الأسود ينشرون الفرحة في مراكش

مشجعون من كل المدن واحتفالات حتى الصباح بتأهل المنتخب كان الجمهور في الموعد، وهو يقدم أروع اللوحات خلال المباراة التي جمعت المنتخب الوطني بنظيره التنزاني أول أمس (الأحد). لم يخالف محبو الأسود التوقعات، وحضروا من مختلف المدن المغربية.الطريق إلى مراكش لم يكن عسيرا بالنسبة إلى هؤلاء، بل هينا أمام كل من يعشق «الراية الحمرا والنجمة الخضرا» حسب تعبيرهم. ومن هؤلاء من تسابقوا بعد نهاية المباراة، لالتقاط صور تذكارية مع تاعرابت والسعيدي وخرجة وحجي والمياغري وبنعطية، لكن دون أن يتمكن أغلبهم بفعل الحراسة الأمنية المشددة.مراكش تتزينكل من زار مراكش قبل المباراة، سيلاحظ أنها تخلت مؤقتا عن لونها المعماري لتلبس اللون الأحمر والأخضر لون الراية الوطنية والقميص الوطني. وتكاد لا تخلو زقاق ودروب وشوارع مراكش من الأعلام الوطنية وقمصان وقبعات المنتخب الوطني على أصنافها. كان بديهيا أن تزدهر مراكش اقتصاديا وتنشط بها تجارة بيع الرايات بمختلف أصنافها وقمصان المنتخب، الذي لقيت رواجا منقطع النظير من قبل محبي أسود الأطلس. أما ساحة جامع الفنا، فتخلت عن دورها في التنشيط والترفيه إلى فضاء لبيع الأقمصة والقبعات والرايات و»فوفوزيلا» التي كانت حاضرة بمراكش، على غرار مباراة الجزائر. انتعش الاقتصاد المحلي طيلة الأيام التي سبقت مباراة الأسود، كما انتعشت الوحدات الفندقية من خلال استقبال الزوار من مختلف المدن المغربية، ومن أوربا كذلك. فأسعار المبيت تتراوح ما بين 350 و550 درهما في الفنادق المصنفة في ثلاثة وأربعة نجوم، فيما ترتفع الأثمنة أكثر، عندما يتعلق الأمر بفنادق من خمس نجوم.أفراح قبل المباراةاستبق الجمهور الانتصار والتأهل إلى المونديال الإفريقي يوما قبل المباراة، بعدما فضل مشجعون حضروا من مختلف المدن المغربية الاحتفاء بفوز لم يتحقق بعد على أرضية الميدان، مستقلين دراجات هوائية ونارية، مستعملين منبهات السيارات والأهازيج الفولكلورية، وهم يجوبون شوارع مراكش رجالا ونساء وأطفالا وشباب، بيد أن سعادة هؤلاء باحتضان المنتخب الوطني بين ظهرانيهم لم يزغ عن السكة الملائمة بفضل التنظيم المحكم لرجال الأمن، عدا استثناءات قليلة، متجاوزين بذلك الفوضى والارتجالية التي شهدت مباراة الجزائر قبل أربعة أشهر. تعزيزات أمنية فتح المنظمون أبواب الملعب في حدود الحادية عشرة صباحا لاستقبال المشجعين، تفاديا للاكتظاظ والازدحام، كما حدث في مباراة الجزائر.استنجدت السلطات الأمنية بأزيد من 8 آلاف رجل أمن، بمن في ذلك الدرك الملكي، الذين تكلفوا بتنظيم حركة المرور، إلى جانب الشرطة وأفراد من القوات المساعدة، فضلا عن رجال الأمن الخاص.بدأت جنبات الملعب تمتلئ في حدود الثانية ظهرا، فيما فضل الصحافيون الالتحاق بالمنصة الشرفية بداية من الثالثة عصرا. أما الفرقة الجوية النحاسية، فدخلت أرضية الميدان في حدود الرابعة عصرا من أجل التحضير لعزف النشيدين الوطني والتنزاني، قبل أن تختتم استعداداتها بعزف نشيد المسيرة الخضراء، لتغادر بعد ذلك الملعب تحت تصفيقات الجمهور.التيفو يخطف الأضواءظل منشط المباراة محمد الجفال يذكر الجمهور بتوقيت رفع «التيفو»، وتحديدا قبل عزف النشيد الوطني من قبل الفرقة الجوية النحاسية. ولم تمر سوى دقائق حتى وقف الجمهور إجلالا وتقديرا لروعة «التيفو»، ومضمونه «إفريقيا نحن عائدون» ويتوسطه أسد يكشر عن أنيابه، في إشارة من مبدعيه إلى قدرة أسود الأطلس على قهر منافسيهم في النهائيات الإفريقية، وفي تناسق تام للألوان الأحمر والأخضر والأسود.استمتع الجمهور بلحظة رفع التيفو، الذي برعت في إعداده العديد من فصائل الفرق الوطنية، قبل أن ينخرط هذا الجمهور في لحظة خشوع، عندما استحضر خرجة روح الفقيد الرجاوي زكرياء الزروالي، وقبل ذلك أكد أن اللاعبين سيبذلون قصارى جهودهم من أجل إهداء التأهل إلى روحه الطاهرة. كما شكلت المباراة فرصة لتلاوة بيان تضامن للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم من طرف عميدي المنتخبين، تضامنا مع ضحايا المجاعة في القرن الإفريقي.وانخرط الجمهور منذ بداية المباراة في دعم وتشجيع اللاعبين، وشكل حماسهم ملح طعام، فزادت في عزيمة الأسود وقوت إرادتهم.الشعب يريد ثلاثة لزيرو«الشعب يريد ثلاثة لزيرو»، عبارة ترددت كثيرا بين الجمهور بعد انطلاق المباراة، وهي العبارة نفسها التي رددها في مباراة الجزائر قبل أربعة أشهر. بدا الجمهور متيقنا من اكتساح المنتخب الوطني نظيره التنزاني، خاصة بعد تحكمه في المباراة، وبدا اللاعبون أكثر استعدادا للفوز. بيد أن اليأس والإحباط سيتسرب إلى الجمهور بعد إهدار اللاعبين فرصا عديدة في الجولة الأولى. وفي الجولة الثانية، واصل الجمهور تشجيعاته المتواصلة إلى أن أحرز تاعرابت الهدف الثاني، وبوصوفة الثالث، حينها عمت الفرحة أرجاء الملعب واستمرت بعد نهاية المباراة. نساء ورجال وشباب وأطفال غادرو الملعب في حدود الحادية عشرة ليلا عبر سيارات وحافلات ودراجات نارية وهوائية، حاملين الأعلام الوطنية دون اكتراث بالإجراءات الأمنية الصارمة والزجرية أحيانا. وكل شيء مباح بالنسبة إلى مساندي الأسود، انطلاقا من الجري في الطرقات وتجاوز سيارات طاقتها الاستيعابية، ومرورا باستعمال منبهات السيارات دون انقطاع، ما خلف ارتباكا في حركة المرور، لكن دون أن يعرقل السير العادي للتنظيم، عدا استثناءات قليلة.عناق تاعرابت وغريتسسأل صحافي إيريك غريتس عن إحساسه بعد إحراز عادل تاعرابت الهدف الثاني، وهو الذي كان مبعدا عن المنتخب، فأجاب، هو الإحساس نفسه، عندما يحرز اللاعبون الآخرون الأهداف، قبل أن يضيف «سعدت لهدفه، لأنه مهم بالنسبة إليه في هذا الظرف الحالي». ربما كان غريتس ديبلوماسيا في جوابه، لأن من شاهد المباراة، سيلاحظ أن تاعرابت وغريتس تعانقا بحرارة، وكأن غريتس أراد أن يثبت أنه كان محقا، عندما عفا عن اللاعب تاعرابت، وأعاده إلى المنتخب لمهاراته العالية وقدرته على تغيير النتيجة في أي لحظة. أما تاعرابت، فبدا سعيدا، كيف لا وهو يكسب الرهان ويثبت أحقيته في حمل القميص الوطني.تذمر واحتجاجفي الوقت الذي كان الصحافيون ينتظرون اللاعبين لاستجوابهم، كما هو معمول به في المباريات الدولية، وانسجاما مع القوانين الجاري بها العمل، التي تلزم اللاعبين بالإدلاء بتصريحات صحافية عند نهاية أي مباراة، أخبرت دنيا الحرش، المكلفة بالتواصل، الصحافيين برفض اللاعبين الإدلاء بأي تصريح وأنهم غادروا الملعب، والحال أنهم كانوا بمستودع الملابس، قبل أن يستقلوا الحافلة تحت تصفيقات الجمهور.فضل بعض الصحافيين مطاردة اللاعبين في محاولة لانتزاع ولو تصريح مقتضب، فيما لم يجد آخرون سوى التعبير عن تذمرهم جراء العراقيل الذين يصطدمون بها، كلما تعلق الأمر بمباراة دولية.سمر ورقصعاشت مراكش فرحة عارمة بتأهل المنتخب الوطني إلى كأس إفريقيا، وقضى أطفالها وشبابها ونساؤها ليلة بيضاء للتغني بإنجاز الأسود، وقدم بعضهم لوحات من فن الرقص وغنى آخرون أجمل الألحان المستوحاة من الدقة المراكشية والأهازيج الفولكلورية، تماما مثل ما فعل هؤلاء في مباراة الجزائر، عندما اكتسح المنتخب الوطني نظيره الجزائري بأربعة أهداف لصفر. تحولت معظم شوارع مراكش إلى فضاء للتعبير عن فرحة الانتصار، غير آبهين بعرقلة حركة السير وازدحام السيارات ومعاناة رجال الأمن في حفظ النظام. الأهم بالنسبة إلى هؤلاء أن المنتخب انتصر وتأهل إلى المونديال الإفريقي، وغير ذلك لا يهم. إنجاز: عيسى الكامحي (موفد الصباح الرياضي إلى مراكش)

الأسود ينشرون الفرحة في مراكش

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

غريتس: كان يمكن إحراز ستة أهداف

الأسود يعودون إلى إفريقيا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات