قراءة: سيادة الكتابة في “القبض على الموج”

تنخرط مجموعة "القبض على الموج" الصادرة حديثا، في مشروع كتابة بما هي اختيار حياتي وإعلان شهادة مغربية أولا، وفي مشروع قصصي يروم تقديم الحكي كبناء عالم، ومراودة السرد من منطلق تخصيب الخيال وفتح إمكانات التموقف عبر سبيل غير الفكر والكلام المباشر، عبر لغة غير كلاسيكية تزاوج ما بين المقول والمكتوب في خط قصصي خاص. تقوم بذلك تأسيسا على بعض الموروث القصصي العالمي، وعلى خبرة في فن ترصيف الكلمات، للتعبير عن حالات وفضاءات وأشخاص في أزمنة مقتطعة من اليومي المعهود، والرقي به إلى مدارج التخليد الأدبي الجميل، غاية كل كاتب يبدع في زاويته الشخصية الخاصة.فالكتاب الأدباء فرانز كافكا وشارل بيكوفسكي وأرنست همنغواي، مثلا، في بعض القصص، ليسوا سوى علامات هرمية في تلك الموسوعة الكبيرة التي نشأ فيها الإبداع العالمي ورفده في كل القارات بالفتوحات البينة والتحويرات العبقرية، وبالتالي مكنت وتمكن كل كاتب من خوض التجربة والمنافحة المتواضعة بعد أن امتزجت في المخيلة الشخصية بالرغبة في الكتابة والقص.والأنواع المتخيرة من السرد الواقعي والعجائبي والحميمي والبوليسي، مثلا، هي إطارات شاسعة مشرعة على جميع الممكنات والمستحيلات، وجد فيها الكاتب قدرا من معين لنسج صوته وعوالم شخصياته الحائرة المتذبذبة الواقعة في حالات استعصاء وجودية، فتحاول الخروج منها بأقل خسارة حياتية، وببعض الفهم للغموض وللبس الكامنين في التفاصيل. فالكاتب مبارك حسني يجرب مقارعة التفاصيل الممثلة في الأشياء وظيفية أم تزينية، والحوارات عادية أو قاتلة، والعواطف عابرة أو مستبدة، والأمكنة حاضنة أم مسكونة بالسر. لا يكتب من أجل غوص لغوي لا طائل منه، بل كي تكون اللغة مباشرة وواصفة ومؤثرة وفاعلة في تلاق مع الواقع الملموس. مع حظ لا بأس به من المغامرة الواجبة، والجرأة الضرورية، وأقصى درجات الصدق، كي لا يفقد الأدب دوره كمحفز وفاضح وكاشف ومسائل للذوات والبواطن والفكر أحيانا.فلا لغة بلا حكي، ولا قص بلا خيال، ولا أدب بدون جرأة وغرق في الذي لا يريد أصحاب التواضعات التوافقية نشره وإشاعته، أي ذلك الأدب الصريح المتقن، وتلك القصة القصيرة التي لا تهمها القضايا الكبرى الخارجة من الإيديولوجية المتعالية والحزبية غير المنخرطة والنظريات الجامعة للجموع. بل القصة القصيرة التي تؤثر عاطفيا، تخلق الأثر لدى القارئ كأي فن وكأي إبداع يحترم صفته.قصص المجموعة كتبت بروح الأدب الرصين، وتنشد الكتابة في العمق فقط. قصص تحمل العناوين الآتية: حالة سفر، أسر الهوى، رجل فوق جسر، حب في مقهى كليشي بلاص، قصة بوليسية قصيرة جدا، وجه يبتسم في مرآة، مساء السبت، لقاء كافكا، لماذا يجف البرتقال؟ خلود الأشياء ليس غريبا، قلب لطفية، يوم 31 دجنبر من سنة ما، الرجل ذو القبعة السوداء، لكمة بيكوفسكي، المشجب. وقد سبق نشر جله في ملاحق ثقافية وأدبية مغربية وعربية. والمجموعة جاءت بعد إصدارين اثنين، هما "رجل يترك معطفه" سنة 2006، و"الجدار ينبت ها هنا" سنة 2008. الصباح

قراءة: سيادة الكتابة في “القبض على الموج”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

انطلاق الدورة الثالثة لملتقى الشارقة

مسار: طه عبد الرحمن...فقيه الفلسفة

مقالات ذات صلة