fbpx
ملف الصباح

وصفات العشابة… إقبال كبير ومخاطر محتملة

قرب مسجد العرفان بالحي الحسني بالدار البيضاء وجدنا عمر آيت سعيد منهمكا في شرح وصفة تقليدية من الأعشاب لزبون في بداية الأربعينات من عمره. الزبون يتتبع نصائح العشاب عمر بانتباه وتركيز كبيرين. “ملعقة كبيرة في نصف لتر من الماء خليها تغلي مزيان”، يشرح عمر، ثم يضيف “هذا تبقى تشرب منو كل صباح على الريق وبعد الغدا والعشاء”، يواصل عمر تقديم تفاصيل وصفة لمشكل في الجهاز الهضمي يعانيه الزبون المصغي بانتباه.
بعد أن يخلص عمر من عرض تفاصيل الوصفة التي جاء من أجلها الزبون يرحب بـ”الصباح” ويشرع في تقديم شروحات عن الوصفات التقليدية التي يقبل عليها الباحثون عن “التهييج” الجنسي. يخبرنا عمر آيت سعيد، الذي تلقن مبادئ الحرفة على يدي والده منذ كان يافعا، أن هذه الوصفات تعرف إقبالا كبيرا. المفاجأة التي يطلعنا عليها العشاب عمر لا تتعلق بالإقبال الكبير في حد ذاته، بل تكمن في أن المترددين على محله ينتمون إلى مختلف الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية.
“الذين يترددون على المحل من أجل طلب وصفات “منشطة” يتوزعون بين العزاب والمتزوجين” يقول آيت سعيد، الذي يضيف أن الوصفات التي يعرضها بمحله تضم في تركيبتها “خودنجال، والزنجبيل، وسكين جبير، والقرنفل” يضيف عمر، الذي يؤكد أن القاسم المشترك بين هذه المواد الأربعة أنها “تبعث في الجسد حرارة كبيرة قادرة على إحداث أثر إيجابي على أداء الأعضاء التناسلية”.
عندما يحضر “طلاب النشاط الجنسي” إلى محل العشاب عمر، الذي هو أيضا عضو في الهيأة الوطنية للعشابين، فإنهم يتحدثون عن “البرودة”، أو العجز الجنسي. ويقول آيت سعيد إنه عندما يحضر إلى محله مريض أو مريضة وبمجرد ما يبدأ الحديث عن مصدر معاناته وبالاعتماد على طريقة حديثه “يمكنني أن أشخص سب مرضه، فإذا كان عضويا فإنني أشير عليه بالتوجه إلى طبيب مختص”.
ويؤكد آيت سعيد أنه في الكثير من الحالات يكون الأمر متعلقا بمشاكل نفسية هي التي تؤدي إلى الإصابة “بالبرود الجنسي” وتدفع أصحاب هذه الحالات إلى البحث عن أصناف المهيجات سواء كانت عبارة عن مستخلصات طبيعية لأعشاب طبيعية أو لأدوية صيدلانية. ويضيف العشاب، الذي حضر مجموعة من الدورات التكوينية عززت خبرته الموروثة في حقل التداوي بالأعشاب، أن “البرود الجنسي، الذي يعرف في الأوساط الشعبية بالتقاف، غالبا ما يكون مرده إلى أسباب نفسية أكثر منها عضوية”، موضحا أن الكثير من الحالات التي تتردد على محله “غالبا ما يعاني أصحابها من مشاكل أسرية ومعيشية مرتبطة غالبا بضغط المعيشة اليومية والإرهاق في العمل وهي أمور تقتضي أن يريح المرء ذهنه منها”.
ففي محله الذي تزينه القوارير الزجاجية المرتبة بأناقة وعناية كبيرتين فوق رفوف زجاجية، وجدرانه الموشحة بمجموعة من الشهادات التقديرية وتلك التي حصدها من الدورات التكوينية على يدي عشابين من المغرب ومن العالم العربي، يستقبل آيت سعيد حالات مرضية تتوزع بين مشاكل الجهاز الهضمي، مثل المعدة والأمعاء، والجهاز التنفسي، الحساسية والضيقة، وأخرى مرتبطة بالعجز الجنسي والبرود الجنسي.
والطريف في الحالات التي تفد على محله، والمرتبطة بالعجز الجنسي، أن أصحابها لا يمتلكون الجرأة في الإفصاح عنها بصراحة، إذ يلجؤون إلى المراوغة ويتحدثون عن مشاكل أخرى قريبة أو لا تمت بعلاقة إلى موضوع إصابتهم، وفي بعض هذا الحالات يكتفي آيت سعيد بالتقاط التلميحات إلى الأمراض التي يعانيها المصابون فيحاول إما أن يصف لهم الدواء المناسب أو يوجههم إلى الطبيب المختص لإجراء التحاليل اللازمة إذا كان المرض في حالة متقدمة.
وأشار إلى أن حالات بعض المرضى لا تعدو ان تكون وسواسا مرضيا، مستحضرا حالة شخص كان يعتقد أنه مصاب بعجز جنسي، فقام بتزويده بالقليل من ماء الرقية الذي لا توجد به أي أعشاب وفي اليوم الموالي حضر المريض ليخبره بأنه تخلص من عجزه.
وفي السياق ذاته قال إن العشابين الذين ينتشرون في الشوارع وأمام المساجد بعرباتهم المدفوعة لا هم لهم سوى البحث عن الربح السريع وأن هاجسهم الوحيد تجاري محض، مشددا على أن عليهم أن “يراعوا صحة الناس الذين يلجؤون إليهم طلبا للعلاج”، وكان آيت سعيد يرد على سؤال لـ”الصباح” حول مصداقية العشابين في ظل تفشي هذه الظاهرة في كل الساحات والأماكن العمومية، مبرزا أن الأمر يرجع إلى غياب أي تقنين لهذه الحرفة من طرف الدولة.
إلى ذلك، أكد الدكتور نبيل العياشي الأخصائي في الحمية والتغذية بمستشفى ابن سينا بالرباط، أن الباحثين عن تقوية قدراتهم الجنسية “يغامرون بصحتهم عندما يلجؤون إلى تعاطي أعشاب لا يعلمون المخاطر التي تشكلها على صحتهم”.
واعتبر أن مواد مثل الزنجبيل والقرفة التي تُستعمل بشكل كبير في وصفات الكثير من العشابين تشكل خطرا كبيرا على صحة متعاطيها، موضحا أن تناول مقدار ملعقة كبيرة مثلا من مادة القرفة من شأنه “إيذاء الكليتين، لأن جميع السوائل تمر عبر هذا العضو للتصفية”، مشيرا إلى أن مقادير هذه الأعشاب غالبا ما لا تُحترم كما لا تُحترم مواعيد تعاطيها، داعيا إلى أن يكون من يصفها أخصائي في المرض، وعلق على الإفراط في تعاطي الأعشاب المنشطة جنسيا بالقول إن “الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده”.
محمد أرحمني

قرب مسجد العرفان بالحي الحسني بالدار البيضاء وجدنا عمر آيت سعيد منهمكا في شرح وصفة تقليدية من الأعشاب لزبون في بداية الأربعينات من عمره. الزبون يتتبع نصائح العشاب عمر بانتباه وتركيز كبيرين. “ملعقة كبيرة في نصف لتر من الماء خليها تغلي مزيان”، يشرح عمر، ثم يضيف “هذا تبقى تشرب منو كل

Assabah

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد


يمكنكم تسجيل دخولكم أسفله إن كنتم مشتركين

تسجيل دخول المشتركين
   


زر الذهاب إلى الأعلى