تقنيو الإسعاف الطبي…أسرار صفقة سرية

متخصصون في التدخل لإنقاذ الأرواح وإسعاف ضحايا حوادث السير قبل المستعجلات عندما انخرطوا في مشروع تكوين تقنيي الإسعاف والنقل الطبي، حلموا بمستقبل مهني واعد. إنهم مجموعة من الشباب الذين انخرطوا في برنامج التكوين، الذي أطلقته وزارة الصحة عام 2005، والذي مكن من تخريج شباب كلهم أمل بأن يلعبوا دورا فعالا في قطاع الإسعاف والنقل الصحي، وفقا لما هو متعارف عليه دوليا، إلا أنهم اصطدموا بواقع مرير. لقد "وضعوا" في قاعة الانتظار، أما وظيفتهم التي عينوا فيها، فتقرر "تفويتها" إلى شركة خاصة، تتكلف بمرفق الإسعاف والنقل الصحي. التحقت مجموعة من الشباب بالفوج الأول الذي تخصص في الإسعاف والنقل الصحي. كان الهدف من هذه المبادرة، تكوين تقنيين متخصصين في النقل الصحي، وفي الوقت نفسه في الإسعاف. كان الهدف واضحا، يتمثل أساسا في خفض عدد الوفيات الناتجة عن حوادث السير، وضمان تدخل طبي سريع، في حالات الطوارئ. فطيلة مدة التكوين، ضبط المشاركون تقنيات نقل الجرحى والمعطوبين وفقا للتقنيات الصحية المعروفة دوليا. أول فوج بل إن المعنيين تفننوا في سياقة سيارات إسعاف مجهزة، تختلف كثيرا عن تلك التي تستعمل حاليا من قبل رجال الوقاية المدنية، الذين يفترض أنهم يتكلفون بنقل الحالات الحرجة. فسيارات الإسعاف التي تقرر أن تدرج ضمن هذا البرنامج، أو ما يعرف اقتصارا ب"السامي"، يفترض أنها تضمن العلاجات المتنقلة الضرورية، كما أن هؤلاء التقنيين يمكنهم التدخل في الحين لإنقاذ أرواح الجرحى أو ضحايا حوادث السير، حتى قبل الوصول إلى المستعجلات، حيث يفترض تلقي باقي العلاجات الضرورية. ولهذا الغرض، قررت وزارة الصحة، فتح معهد للتكوين، أطلقت عليه اسم معهد تكوين التقنيين في الإسعاف والنقل الصحي، واختارت وزارة ياسمينة بادو أن تجعل مقر المركز في الدار البيضاء، وأن تفتح باب التكوين السنوي في وجه ما لا يقل عن 30 تقنيا. فبعد عامين من التكوين المستمر، تخرج أول فوج سنة 2007، استبشر الجميع خيرا من طبيعة التكوين الذي ضمنه المعهد. بل إن المسؤولين في الوزارة اعتبروا أن دور المعهد من الأهمية بما كان، لأنه سيساهم في إنتاج طاقات بشرية، قادرة على إمداد يد العون للجرحى والمعطوبين، وفقا للتقنيات الصحية المتعارف عليها. فالتقنيون تلقوا أبجديات المهنة الجديدة التي تكلفوا بها بكل مهارة، لأنهم قبل كل شيء سيقومون بعمل إنساني نبيل، يساعد على الحد من الوفيات، أو تفادي مخاطر الإصابات التي تخلفها الحوادث. مفاجأة الالتحاق عندما تخرج الفوج الأول من سائقي سيارات الإسعاف والمتخصصين في النقل الصحي، تم توزيع العدد الإجمالي حسب المراكز الاستشفائية الموجودة في المملكة. فكان حظ مجموعة من الشباب أنهم التحقوا بمصلحة التنسيق الطبي للمستعجلات، التابع لمديرية المركز الاستشفائي ابن سينا. حلم هؤلاء بالقيام بعمل نبيل للغاية، سينقلون الجرحى والمعطوبين على متن سيارات إسعاف من النوع الرفيع، بفضل تجهيزاتها المتطورة، يقوم بداخلها الفريق بتقديم الإسعافات الأولية قبل الوصول إلى المستشفى، إلا أنهم فوجئوا بقرار نزل عليهم كالصاعقة. لقد قررت مديرية المركز خوصصة مرفق الإسعاف والنقل الصحي، من خلال التخلي عن خدمات أولئك الذين تكونوا في المعهد، والإتيان ب"سائقين" لا علاقة لهم بالتقنيين الذين امتلكوا أدوات النقل الصحي والإسعاف، لقد تم الاستغناء عن خدماتهم، بحجة أن هذه المصلحة، غير مربحة من الناحية المادية. وبشكل مباشر، تم تجميد أنشطة تقنيي الإسعاف والنقل الصحي، دون أي سند قانوني، كما امتعض المعنيون بعد أن سحبت منهم المستلزمات وآليات العمل، المتمثلة في مفتاح سيارات الإسعاف وبطاقة الاشتراك في الطريق السيار، وغيرها من وسائل العمل التي كانت بحوزة الفريق الطبي المذكور. مقابل ذلك، علم أن دفتر تحملات تم إعداده بهدف خوصصة خدمات مصلحة التنسيق الطبي للمستعجلات لفائدة شركة خاصة، الأخيرة ستستفيد من 16 سائقا، لا علاقة لهم بالتقنيين المذكورين من الذين يتوفرون على دبلوم الإسعاف والنقل الصحي. فهم المعنيون أن الأمر يتعلق ب"صفقة سرية" خطيرة، علما أنهم من الناحية العملية والإدارية، فإن وضعهم يبقى مريحا، لكن ضميرهم المهني فرض عليهم التحرك لإنقاذ هذه التجربة من الضياع. بدء المعاناة التأم خريجو معهد تكوين التقنيين في الإسعاف والنقل الصحي في إطار الجمعية المغربية للتقنيين في الإسعاف والنقل الصحي ، وشرعوا في القيام بتحركات، علها تثير انتباه المسؤولين في الذين أدرجوا هذا المشروع ضمن إستراتيجية وزارة الصحة. رسائل إلى بادو كاتبت الجمعية ياسمينة بادو، وزيرة الصحة، أكثر من مرة أخطروها بالتنقيل التعسفي الذي طال فريق التقنيين في الإسعاف والنقل الصحي بمصلحة التنسيق الطبي للمستعجلات بالرباط، الشيء الذي خلق "زوبعة وسط الشغيلة الاستشفائية عامة، وهذه الفئة حديثة الانضمام إلى الفريق الاستشفائي خاصة". المتضررون يعتبرون أن التنقيل التعسفي يتنافى وأبجديات وأخلاقيات المهنة والإدارة، باعتبار أن هذا الأمر يتنافى مع المخطط الرامي إلى تقريب الخدمات الاستعجالية من المواطنين الموجودون في حالة خطر. بل إنهم وصفوا ما تعرضوا له بأنه تناقض صارخ مع الإستراتيجية المعتمدة من قبل وزارة الصحة، التي تحث على دعم القدرات والخبرات، إلا أن "مدير المركز الاستشفائي الجامعي قرر اعتماد المناولة، قصد تعويض الفريق المتمرن والمكون من أجل ملائمة الوضع والغاية التي استحدث من أجلها المعهد الوطني لتكوين التقنيين في الإسعاف والنقل الصحي"، توضح إحدى الرسائل، التي حصلت عليها "الصباح". وبمضامين دفتر التحملات التي اعتمدتها المديرية، تبخرت آمال التقنيين، الذين وجدوا أنفسهم في عطالة، فرضت عليهم رغم إيمانهم القوي بضرورة المساهمة في ذلك العمل الإنساني النبيل. نادية البوكيلي

تقنيو الإسعاف الطبي…أسرار صفقة سرية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

وفاة جنين وتعريض أمه للخطر بالبيضاء

لوحة استعراضية لأسماء المغربية في "نجم الخليج"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات