تطلب تشييده خمسة ملايير ويضم 80 لاعبا يكلفون 60 مليونا سنويا لدراستهم يقع مركز تكوين الفتح الرياضي على بعد أمتار معدودة من المركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط، إذ لا يفصله عنه إلا الطريق السيار الرابط بين العاصمتين الإدارية والاقتصادية للمملكة. وجاء تشييد مركز تكوين الفتح الرياضي، الذي انطلق العمل به الموسم الماضي، بناء على الإستراتيجية التي وضعها مسؤولو الفريق، لتجاوز مشكل جلب لاعبين بمبالغ مالية مهمة، طالما استنزفت مالية الفريق، إذ أن الهدف منه بالدرجة الأولى، الاستثمار في اللاعبين، للاستفادة منهم تقنيا وماديا. وشكل إحداث مركز تكوين الفتح، إحدى أهم النقط التي راهن عليها المسؤولون، منذ أن أصبح الفريق في حلة جديدة، وقطيعته مع الماضي المثقل بمشاكل التسيير، ما تسبب له في النزول إلى القسم الوطني الثاني، وتخبطه في صراعات داخلية، كادت أن تعصف به نحو المجهول، قبل مجيء الرئيس السابق علي الفاسي الفهري. وأضحى مركز تكوين الفتح منذ افتتاحه، إحدى أهم المعالم الرياضية التي تؤثث العاصمة الرباط، ومفخرة للرياضة الوطنية، إذ شكل نموذجا يحتذى به أمام وفود الاتحادات المحلية الإفريقية، التي تتطلع للاستفادة من تجربة الفتح في هذا المجال. مواصفات عالمية شيد مركز تكوين الفتح على مساحة تسعة هكتارات، حتى يضمن المسؤولون بالفريق، توفره على جميع المواصفات التي تتطلبها مثل هذه المرافق على الصعيد الدولي، إذ أضحى من أفضل مراكز التكوين بالمغرب، بالنظر إلى المرافق الكبيرة التي يتوفر عليها وجودتها. ويضم مركز تكوين الفتح الرياضي ستة ملاعب، ضمنها اثنان بالعشب الطبيعي، حيث يخوض الفريق الأول جميع تداريبه، بالنظر إلى ملاءمتهما مع عشب ملعب مولاي الحسن الذي يخوض به الفريق المباريات الرسمية، إضافة إلى أربعة ملاعب مكسوة بالعشب الاصطناعي، ما يساعد الفريق على التأقلم مع هذا النوع من الأرضية، بحكم أنه يخوض مباريات بملاعب تتوفر على العشب الاصطناعي سواء في البطولة الوطنية أم على الصعيد الإفريقي. ويعد عشب ملاعب مركز تكوين الفتح، من أفضل الأنواع على الصعيد الدولي، إذ حرص المسؤولون على اقتناء أجودها، لضمان استمرارها مدة طويلة، وحتى يتمكن الفريق من التدرب في ظروف جيدة، دون البحث عن ملاعب أخرى بالعاصمة، سيما أن الفريق عانى هذا المشكل في فترات سابقة. كما يتوفر الملعب على أربع عمارات تضم الأولى مكاتب المسؤولين وقاعة الندوات ومتحفا به جميع ألقاب الفريق، والثانية مخصصة للفريق الأول، بها مكتب المدرب والمسؤول عن الإعلام والطاقم التقني، وقاعة لارتياح اللاعبين ومشاهدة التلفاز وبعض الألعاب، ومستودعات الفريق الأول والطاقم التقني واستوديو لتتبع البرامج الخاصة بالفريق وتسجيلات الفرق المنافسة وقاعتان للأمتعة وأخرى للعلاج، والثالثة تضم مقهى ومطعما للوجبات الغذائية ويضم ما بين 60 أو 80 فردا، ومطبخا به موظفون تابعون للفريق مجهزا بأحدث الأجهزة، وإدارة الفريق ومصلحة خاصة بالمالية وقاعة للتطبيب، بها مكتب خاص بالطبيب لإجراء الفحوصات، وقاعة خاصة بالمدلكين وقاعة إعادة الترويض مجهزة بجميع الأجهزة، وقاعة بها مسبح صغير تستعمل للترويض، والرابعة بها غرف للاعبين تضم كل واحدة ما بين سريرين إلى ثلاثة، مع قاعتين كبيرتين تضمان ثمانية أسرة دفعة واحدة، وجميع الغرف توجد بها مكاتب خاصة بكل لاعب، وقاعات خاصة بالحراس، ومكتب خاص بمدير التكوين وآخر لمساعده وثالث لمسؤول عن مدرسة التكوين، وقاعات خاصة بدروس الدعم. برنامج خاص يضم مركز تكوين الفتح الرياضي 80 لاعبا، حسب آخر المعطيات التي توصل بها "الصباح الرياضي"، ضمنهم 60 لاعبا مقيما بمركز التكوين، و20 من أبناء الرباط يقضون كامل وقتهم بالمدرسة والمركز ويتناولون وجباتهم به، غير أنهم يبيتون بمنازلهم، كلهم يخضعون لبرنامج دراسة ورياضة، إذ أن جميع اللاعبين يتابعون دراستهم في جميع المستويات الدراسية. ويخضع لاعبو مركز تكوين الفتح الرياضي إلى برنامج خاص، إذ عملت إدارة الفريق على ملاءمة تدريباتهم مع فترات الدارسة في مختلف إعداديات وثانويات وجامعات الرباط، واضطرت إدارة الفريق التي عينت مسؤولة تربوية لتتبع تمدرس هؤلاء اللاعبين إلى إجراء تكوين في إحدى المهن لفائدة لاعبين لم يتابعوا دراستهم السنة الماضية. وتمكن تسعة لاعبين من الحصول على شهادة الباكلوريا السنة الماضية، إذ ولج بعضهم إلى معهد مولاي رشيد، فيما تمكن آخرون من الالتحاق بالجامعة، كل في مجال تخصصه. ويرفض الفريق تدريس اللاعبين بمركز التكوين، رغم توفره على الإمكانيات، إذ ارتأى المسؤولون أن يستفيد اللاعبون من الدراسة بالمدارس الوطنية، للحفاظ على تكوينهم بشكل سليم. ويتم توزيع ساعات التدرب الخاص بكل فئة، حسب توقيت دراسة اللاعبين التابعين لمركز التكوين، على أن يستفيد الذين يعانون نقصا في بعض المواد من دروس الدعم، التي توفرها لهم المديرة التربوية، من خلال تعاقد الفريق مع مدرسين وأساتذة لهذا الغرض، كما يقدمون الدعم لهم بشكل مكثف مع اقتراب مواعد الامتحانات. وقررت إدارة الفريق ابتداء من الموسم الجاري، برمجة دروس للاعبين خاصة بالإعلام، لتعليمهم كيفية التعاطي مع وسائل الإعلام الوطنية، وكيفية التعامل مع الناس بصفة عامة، ويدخل هذا الأمر في إطار التكوين المستمر. تدبير مزدوج إن تدبير مركز تكوين الفتح الرياضي يتم تحت إشراف المكتب المديري للفريق وفرع كرة القدم التابع له، الشيء الذي يفرض عليه الخضوع لتدابير وإجراءات قانونية وإدارية صارمة، يتم فيها احترام تخصصات كل طرف. وإذا أحدث مركز تكوين الفتح من قبل المكتب المديري، فإن جميع مصاريف تدبيره تقع على عاتقه، من تكاليف الكهرباء والماء والعاملين به من بستاني ومكلفين بالتنظيف والصيانة، في الوقت الذي يتكلف فرع كرة القدم الذي وضع رهن إشارته بمجال التكوين والجانب التقني. ويتوفر فرع كرة القدم على استقلالية تامة في التصرف في جميع مرافق مركز التكوين، غير أن كل ما يتعلق بالمشاريع الكبرى التي ستشيد به، يجب الرجوع فيها إلى المكتب المديري، باعتباره ملكا خاصا به. وتعاقد المكتب المديري للفتح الرياضي مع شركة صيانة، من أجل الاعتناء بشكل جيد بالملاعب التي يتوفر عليها، سيما أنه يتطلب متابعة دقيقة له، حتى لا يتأثر بعوامل المناخ، والشيء نفسه بالنسبة إلى شركة خاصة بالأمن، وأخرى خاصة بالتغذية، علما أنه لا يتوفر على مطبخ قار، كما هو الشأن في بعض أكاديميات كرة القدم. رصيد بشري إن الهدف الأول الذي راهن عليه مسؤولو الفتح الرياضي بإحداث مركز التكوين، أن يعمل على تخفيض سن اللاعبين الجاهزين للعب بالفريق الأول، من 25 سنة إلى 21 أو 22. ووضع الفريق جميع طاقاته ومسؤوليه، من أجل ضمان تكوين جيل من اللاعبين بعد ثلاث سنوات، قادر على حمل قميص الفريق في سن 22 على الأكثر، الشيء الذي سيضمن لهم حمل قميص الفريق سنوات عديدة، واكتساب تجربة كبيرة، بإمكانها أن تساعدهم على الاحتراف في أبرز الأندية الأوربية والعربية. ويطمح مسؤولو الفريق إلى أن يفرخ مركز التكوين ما بين أربعة وخمسة لاعبين سنويا على الأقل، وأن يتشكل الفريق الأول مستقبلا من لاعبين صغار السن، علما أن الفريق يضمن هذا الموسم أربعة لاعبين، كلهم نتاج مدرسة التكوين. وتعمل الإدارة التقنية بالفريق على استقطاب لاعبين من مختلف أحياء الرباط، بتنظيم دوري سنوي بمشاركة ألمع الأندية بأحياء العاصمة، إذ يشرف مدربو مدرسة التكوين على تتبع أبرز العناصر لإلحاقها بالفريق، وإخضاعهم لتكوين أكاديمي واحترافي، طبق برامج عملية معتمدة دوليا. وتبرأ الفتح الرياضي من الادعاءات التي تطوله في كل مرة، بخصوص سرقته لاعبين ينتمون إلى أندية أخرى، إذ أن جميع اللاعبين الموجودين بالمركز، انتهت رخصهم مع أنديتهم السابقة، ويتوفرون على التزام كتابي من أولياء أمورهم، كما لا تجمعهم بأنديتهم السابقة التزامات بالتكوين، وسبق للمسؤولين بالفريق أن أطلعوا الجامعة على الوثائق الخاصة بهذا الملف. ميزانية المركز بلغت ميزانية إحداث مركز تكوين الفتح الرياضي خمسة ملايير سنتيم، تكلفت الجامعة بها، بعد أن قدم مسؤولو الفريق دفتر التحملات إليها، والشيء نفسه عملت الجامعة على تطبيقه مع أندية أخرى، كما هو الشأن بالنسبة إلى المغرب التطواني. وتبلغ كلفة التكوين بالفتح الرياضي حوالي 60 مليون سنتيم سنويا، يقوم الفريق بدفعها إلى المدارس المتعاقدة معه، لفائدة 80 لاعبا، ضمنها إعداديات وثانويات ومراكز التكوين المهني بالنسبة إلى اللاعبين الذين يتابعون دراستهم بهذه المؤسسات. كما يكلف اللاعب يوميا حوالي 100 درهم مصاريف الأكل، إذ يتناول جميع اللاعبين وجباتهم بمطعم الفريق، ضمنهم اللاعبون غير المقيمين بالمركز، ويتعلق الأمر باللاعبين الذين يقطنون مع عائلاتهم بالرباط. كما يكلف المركز ميزانية مهمة من مالية المكتب المديري، إذ يضم مديرا للتكوين ومساعدا له، وعشرة مدربين ومعدين بدنيين ومدربي حراس، ويتم اختيار المدربين من اللاعبين السابقين أو أطر تمتلك 25 سنة من التجربة مع توفرهم على دبلومات التدريب من الجامعة، وتصل كلفتهم إلى حوالي 20 مليون سنتيم. وتخضع ميزانية مركز التكوين إلى مراقبة دقيقة من المكتب المديري للفريق، سيما أن الفريق يرغب في أن يجعل منه مؤسسة مربحة مستقبلا، من خلال تكوين لاعبين قادرين على حمل قميص الفريق مستقبلا، وتسريحهم لأندية أخرى أجنبية. إعداد: صلاح الدين محسن وتصوير: مصطفى الشرقاوي