سوق الدجاج … أزمة بيئية واجتماعية

مئات الأسر مهددة بفقدان قوتها اليومي بسبب قرار نقل السوق إلى الخيايطة يعيش سوق الجملة للدواجن بالبيضاء أزمة غير مسبوقة، جعلت منه بؤرة بيئية سوداء، تهدد صحة المواطنين على مستويات عديدة، سواء تعلق الأمر بجودة الدواجن المروجة داخله، أو الشروط غير الصحية التي تنتج فيها، قبل أن توجه إلى المستهلكين، أو تعلق بالروائح الكريهة المنبعثة من داخله، والتي تزكم أنوف سكان المنطقة. ومن جهة أخرى، تتواصل الأزمة في صفوف عشرات العاملين بالسوق، المهددين بفقدان قوتهم اليومي، بسبب قرار يقضي بتحويل السوق إلى منطقة "الخيايطة" بضواحي البيضاء. إنجاز: عصام الناصيري يقع سوق الدواجن بالحي المحمدي بالبيضاء، ويعد مركزا مهما لبيع وشراء الدواجن، التي يستهلكها سكان العاصمة الاقتصادية. وتعرض بالسوق أنواع كثيرة من الدواجن والطيور، غير أن النوع الأبيض من الدجاج، يسيطر على السوق، لأنه مطلوب بكثرة، فيما تبقى أعداد الأنواع الأخرى محدودة، من قبيل "البلدي" أو "الكروازي" وأنواع أخرى من الطيور. ورغم أهمية النشاط التجاري الذي يحتضنه سوق الدواجن، إلا أنه يفتقر إلى أدنى شروط السلامة الصحية. آخر الأيام بعد حملة ضغط مكثفة، قام بها السكان وجمعيات المجتمع المدني والمنتخبون، من أجل نقل مقر سوق الدواجن من مقاطعة الحي المحمدي إلى وجهة أخرى، بالنظر إلى ما يسببه لهم من روائح كريهة، تنغص عيشهم، استجابت الجهات المعنية بالموضوع، من سلطات محلية ومجلس الجماعة والمجلس البلدي، لرغبة السكان، وهو ما أسفر عنه اجتماع طارئ في أبريل الماضي، جمع والي جهة البيضاءـ سطات، برئيس الجماعة الحضرية للبيضاء، ومسؤولين من مقاطعة الحي المحمدي، ومن شركة البيضاء للخدمات، وصدر عقبه قرار يقضي بنقل أنشطة السوق إلى منطقة "الخيايطة" ضواحي البيضاء. تنقيل مرتقب يراهن مجلس البيضاء بشراكة مع شركة البيضاء للخدمات، على تنقيل السوق، الذي لم تنفع معه كل خطوات الإصلاح، إذ ظل يشكل نقطة بيئية سوداء، تؤرق بال سكان أحد أعرق أحياء البيضاء، بسبب الروائح، ففي السنوات القليلة الأخيرة خصص مجلس البيضاء منحة تقدر بـأزيد من 800 مليون سنتيم، من أجل إعادة تهيئته، غير أنها لم تنعكس على واقعه. إعادة تهيئة السوق لم تأت بأي جديد يذكر، إذ ظلت الأوضاع على حالها، وزادت درجة التلوث والروائح الكريهة، جراء فضلات الدواجن وأحشائها المتناثرة في فضاء السوق. ولم يمسس الإصلاح كذلك شريحة العمال، الذين يشتغلون بالسوق، من قبيل "الرياشة" وبائعي التقسيط والجملة و"الحمالة" باعتبارهم حلقة مهمة في الدورة الاقتصادية للسوق. وما زالت احتجاجات "الرياشة" قائمة إلى اليوم، ضد نقل سوق الدواجن إلى "الخيايطة"، معتبرين أنه رغم الأوضاع البيئية الكارثية التي يعيشها "الباطوار"، والتي تؤثر مباشرة على العاملين داخله، إلا أن التنقيل يهدد بشكل صريح قوتهم اليومي، إذ قال أحدهم وهو شاب في عقده الثالث يدعى عمر "لدي ثلاثة أبناء، ومجلس المدينة يريد نقل السوق، ولم يفكر في مئات الأسر التي تعيش من هذه المهنة. نعترف أن الأوضاع التي يباع فيها الدجاج وينتج فيها غير صحية، إلا أننا نطالب بحل يرضينا أيضا". ومن جانبه قال فاعل جمعوي، فضل عدم الكشف عن هويته، "إن سوق الدواجن يعيش أزمة بيئية واجتماعية كبيرة. ومقاربة مجلس المدينة في تحويل مكان السوق لم يراع فيها الجانب الاجتماعي". وأوضح المتحدث ذاته، أن المكتب الوطني للسلامة الصحية، أصدر قرارا بمنع "الرياشة"، ورغم ذلك فهم يشتغلون بشكل طبيعي، معتبرا أن هذا السبب دفع مجموعة من الجمعيات إلى عدم الانخراط في ملف "الرياشة" "لأننا سنجد أنفسنا ندافع عن مسألة منعها القانون". أزمة في الأفق عاش قطاع الدواجن في الأشهر الأخيرة أزمة حقيقية، دفعت مهنيي القطاع إلى اتخاذ إجراءات من أجل حماية السوق، إذ لجأ أرباب المحاضن إلى خفض إنتاج الكتكوت، بسبب اختلال موازين العرض والطلب، بالنظر إلى تضرر القدرة الشرائية للمغاربة خلال الأشهر الأخيرة، جراء توالي مناسبات العطلة الصيفية وعيد الأضحى والدخول المدرسي، ما أدى إلى انخفاض الطلب أمام استقرار الإنتاج. الجيراري: لا للتهويل يقول شوقي الجيراري، مدير الفدرالية البيمهنية للدواجن، إن الأزمة التي طفت أخيرا على السطح، بين أرباب المحاضن وجمعيات مربي الدواجن، لا يجب تضخيمها، "لأنه أمر طبيعي أن يحاول منتجو "الفلوس" ضبط السوق"، موضحا أن "بعض أرباب المحاضن لم يقلصوا من إنتاجهم، وذلك حسب الطلب والزبناء، فيما البعض الآخر فضل تخفيض الإنتاج، حتى لا يضطر للبحث عن زبون ليخلصه من سلعته، أو أن يبيعها بدرهم أو 50 سنتيما". واحتجت جمعية مربي الدواجن على قرار أرباب المحاضن، وهددت باللجوء إلى استيراد الدواجن من الخارج، إذا ما فاق ثمن "الفلوس" درهمين ونصف دراهم أو ثلاثة دراهم، معتبرة أن الأمر سيكون له ضرر على المربين والمستهلكين، إلا أن الجيراري، رفض هذا الطرح، مؤكدا أن المسألة يدخل فيها ما هو سياسي، مستبعدا أن تكون هناك زيادات كبيرة في أسعار الدواجن.

سوق الدجاج … أزمة بيئية واجتماعية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"مسار" يحتفي بعمر السيد

جرائم مروعة... قتل وتقطيع

مقالات ذات صلة