السماسرة أفقدوا الفن التشكيلي هويته

خلدون مدير المركز العالمي للفنون التشكيلية دعا الدولة إلى دعم الفنانين وتتبعهم عين، أخيرا، الفنان التشكيلي المغربي بوشعيب خلدون مديرا للمركز العالمي للفنون التشكيلية فرع المغرب، كما عين مديرا لمواقع المركز العالمية عبر القارات الخمس. عن ظروف تعيينه والدور الذي يلعبه المركز ومواضيع أخرى يتحدث “بوشعيب خلدون ل”الصباح” في الحوار التالي: كيف جاء تعيينك مديرا للمركز العالمي للفنون التشكيلية فرع المغرب؟تم تعييني من طرف الرئيس المؤسس للمركز العالمي للفنون التشكيلية الفنان والدكتور زيدان نعمة وتم تكليفي بإدارة الموقع الرئيسي والمواقع التابعة له عبر المراكز العالمية التي تم إنشاؤها.وتتمثل شروط الانتساب والترشيح للهيآت الإدارية للمراكز العالمية كما حددها رئيس الهيأة التأسيسية للمركز العالمي للفنون التشكيلية في أن يكون الشخص من الفاعلين في حركة التشكيل، ولا يعتمد الاشتراك في المراكز العالمية في البلدان التي تأسست بها المراكز، وأن يكون حاملا لجنسية البلد وأن يكون من منتسبي المركز العالمي الفاعلين ومن سكان البلد الذي يمارس الفن، كما من حقه الترشيح لرئاسة الهيأة الإدارية وعضويتها، ولا يحق فتح المراكز العالمية إلا بتخويل من المركز العام.ما هو الدور الذي يلعبه المركز العالمي للفنون التشكيلية، وما هي شروط الانتساب إليه؟ المركز العالمي للفنون التشكيلية منظمة غير حكومية عربية مفتوحة في وجه كل فنان تشكيلي مهما كان اختصاصه وجنسيته، ولكل فنان محترف الحق في الانخراط في المركز العالمي للفنون التشكيلية بغض النظر عن لونه وجنسه ودينه وجنسيته .المركز هدفه التعريف بالفن العربي وترويج المكانة التي يستحقها وتبادل الخبرات مع الفنانين من كل الدول.ويتم ترويج أعمال الفنانين العرب بإجراء الاتصالات بين المنخرطين أنفسهم والتنسيق مع السلطات المحلية العربية ووزارات الثقافة للقيام بتظاهرات دولية تتماشى والمستوى الذي وصل إليه الفن العربي في هذا القرن. وأود أن أشير أن للمركز مجلة إلكترونية وموقع.ويعمل المركز كذلك على تدوين كل تظاهرة في كتب حتى يتم توثيق المعارض بمشاركة الكفاءات العربية في مجال النقد الفني وتنظيم ورشات عمل خلال التظاهرات للتعريف ببعض الخبرات التقنية التشكيلية وورشات عمل في النقد التشكيلي للمساهمة في تكوين الشباب الصاعد وربط علاقات مع المؤسسات الخاصة وقاعات العرض في الدول المهتمة بالفن العربي.وللمركز هيأة قارة متكونة من فنانين ونقاد من بلدان عربية وكذلك هيأة شرفية دورية تكريما للفنانين العرب الذين قدموا خدمات جليلة بفنهم للإنسانية وللإبداع عامة. على كل منخرط دفع واجب الانخراط والحصول على بطاقة عضويةللمركز الذي يروج للسلم والتسامح عبر الجمال، ويرفض ويقصي كل من يحاول ترويج أعمال عنصرية أو متطرفة تخل ببعد المركز الإنساني وقبول الاختلاف في كنف المساواة والاحترام.ما هي أهم الخطوات أو الإصلاحات التي تعتزم القيام بها بعد مباشرة مهامك على رأس المركز العالمي للفنون التشكيلية، وكيف يمكن أن تعمل على جعل الفن التشكيلي في المغرب يحظى بمزيد من الاهتمام؟المهمة ليست سهلة، ولكنها ليست صعبة كذلك، فمنذ تسليمي إدارة المركز وضعت استراتيجية إعلامية وأخرى تواصلية وذلك بالاتصال بمجموعة من الفنانين سواء في المغرب أو أوربا بحكم القرب الجغرافي للمغرب والحديث عن المركز العالمي والبحث في سبل التعاون بين الفنانين كفتح حلقات للنقاش تمهيدا لأن يكون فرع المغرب فاعلا داخل العالم العربي، لما للتشكيل المغربي من حمولات، وتوفر المغرب على رواد في الفن التشكيلي المعاصر وكذلك على مواهب تنتظر فتح الآفاق أمامها، وسننسق في هذا الإطار مع الرئيس زيدان نعمة وباقي المراكز للتواصل واقتراح آليات للعمل المشترك خدمة للفن العربي.وبالنسبة إلى الفن التشكيلي المغربي، هناك موقع إلكتروني قيد الإنشاء”آرت بريس. إم آ” سيكون بوابة الفنانين المغاربة على العالم وسيكون فيه معرض تفاعلي وتلفزيون، وكل ما استجد في عالم الفن التشكيلي، كما يتم التفكير في أن يكون صلة وصل بين كل المواقع التي يشملها المركز العالمي للفنون التشكيلية. ومن جهة أخرى، سيقوم المركز بعقد شراكات مع وسائل الإعلام المغربية كإطار وبادرة لتشجيع المنتوج المحلي وتشجيع الكفاءات، وسنراسل كل الجهات المعنية للنهوض بالفن التشكيلي المغربي ليحتل المكانة التي يجب أن تكون موازية لقيمته على المستوى العالمي.أرجو أن تسرد لي أهم المحطات في مسارك المهني ارتباطا بعالم الفن التشكيلي؟سأعود بذاكرتي إلى الوراء لأحكي لك عن ذكريات الطفولة كما رسمتها، فمنذ سن سبع سنوات وأنا مولع بالرسم على الجدران وفي الشارع حتى أنني في صغري تعاملت مع الطبيعة التي كانت تجذبني كالتراب والطين والخشب. كلها مواد كنت أتعامل معها فنيا إما لصنع الدمى أو نحت الوجوه، وغير ذلك من الأحاسيس الإبداعية التي كانت تخالجني. والذي شجعني وبث في هذا الشعور الفني الجميل أبي رحمه الله، فهو من كان يوفر لي المجال والمكان وأدوات الاشتغال من صباغة وفرشاة، رغم أنه لم يكن متعلما ولكنه كان عصاميا مبدعا، فنان بمعنى الكلمة. أما البداية الحقيقية فكانت في سن الرابعة عشرة وبالضبط في مدينة الكارة، حيث قمت ومجموعة من الفنانين بمعرض جماعي، أتذكر أننا كنا ثلاثة وقد حصلت على الجائزة الأولى. هذا عن البدايات وبعدها كانت الدراسة وتخللتها محطات ومعارض جماعية وفردية وأوراش ساهمنا فيها في تكوين الطلبة والتلاميذ والأساتذة، وكانت المحطة الرئيسية هي معرضي الشخصي تحت عنوان “فضاءات للتواصل” بمعهد سيرفانتيس بمدينة الدار البيضاء سنة 1996، وكانت هذه هي البداية الرئيسية للولوج إلى عالم الاحتراف، تلتها مجموعة من المعارض بالمغرب وخارجه. وكان معرض مارتيل الشاطئ السنة الماضية من أهم المحطات في مساري الفني، وذلك نظرا لعدد الزوار الذين وصل عددهم إلى 30 ألف زائر وكان فيه مجموعة من الفنانين الكبار. باعتبارك فنانا تشكيليا، إلى أي مدرسة تنتنمي؟ كنت أشتغل على اللوحات الواقعية التي أقتبسها من المحيط الذي عشت فيه، لكن لا أخفيك القول إنني وجدت نفسي في العمل التجريدي، فعندما كنت أشتغل كنت أركز كثيرا على الفن الإسلامي وعلاقته بالنور والحركة، فالإنسان لا ينظر إلى الكون ودورانه. النور في العملية الإبداعية نستحضر من خلاله مجموعة من الأشياء، فهو النور هو مهم في العملية الإبداعية وفي عهد الاستشراقيين كانوا يأتون من الغرب بحثا عنه هذا النور، ولكن ليس لديهم مناهل تزودهم بما يحتاجون إليه عكسنا نحن، فالفن الإسلامي غني جدا بالمواضيع مثل الزخرفة والنقش والروحانيات التي نستمدها من القرآن الكريم،.كلها عناصر تغني الفن التشكيلي وتجعله يرقى وينافس الفن الغربي، إن لم أقل بأن الفن العربي والإسلامي يكون الأرقى والأسمى على المستوى الجمالي، ذلك اعتبارا لآليات العملية الإبداعية التي تجعل من التراث الإسلامي أساسا للإبداع والابتكار.وعن سؤالك أي المدارس التي أنتمي إليها أجيبك، المدرسة الحداثية والتي لا ترتبط أساسا بالمدارس الكلاسيكية الموجودة، نحن كمبدعين لا نريد أن نضع أنفسنا في خانة محددة، ونحصر أنفسنا في مدرسة بذاتها، بل في نظري نترك العملية الإبداعية هي التي تحدد نوع العمل وتحدد هويته وتصنيفه، والإطار الزمكاني لهذا المنتوج الفني والذي عبر شروط للعملية الإبداعية يحقق الانتشار، ولا حاجة آنذاك لتصنيفه أو وضعه في خانة معينة أو إطار أو مدرسة، بل في نظري هو فن وحسب فالفنان التشكيلي يعيش في مجتمع تحيط به مجموعة من السلوكيات ويشاهد مجموعة من الصور. هذه المشاهد تشكل له تصورا للمواضيع التي يمكن أن تكون عنوانا للوحاته يعبر عنها من خلال الفرشاة والصباغة، فاختيار الموضوع ينبغي أن يكون خاضعا لقوانين معينة كيف نضع اللون والشكل، وكيف نمزج بين الألوان، وأن يعرف المتلقي أن الفنان له اهتمامات متعددة متداخلة فيما بينها هي من تكون إنتاجه وإخراجه لتلك اللوحة، فهي في البداية والنهاية عبارة عن تصور شمولي يصل إليه الفنان برؤيته المختلفة العميقة وليست السطحية.مازال الفن التشكيلي في المغرب نخبويا على اعتبار الثمن الباهظ الذي يفرضه عدد كبير من الفنانين مقابل بيع لوحاتهم، فما رأيك في الموضوع؟للأسف مازلنا نعيش هذا الأمر، ولعل ما يزيد في الأمر سوءا دخول سماسرة الفن على الخط، وهذا الوضع يفقد الفن هويته ورسالته السامية والتي هي مرآة الشعوب. إن الفن حين يكون داخل صالونات مغلقة، ما الفائدة منه إن لم يصل إلى الجمهور لتربية الذوق العام والمساهمة في رفع مستوى التربية عند المواطن. ولكن في مقابل ذلك يوجد فنانون مبدعون يضحون بمالهم ووقتهم من أجل هذا الهدف النبيل... والمستقبل مشرق وسيكون الفن كما عهدناه إحدى الوجهات المشرقة في بلدنا.كيف ترى تأثير ظهور جيل جديد من الفنانين التشكيليين الشباب من خريجي مدرستي البيضاء وتطوان الذين جاؤوا برؤية فنية مختلفة؟إن مدرستي الدار البيضاء وتطوان ولا ننسى كذلك مدارس الفنون التشكيلية ومراكز تكوين أساتذة الفنون الجميلة والمدارس الخاصة في الفن، كلها ساهمت وتساهم في تخرج أفواج من المبدعين برؤية حداثية ومتطورة، وهؤلاء الشباب يستطيعون أن يكونوا في المستقبل مرآة للفن المغربي المعاصر لنكمل معا مسيرة الرواد ولنجعل من الفن المغربي رائدا كما كان، وهذا يتطلب كذلك أن تقوم الدولة بما يلزم لتتبع الفنانين ومساعدتهم لتحقيق هذه النهضة الفنية لأن الفن هو”تيرموميتر” الشعوب وتعبير عن مدى تطورها وسموها. أجرت الحوار: أمينة كندي

السماسرة أفقدوا الفن التشكيلي هويته

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قراءة: مجلة "الكلمة"تنصت إلى النبض العربي

الإفراج عن عدنان بعد إضراب عن الطعام استمر 66 يوما

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات