جلال: القانون الجديد بداية الإصلاح

منح حماية المهنيين والعقود الثوثيقية والانتظارات متوقفة على المستقبل يرى جلال حكمت، موثق بمراكش، أن القانون 09-32، جاء ليضع لبنة جديدة في بيت المقاربة الشمولية لإصلاح القضاء والجهود الهادفة إلى تحديث وتطوير المؤسسات القانونية والقضائية، وذلك بعد طول ترقب وانتظار أصبح معهما ظهير 04 ماي 1925 شاحبا نشازا بين أقرانه من القوانين، بسبب ما شهده من جمود جثم على صدره لعقود طويلة. ويضيف المتحدث نفسه أنه في الوقت الذي تلقى فيه أغلب الفاعلين القانونيين هذا القانون بالهتاف والتصفيق، تعالت بعض الأصوات منددة بما حوته بعض نصوصه من مقتضيات تبدو في ظاهرها مخيبة للآمال، وتعد في ملامحها تراجعا عن مجموعة من المكاسب التي كرسها القانون الحالي المنظم لمهنة التوثيق. قال جلال حمكت في لقاء مع «الصباح» «لن نقول إن قانون 09-32 في صيغته التي نشر بها جاء مستوفيا لشروط الكمال، وإنه يستجيب لكل ما نروم إليه كموثقين، والدليل على ذلك هو الكم الهائل من مقترحات التعديل التي تقدمت بها كل من الغرفة الوطنية للتوثيق العصري بالمغرب، ومجموعة من الفرق البرلمانية على مستوى مجلس المستشارين، التي لما لم تتمكن من إدراج تعديلاتها، لحساسية المرحلة و ضغط الزمن، أخذت على عاتقها التزاما معنويا بتبني تلك التعديلات وتقديمها في إطار مقترحات قوانين تسد النقص وترفع اللبس». واستطرد المتحدث نفسه في عرض بعض الجوانب الإيجابية التي جاء بها القانون، كما سلط الضوء على مظاهر الحماية التي تضمنتها نصوصه.فهو، حسب جلال حكمت، قبل كل شيء حماية للمصلحة العامة، لأنه جاء تثبيتا وترسيخا لمهنة أضحت تكتسي أهمية كبيرة من الناحيتين القانونية والاقتصادية على حد سواء، لما لها من دور بالغ في ميدان استقرار المعاملات وتشجيع الاستثمارات، وهذا ما أبرزته بعض القوانين المنشورة مع القانون المذكور، والتي منحت الاختصاص في مادة الحقوق العينية لأهل الاختصاص، وهم بلا ريب المحامون والعدول والموثقون، في خطوة جريئة لقطع دابر العقود عرفية المجهولة الهوية.كما أنه (القانون) حماية لمهنة التوثيق ذاتها، وذلك بنصه على حالات التنافي، ووضعه شروطا جديدة للانخراط كتحديد السن الأدنى والسن الأعلى، واستثناء المحكوم عليهم ببعض الجنايات أو الجنح ولو مع رد الاعتبار، وجعل الانخراط في التمرين متوقفا على اجتياز مباراة الولوج، ونص على إحداث معهد للتكوين، وإقرار نظام خاص للتمرين يتضمن مجموعة من الاختبارات ثم الامتحان المهني، إضافة إلى وضع مدونة القيم والسلوك التي يخضع لها لزوما كل الموثقين، وأخيرا النص على العقوبة الجنائية ضد كل من انتحل صفة موثق.وأضاف المحدث نفسه أن القانون جاء لحماية العقد التوثيقي، وذلك من خلال وضع مجموعة من المقتضيات والمواصفات الشكلية قبل الموضوعية، من قبيل كيفية تحرير العقد و لغة التحرير، وترقيم الصفحات والفوارق بين الفقرات، وكيفية تصحيح الأخطاء والإغفالات، ووضع التوقيعات والأختام، وكذا شكل النسخ والنظائر وكيفية تسليمها، وكل ذلك ابتغاء توحيد المظهر الخارجي والشكلي للعقد التوثيقي صيانة لجوهره، بعدما كان يشهد تباينات باختلاف مدارس التكوين. وانتقل جلال حكمت إلى الحديث عن المواطن المستفيد من خدمات الموثق، مفيدا أن قانون 09-32 أحاط المتعاقد المتعامل مع الموثق بضمانات عديدة حماية لحقوقه، ولا شك أن من شأن هذه الضمانات وهذه الحماية أن تعمق الثقة في مؤسسة الموثق، وتحفظ لها المكانة المتميزة التي تتبوؤها في نفوس المواطنين. وتكريسا لمفهوم المرفق العام، يحق لكل مواطن، كيفما كان وضعه ووضعيته، أن يستفيد من خدمات الموثق، ولا يحق لهذا الأخير الامتناع عن القيام بواجبه إلا إذا وجد سبب مشروع يخول هذا الامتناع، ثم على الموثق أن يتحقق من هوية الأطراف وصفتهم، وفي ذلك حماية لأصحاب الحقوق الأصليين وقطع الطريق أمام المتلاعبين، كما يجب على الموثق أن يسدي النصح للأطراف ويوضح لهم الأبعاد والآثار التي قد تترتب عن عقودهم، وفي حالة جهل هؤلاء للغة التي حرر بها العقد، فمن حقهم الاستعانة بترجمان محلف، والموثق ملزم بالمحافظة على السر المهني في كل ما يتعلق بعقود وتصريحات الأطراف، وعليه أن يضع المبالغ المودعة لديه فور تسلمها بصندوق الإيداع و التدبير، ولا يحق له أن يتقاضى أكثر من أتعابه المشروعة وما أداه من صوائر مثبتة. كما تطرق المتحدث نفسه إلى حماية المواطن من الأخطاء التي قد يرتكبها الموثق أثناء مزاولته مهامه، إذ أوضح أن القانون ألزم الموثق بإبرام عقد للتأمين عن مسؤوليته المهنية، كما أقر صندوقا لضمان الموثقين. ويبقى نصيب الموثق من الحماية، ما ورد متناثرا في مواد متفرقة، يمكن من استقرائها أن تصنف في أقسام ثلاثة:1/ حماية الموثق في مواجهة نفسه، وذلك بسن التكوين المستمر والانخراط في اللقاءات والندوات العلمية، ثم إلزامه بالتأمين على المسؤولية المدنية كما سلف.2/ حماية الموثق في مواجهة زملائه، وذلك من خلال ما يلي:ـ الحد من المنافسة غير المشروعة، بناء على تحديد الأتعاب والحد من تنقل الموثقين خارج دائرة الاختصاص الترابي إلا في حالات استثنائية ووفق شروط معينة.ـ الحق في نيل قسط من الأتعاب في حالة الإنابة، سواء كان نائبا أو منوبا عنه.ـ التقيد بمدونة القيم والسلوك المهني، والعهد بمهمة فض النزاع بين الموثقين إلى رئيس المجلس الجهوي.ـ تمكين الموثقين من إبرام عقود المشاركة في الوسائل اللازمة لممارسة المهنة وإدارة وتسيير المكتب، وفق أنموذج موحد يتولى وضعه المجلس الوطني.3/ حماية الموثق في مواجهة الأغيار، فبتصفح مواد القانون لا نجد إلا مادة يتيمة هي التي تضمنت حماية الموثق أثناء مزاولته مهامه، ونصت الفقرة الأولى من المادة 92 على أنه «يتمتع الموثق أثناء مزاولة مهامه أو بسبب قيامه بها بالحماية التي تنص عليها مقتضيات الفصلين 263 و267 من مجموعة القانون الجنائي». و لعل خلو القانون من مقتضيات صريحة وواضحة تتناول حماية الموثق في بعض الأمور الجوهرية يجعل من هذا الأخير الطرف الأضعف في المعادلة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ما نصت عليه المادة 37 من كون «الموثق يتحقق تحت مسؤوليته من هوية الأطراف وصفتهم وأهليتهم للتصرف، ومطابقة الوثائق المدلى بها إليه للقانون»، فأين هي حماية الموثق الذي لا يتوفر على الوسائل اللازمة للتحقق من الوثائق المدلى بها إليه؟ خصوصا مع ما يعرفه عالم التزوير من إبداع وتطور، و أين هي حماية الموثق في مواجهة مقتضيات المادة 27 التي تحمله المسؤولية عن تصريحات وبيانات احتمالية كان بإمكانه العلم بها أو معرفة مخالفتها للحقيقة؟ ثم أين هي حماية الموثق من مقتضيات المادة 34 التي تمنع إبرام عقود تنصب على أموال غير قابلة للتفويت، أو أن تفويتها يتوقف على إجراءات غير مستوفاة، دون تقييد هذه العقود بالنهائية؟ مما يفهم من ظاهره أن بعض الوعود بالبيع أو بعض التفويتات المعلقة على شروط واقفة لم تعد تجد لها مكانا في مهنة التوثيق. وعلق جلال حكمت أنه كان لازما التطرق إلى تلك الملاحظات لنشير إلى أن العمل، وإن اجتاز أصعب وأهم مراحله، فهو لا يزال بحاجة إلى مراجعة و تنقيح، ولعل عزاءنا ونحن ننتظر ذلك أمران:أولهما، إحداث الهيأة الوطنية للموثقين التي من شأنها حماية المهنة والدفاع عن مصالح الموثقين والمتعاملين على حد السواء.ثانيهما، الأمل في ترجمة التزام الفرق البرلمانية والوزارة الوصية بإدخال التعديلات الضرورية التي من شأنها تلبية طموح جميع الفاعلين، إن لم يكن على مستوى التطابق، فلعله على مستوى التسديد والتقارب. المصطفى صفر

جلال: القانون الجديد بداية الإصلاح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قراصنة يستهدفون المواقع الإلكترونية القطرية

مقتضيات القانون الجديد تحمي الموثق

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات