيزي: العالم يعيش موجة التعصب المخرج العالمي قال إنه علينا أن نتعلم من المختلفين معنا قال المخرج الأمريكي مارتن سكورسيزي، أول أمس (الأحد)، إنه علينا أن نواجه موجة التعصب السائدة في العالم، إذ رغم التغير الجذري الحاصل في الحضارة المعاصرة، إلا أن هناك نوعا من الفكر الإقصائي الذي لا يؤمن أنه بالإمكان أن نتعلم ونستفيد حتى من المختلفين معنا. سكورسيزي الذي حل ضيفا على فقرة "محادثة مع" التي حاوره فيها كل من المخرجين المغربيين فوزي بنسعيدي وليلى المراكشي، استحضر جوانب من علاقته بالدين ورواسب التربية الدينية التي تلقاها في طفولته، رغم أنه أخذ مسافة نقدية منها، إذ اعترف أنه كان متعصبا لآرائه في مرحلة الشباب، قبل أن يقتنع بنسبية الأمور والأفكار. وقال صاحب فيلم "الإغواء الأخير للمسيح" الذي جلب عليه متاعب كثيرة ورفضا حادا من قبل الفاتيكان لدرجة المطالبة بسحبه من مهرجان" كان" سنة 1988، إن اشتغاله على شخصية المسيح وإضفاء طابع إنساني عليها أثار جدلا. وتساءل سكورسيزي، ذو الأصل الإيطالي، لماذا علينا ألا نجادل الدين في أفكاره، إذ أن كل شيء قابل للمناقشة؟ والأهم أن نظل بشرا وإنسانيين في تعاملنا وعلاقتنا بالآخرين وأن نعطي قيمة للحياة، إذ عندما لا تكون هذه القيمة لا يكون سوى الموت. وأبدى صاحب فيلم "الأصدقاء الطيبون" موقفا خاصا من الدين يجمع بين الرفض والإعجاب في الوقت نفسه، إذ تحدث عن تربيته الكاثوليكية وتردده على الكنيسة في االطفولة وكيف رسخت في ذهنه مشاهد وظفها في ما بعد في العديد من أعماله، معتبرا أن هناك أثرا دينيا في حياتنا بشكل أو بآخر. وارتباطا بموضوع الطفولة والاسترجاع تحدث سكورسيزي عن علاقته بالسينما منذ تلك المرحلة، إذ قال إن السبب في انجذابه إلى هذا العالم كان منذ سن الثالثة حين كان مصابا بالربو وكان أبواه يأخذانه إلى السينما من أجل التسلية فوجد نفسه منجذبا إلى العوالم البصرية مبكرا. ولم يفوت سكورسيزي الفرصة دون الحديث عن رفيق دربه الممثل العالمي روبير دي نيرو، إذ اعتبر أنه "محظوظ بعلاقته القريبة معه"، وكيف أنه فضل الابتعاد عن الأسماء الكبرى في بداية مسيرته، تخوفا من سوء الفهم أو عدم القدرة على تنفيذ ما يريده هو من وراء أفلامه، متحدثا عن صدامه مع الاستوديوهات الكبرى والظروف الصعبة التي تم فيها تصوير فيلمه "تاكسي درايفر" الذي جسد فيه دي نيرو البطولة. شنابل يطرق "بوابة الأبدية" بكف غوغ شكل فيلم "عند بوابة الخلود" مفاجأة أمسية الافتتاح، مساء الجمعة الماضي، ضمن العروض الخاصة خارج المسابقة، إذ سافر بالمشاهدين لحظة عرضه بقصر المؤتمرات في عوالم الرسام الهولندي فانسان فان غوغ. الفيلم الذي يحمل توقيع المخرج جون شنابل وبإنتاج مشترك أمريكي/ فرنسي، أظهر إمكانيات كبيرة في تحويل سيرة الرسام العالمي إلى موضوع للإبداع السينمائي. وبذل الممثل وليام دافو جهدا كبيرا وهو يحاول أن ينقل إلى المشاهد ملامح دقيقة من شخصية فان غوغ، وصور شنابل غوغ في عوالمه الخاصة وجنونه الإبداعي مستحضرا محطات من سيرته، خاصة خلال اللحظة التي قرر فيها الاستقرار سنة 1888 بمدينة "آرل" جنوب فرنسا، بحثا عن مكان طبيعي مفعم بالضوء والإشراق، بدل الأجواء الرمادية والملبدة بالشمال. غوغ الذي أبدى شغفا خاصا بالطبيعة والأشياء البسيطة والأشخاص الذين كان يرسمهم، بطريقته الخاصة التي لم تحظ بالقبول منذ أول وهلة، بل كانت محط سخرية وتهكم جلبت له الكثير من المتاعب، حين كان مصير لوحاته الكساد والبوار والتجاهل. وظل فان غوغ يعيش على المبلغ المالي البسيط، الذي يبعثه له شقيقه "ثيو"، في الوقت الذي تعرف على صديقه بول غوغان (جسد دوره الممثل روبرت فراند) وكانت تدور بينهما نقاشات نظرية حول اختياراتهما الفنية، أبدع المخرج في تجنيبها أسلوب المباشَرة وجعلها تتم على نحو عفوي وسط اللحظات التي عاشاها معا وسط الطبيعة مطاردين مواضيع لوحاتها، أو داخل الحلقات الفنية التي كانت تضم سماسرة اللوحات وتجارها الذين كانوا يبدون تبرما بهما وبجنونهما المشترك. وكانت تنتاب فان غوغ سوْرات جنون جلبت له مشاكل عديدة مع المحيط الذي كان يعيش فيه لدرجة أنه طرد أكثر من مرة في المدن والقرى التي يحل بها، وأودع مستشفى المجانين، وفي لحظة أخرى أودع السجن بسبب اعتدائه على راعية غنم، ليقودنا المخرج نحو واحدة من أقوى لحظات الفيلم، وهي التي كان يتحدث فيها إلى الكاهن الذي جاء ليطمئن على حالته العقلية، لكنه في الوقت نفسه حاول إقناعه بالابتعاد عن الرسم لأن لوحاته "بشعة"، وكيف له أن يدعي أن الله منحه موهبة ليرسم أشياء رديئة، فكان جواب غوغ "قد يكون هناك خطأ في الزمن الذي وجدت فيه، لأنني أرسم لأناس لم يولدوا بعد". كما استحضر الفيلم قصة أذن فان غوغ المقطوعة ليصحح معلومة تاريخية، وهي أنه لم يقطعها من أجل إهدائها إلى صديقته الغانية، بل سلمها إياها لتوصلها إلى صديقه غوغان لكي يثنيه عن السفر وتركه، إضافة إلى الدفتر الذي تركه في حوزة صديقته وضم 65 رسما له وظل مجهولا طيلة 126 سنة إلى أن تم اكتشافه في 2016 وشكل حدثا فنيا كبيرا أماط اللثام عن أعمال إضافية جديدة للفنان الذي غادر العالم في 1890. احـتـفـاء بـفـاردا حلت المخرجة الفرنسية آنييس فاردا، مساء أول أمس (الأحد)، على منصة التكريم في ثاني ليالي المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، إذ تسلمت النجمة الذهبية للمهرجان، في حفل كبير بقصر المؤتمرات، بحضور المخرج العالمي مارتن سكورسيزي، وتييري فريمو، المندوب العام لـ"مهرجان كان" ومدير معهد "لوميير". وبدا التأثر واضحا على المخرجة التي تشارف على التسعين وهي تدخل وسط هتافات الجماهير التي غصت بها قاعة «الوزراء»، وهي تستعيد معها مسارا سينمائيا حافلا امتد لأزيد من ستين سنة، إذ قالت إن «دواخلي تحركت بما لقيته عند قدومي للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش» مستحضرة استقبالها «بشكل ملكي» مع أبنائها، وشاكرة الملك محمد السادس، والأمير مولاي رشيد. وعبّرت فاردا التي تتحدر من أصول بلجيكية عن إحساسها بصغرها وتواضعها أمام الفنانين الذين تعزّهم ويوجدون في القاعة نفسها التي تكرّم بها، مردفة أن القاعة ممتلئة بـ»أهل السينما» من مختلف بلدان العالم بما في ذلك المغرب. وتحدثت المخرجة عما وصفته «مبادئها» التي تدافع عنها في أعمالها السينمائية والفوتوغرافية والتي تنتصر للإنسانية وحقوق الإنسان، قائلة إنه «تواجهنا صعوبات في هذه الحياة ونحن واعون بها، لكن هذا لا يمنعنا من المحاولة والدفاع عن مبادئنا والمحافظة عليها وهذه هي المواقف التي أدافع عنها». كما تحدّث تييري فريمو عن أفلام فاردا، وحضورها، وتزعّمها نساء السينما، معتبران إياها أنها ذاكرة المسرح والسينما، وابتكارها للغة سينمائية خاصة بها. وتعد فاردا من أبرز المخرجات المدافعات عن قضايا المرأة في أفلامها وواحدة من أهمّ صنّاع الموجة الجديدة الفرنسيّة.

البهجة بألوان السينما

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أمنيون يصرخون ... انفجار نفسي

انتعاش "بيزنس" الدفء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات