أدوية “عادية” تتحول إلى سم قاتل

الاستهلاك غير المعقلن لأدوية تستعمل على نطاق واسع قد يؤدي إلى نتائج وخيمة أثارت وفاة زكرياء الزروالي، لاعب فريق الرجاء البيضاوي لكرة القدم، بشكل مفاجئ، العديد من التساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء النهاية غير المتوقعة لرياضي كبير يخضع لمتابعة طبية دائمة ورحيله المفاجئ.وراجت العديد من «الفرضيات» الطبية التي تحاول تفسير الوفاة الغامضة للاعب الفريق الأخضر، كان أهمها ما نشر في موقع الفيفا الرسمي، إذ أشار موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم إلى أن الدولي المغربي، المنتمي إلى الجمعية المغربية للاعبي كرة القدم، ولاعب الرجاء الرياضي منذ ستة مواسم، وحصل معه على مجموعة من الألقاب، وافته المنية بسبب تسمم «دوائي» حسب ما جاء في تصريح طبيب الفريق: «لقد تناول ثلاث علب من دواء يحتوي على مادة «باراسيتامول» في ظرف 24 ساعة».وفي هذا السياق أكد البروفيسور فريد هكو، المتخصص في علم الأدوية، ورئيس قسم علم الأدوية واليقظة الدوائية، في اتصال مع «الصباح»، أن العديد من الأدوية المتداولة بشكل واسع مثل تلك التي تحوي مادة «الباراسيتامول» أو «الأسبيرين» لها أعراض جانبية خطيرة في حال التناول المفرط أو غير المعقلن.ونبه إلى أن تناول ست غرامات من مادة «الباراسيتامول» مثلا، أي أقل من علبة واحدة، في 24 ساعة، يمكن أن تؤدي إلى وفاة المريض، خصوصا إذا كان يشكو ضعفا في الكبد.ويدخل في هذه الخانة، يقول البروفيسور هكو، كل الأدوية التي تتقارب فيها الجرعة التي تعطي المفعول المرغوب فيه مع الجرعة التي يمكن أن تؤدي إلى ظهور أعراض جانبية وخيمة. مضيفا أن مثل هذه الحوادث المأساوية تحدث بشكل متكرر إلا أنها تمر بشكل «عادي» لأن الضحايا مواطنون عاديون، «أما اليوم فنحن أمام حادث سقط ضحيته نجم كرة قدم مشهور ينتمي إلى فريق عريق»ّ. وقال البروفيسور هكو، إننا في المغرب، مطالبون بالابتكار والتأقلم مع واقعنا بكل خصوصياته، ولا نكتفي فقط بتقليد ما يجري في أوربا، أو فرنسا بشكل خاص، حيث واقع الناس مختلف عن واقعنا نحن.وطالب، بالتالي، وزارة الصحة، بضرورة تبني تدابير جديدة وبسيطة من أجل الحد من هذه «الظاهرة» التي تفتك بعدد كبير من المواطنين، مشيرا إلى أن الوزارة الوصية يمكنها أن تلزم مختبرات الأدوية الكبرى بتسويق علب صغيرة من مثل هذه الأدوية التي تحتوي على مكون «الباراسيتامول» أو غيرها من المواد المعروفة، تضم نصف محتوى العلب المسوقة حاليا وهو ما يمكن أن يثني المرضى عن تناول جرعات كبيرة من الدواء. وثانيا على الوزارة أن تقوم بحملة توعية بهذا الخصوص تهم المواطنين والأطباء على حد سواء، تنبههم إلى خطورة وعواقب التناول المفرط لبعض الأدوية التي تبدو بلا خطر.وقدم المتخصص في علم الأدوية مثالا آخر بمادة الأسبيرين التي من بين أعراضها غير المرغوب فيها «تسهيل جريان الدم»، يمكن أن تؤدي إلى وفاة مريض بقرحة المعدة مثلا وتسبب له نزيفا داخليا حادا يفتك بحياته.وفي سياق متصل، أشار البروفيسور هكو إلى أن أدوية علاج السرطان مثال واضح في هذا الباب، إذ تتميز بتقارب كبير بين الجرعة التي تعطي المفعول المرغوب فيه مع الجرعة التي يمكن أن تؤدي إلى ظهور أعراض جانبية خطيرة، «إلا أنها ظواهر وأعراض يتم التغاضي عنها أو لا يسلط عليها الضوء بشكل كبير، لأن المريض يكون في حالة متدهورة بسبب إصابته بداء يعرف الجميع أنه فتاك وخطير». وسرد البروفيسور اسم دواء معروف هو «ميتوتريكسات» الذي يجد مرضى السرطان صعوبة في تناول الجرعة المناسبة منه فيخلف بالتالي العديد من الضحايا. وأكد عضو لجنة أخلاقيات البحث الطبي أن الأمور تزداد خطورة في حال الأدوية التي تؤخذ عبر الحقن، لأنه من الصعب التحكم في جرعاتها على خلاف الأدوية التي تكون على شكل حبوب. وناشد البروفيسور هكو وزارة الصحة بضرورة إعطاء مصالح الوقاية واليقظة الدوائية الأهمية التي تستحق، وتوفير مراكز متعددة في المناطق الكبرى في المغرب، حيث يمكنها أن تلعب دورا توعويا وبحثيا مهما في هذا المجال، «إنه من غير المعقول أن تتجاهل الوزارة الوصية مركز اليقظة الدوائية التابع للمركز الاستشفائي ابن رشد الذي لا يتلقى منها درهما واحدا من الدعم رغم الدور المحوري الذي يقوم به، ويكتفي فقط باللجوء إلى «المحسنين» وتدبير شؤونه بشكل ذاتي من أجل القيام بدوره». جمال الخنوسي

أدوية “عادية” تتحول إلى سم قاتل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رئيس بلدية المحمدية يتعهد بحل أزمة الأزبال

ابن احمد..بلدة صغيرة تحتضن مشروعا عملاقا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات