“النوار” يؤرق مرضى مصحات بالرباط

مريض: صدمت وأنا أرى مريضا يدخن بحرية ويغني ويصرخ في مصحة خاصة دون أن تتدخل الإدارة لأنه يدفع بسخاء الرفاهية وجودة الخدمات الطبية التي يبحث عنها مريض المصحات الخاصة تتحول في كثير من الأحيان إلى سراب، فاسحة الطريق أمام سيل من الاتهامات بسوء المعاملة وكثرة الأخطاء الطبية التي أودت بحياة أفراد آمنوا بنجاعة المصحات الطبية.في الرباط، عاصمة البلاد، التي تحتضن أهم المراكز الاستشفائية الجامعية، بشتى التخصصات والمصالح العلاجية، تنتشر المصحات الخاصة، كالفطر، لدرجة لا يخلو معها حي من عيادة أو مصحة أو مجمع صحي مجهز بأحدث الآلات والتقنيات العالية، يقدم الخدمات العلاجية لمن له القدرة على أداء فاتورة علاجه التي ترتفع أحيانا إلى عشرات آلاف الدراهم، عندما يتعلق الأمر بإجراء عملية جراحية معقدة تستلزم الإقامة في المصحة. «للأسف لم نعد قادرين على الثقة في المستشفيات العمومية»، تقول عزيزة (40 سنة)، أم لطفلين، وتواصل «ليس من ناحية الأطر الطبية، أبدا، لكن شخصيا أشعر بنوع من الغل يكنه العاملون بها للمرضى، حيث ينتشر الصراخ في وجههم بسبب أو بدونه، فضلا عن أن مسطرة العلاج بطيئة جدا، والكارثة هي عندما يطلب منك شراء المستلزمات الأولية للتطبيب مثل «الخيط والإبرة وبيطادين» لأن مخزون المستشفى استنزف.. هادشي كولو كايخليني نجري للمصحات الخاصة باش نعتق ولدي إيلا مرض، على الأقل غادي نلقى الطبيب ويدير الراديويات والتحاليل الضرورية فساعتهم، وفالمصحة النيت».مصحات تسمح بالتدخينفوبيا الخدمات الاستشفائية المتردية في المراكز الصحية العمومية التي تدفع المرضى إلى النزوح إلى المصحات الخاصة، تصطدم أحيانا بواقع يخالف مخيالا حرص المغاربة على وضعه عن مصحة، شبيهة بتلك التي يرونها في الأفلام الأمريكية، حيث الجميع يتهافتون لإنقاذ حياة المريض، أحيانا، أو لتشخيص طبيعة مرضه بدقة، أحيانا أخرى، أو علاجه في ظروف ملائمة جدا، مصحة، تنبعث منها رائحة النظافة، وترسم الابتسامة على شفاه الأطباء والممرضين العاملين بها. صورة يعتقد العديد من المغاربة أنها واقع لهم القدرة على شرائه بمال، مهما ارتفعت قيمته «لا يهم، ما دام يحافظ على الصحة التي لا أظن أنها تقدر بثمن»، تقول عزيزة.قليلة هي المصحات في الرباط التي تحترم خصوصية القطاع ومعايير الجودة، إن على مستوى الخدمات العلاجية التي تقدم، أو طريقة تدبيرها وتسييرها، يقول جلال، إطار بنكي «لأنني أعلم أن المستشفيات العمومية لا تعتني إلا بالمرضى «الهاي كلاس، ممن يتوفرون على بطاقة ذهبية «الوجوه»، تخول لصاحبها الاستفادة من الخدمات الطبية ذات الجودة العالية يشرف عليها أمهر الأطباء، دون مقابل ودون انتظار موعد في آجال تتعدى أحيانا الشهرين، قررت نقل ابني إلى إحدى المصحات بالرباط، ذائعة الصيت، بواحد من أرقى أحياء العاصمة». يحكي جلال الذي كان على ابنه أن يخضع إلى عملية بسيطة في أنفه «خلت للوهلة الأولى أن الثمن الذي طلبته مني إدارة المصحة سيكون كفيلا بتقديم أحسن علاج لابني ويضمن له إقامة مريحة ولوالدته، علما أن الأمر لن يتجاوز ليلة أو ليلتين، لكن بمجرد أن أنهيت الإجراءات الإدارية، حتى اكتشفت أن الغرفة التي حددت لطفلي سيقتسمها مع أجنبي يتلقى علاجه بالمصحة». اقتسام الغرفة مع مريض لم يشكل للوالد أدنى مشكل، لكن صدمته كانت «عندما اكتشفت أن المريض يدخن بكل حرية، وله الضوء الأخضر ليفعل ما يحلو له، فهو يتجول داخل الممرات يغني ويصرخ ويمازح، فيما الممرضة تتكفل بحمل أنابيب «الصيروم»، وتحرص على ألا يصيبه مكروه، وعندما استفسرت الإدارة قالت إنها لا تستطيع أن تفعل شيئا مادام يدفع بسخاء، فما كان مني إلا أن ابحث عن غرفة أخرى لطفلي»."النوار» يصل إلى المؤسسات الصحيةظاهرة «النوار»، التي كانت سنوات قليلة، حكرا على المجال العقاري، انتقلت إلى قطاعات أخرى، ضمنها القطاع الصحي، لتتفاقم بذلك معاناة العديد من الأسر، التي يصاب بعض أفرادها ببعض الأمراض التي تستلزم إجراء عمليات جراحية، تزداد يوما بعد يوم، وتنطلق بالبحث عن طبيب مختص، وعند العثور عليه والتأكد من إلزامية إجراء العملية الجراحية يتم الاتفاق على المصحة، مكان إجراء العملية، وتبدأ ساعتها عملية تحضير الوثائق بداية بوثيقة تحمل التكاليف التي تملأ من طرف إحدى شركات التأمين حسب العقد الذي يربطها بمشغل المريض، ويتم بعد ذلك الاتفاق بين ذوي المريض إن لم يكن هو شخصيا و بين المصحة التي استقر عليها الاختيار لإجراء العملية، على كيفية تسديد بقية المستحقات الخاصة بالعملية الجراحية. وقبل تحديد الموعد من طرف الطبيب، يفاجئ المريض أو أحد أفراد عائلته بمبلغ خاص به شخصيا، رغم أن الواجب المتفق عليه مع المصحة محدد ضمنه واجب الطبيب الجراح، إلا أنه يريد مبلغا سريا، يدفع نقدا قبل أن يحمل مشرطه. «قدمنا من آسفي إلى الرباط، لأن المؤسسة التي يعمل بها زوجي ألزمتنا بإجراء العملية في مصحة محددة بالرباط، يربطها معها عقد شراكة»، تقول أمينة التي رافقت زوجها من أجل عملية تصحيحية لخطأ طبي كان عرضة له عندما استأصل «المرارة»، «قمنا بالإجراءات اللازمة في آسفي، وأحضرنا المبلغ المطلوب لإجراء العملية وتكاليف الإقامة بعدما دفعت شركة التأمين نصيبها، إلا أننا فوجئنا بالطبيب، بعد أن سلمنا الغرفة، يطالبنا عن طريق إحدى الممرضات بأداء مبلغ 4000 درهم له، نقدا، الأمر الذي أكده لنا شخصيا، عندما طلبنا منه استفسارا ظنا منا أن الممرضة تحاول النصب علينا». لم تكن أمينة التي كانت ترعى زوجها تتوفر على المبلغ، حينها، واضطرت إلى مغادرة المصحة في انتظار أن يصل ابنها في اليوم الموالي ويحضر المبلغ المذكور، «لم يسمحوا لنا لا بالمبيت، ولا باستعمال الكرسي المتحرك لأن زوجي وصلت به الآلام إلى درجة لا تحتمل، حتى أنهم منعونا من استعمال سيارة الإسعاف حتى ننتقل إلى بيت أقاربنا بتمارة، بذريعة نفاد البنزين، كل ذلك لأننا لم نكن نتوفر على المبلغ الذي طلبه الطبيب». هجر المغلي

“النوار” يؤرق مرضى مصحات بالرباط

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مصحات خاصة... خطر لا مفر منه

3 أسئلة: أغلب الأخطاء الطبية تقع في المصحات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات