مغاربة محرومون قسرا من العيد

مرضى يعوضون الخروف بالماعز وآخرون يحرصون على إحياء طقوس النحر والتصدق بلحم الذبيحة على المحتاجين عيد الأضحى، إذا كان يمثل بالنسبة إلى البعض شعيرة دينية سنها الإسلام لمتبعيه، ليعبروا من خلالها عن إيمانهم وتقواهم ورغبتهم في التقرب من الله، والبعض الآخر فرصة للقاء أفراد العائلة وإحياء طقوس ينتظرها الكبير قبل الصغير، يجتمعون خلالها حول أضحية «ينهشون» لحمها وشحمها ويتباهون، أمام جيرانهم وأصحابهم، بحجم جلدها (الهيدورة) وو.. فهو بالنسبة إلى فئة ثالثة مناسبة تذكرهم بأنهم ينتمون إلى جماعة كتب عليها، قسرا، الحرمان، ليس لقصر ذات اليد أو العجز عن توفير مبلغ الأضحية وإنما لأنهم مسجلون في لائحة مرضى يحظر عليهم الاقتراب من اللحوم الحمراء، والالتفاف بدورهم على قضبان «بولفاف» أو صحن «التقلية»، أو «الكرعين»، أو إحدى «الشهيوات» التي تزخر بها الموائد المغربية في مناسبة مماثلة.يستقبل المغاربة كما نظراؤهم من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها عيد الأضحى المبارك، «عيد اللحم»، كما يحلو لبعض الظرفاء تسميته، بفرحة عارمة، فالكل يتلذذ بما طاب من أطباق ركيزتها الأساسية قطع لحم الأضحية، التي لا تكاد تختفي من بيت مهما بلغت شدة فقر وعوز أصحابه، وتعم فرحة العيد الجميع باستثناء أفراد شاءت الأقدار أن يصابوا بواحد من الأمراض التي تنهاهم عن اللحم الأحمر، منهم من يقبل مكرها تعويض الخروف السمين ذي القرون الملتوية، بجدي أو عنزة تكف عنهم خطر الدسم وتقيهم شر ارتفاع الكولسترول في الدم، وتسمح لهم في الآن ذاته بممارسة الطقس الديني، فيما يظهر البعض الآخر تشددا أكبر في مواصفات خروف العيد، ويحرصون على إحياء طقوس النحر بأدق تفاصيلها، شريطة أن يتخلصوا من كل ذرة لحم منه في اليوم ذاته، وآخرون يرضون ب»المكتوب» ويكتفون بمشاركة فرحة العيد دون الاقتراب من لحم الخروف. «لا يمكن بتاتا أن أتخلى عن طقس، هو واحد من ركائز هويتنا الإسلامية، وسنة مؤكدة يحثنا ديننا الحنيف على اتباعها، فقط لأنني مصابة بداء السكري»، تقول فاطمة، امرأة فاق عمرها الخمسين عاما، تعيش وحيدة بعد أن توفي زوجها وتزوجت ابنتاها الاثنتان، تواصل دون أن تفارق الابتسامة محياها «الحمد لله، الله ما كايسد باب حتى كايحل بيبان، إيلا كان ممنوع عليا لحم الغنمي، العنزي موجود في السوق».فاطمة واحدة من المواطنين الذين دأبوا على تعويض الخروف بجدي يفي بالغرض ويقيهم لحمه من أخطار مضاعفات أو وعكات صحية يصابون بها جراء استهلاكهم لحم الغنم. «العنزي مافيهش الكوليسترول، داكشي علاش مسموح ليا ناكلو.. الله فوق مني وشاهد عليا، حتى أنا بغيت نذبح حولي بحال كاع الناس، ولكن الغالب الله، اللهم الجدي ولا بلاش».إقبال المواطنين على لحم الماعز، سيما خلال عيد الأضحى، الراجع إلى الاعتقاد السائد بأنه صحي أكثر وغير غني بالدسم والدهون كما هو الحال بالنسبة إلى لحم الخروف ولحم الأبقار، وإن بنسبة أقل من سابقه، يعكسه، العرض المتنامي في مختلف الأسواق، بكافة مدن وبوادي المملكة، مع اقتراب كل عيد أضحى. وإذا كان البعض يجد في لحم الماعز فائدة صحية لا تضر بجسده، ووسيلة يتمكن من خلالها من ممارسة الشعائر التي أوصاه بها دينه، فهناك من المغاربة من يبرز تشددا أكبر في الحفاظ على الطقوس الدينية ولا يقبل عن نحر الخروف بديلا. «الحولي خاصو يكون عاطي لعين، وإلا ما تما عيد»، يقول حميد الذي يستبشر جيرانه، سيما المحتاجون منهم، خيرا بحلول كل عيد أضحى، تحل معه بركات لحم أضحيته التي يوزعها بينهم. «حرماتني الصحة من لحم الغنمي، لكن، لا يمكن بأي حال أن أتقاعس عن أداء هذه الفريضة الدينية». هجر المغلي

مغاربة محرومون قسرا من العيد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

العياشي: التوازن الغذائي لعيد بلا مشاكل

العطري: غير المحتفلين أقلية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات