الإفريقي: غضب مسؤولي “الأولى” لا يخيفني

الإعلامية المغربية طالبت جمعيات حماية المال العام بالتصدي للواقع السوريالي للتلفزيون عبرت الإعلامية فاطمة الإفريقي عن استيائها من غياب برامج فنية وثقافية من شبكة برامج قناة «الأولى»، وأكدت أن التلفزيون يعكس صورة سلبية عن المغرب وكأنه ليست هناك نخب مثقفة ومفكرة ولا نجوم أو أي إبداع إنساني، وأن ما يركز على ترويجه هو الأغاني الداودية والستاتية والصنهاجية، في الوقت الذي يعيش فيه المغرب حراكا ثقافيا وسياسيا راقيا لا أثر له على شاشة التلفزيون. بصراحة وجرأة كبيرة تحدثت إلى «الصباح» فاطمة الإفريقي، والتي تقول إن غضب المسؤولين لا يخيفها، عن أسباب إقصائها وتهميشها وكذلك إقصاء البرامج الفنية والثقافية من شبكة البرامج، وفي ما يلي نص الحوار: عانيت سنوات عديدة من التهميش والإقصاء وتوقف العديد من برامجك على الشاشة رغم نجاحها، فمن هو الشخص أو الأشخاص الذين تظنين كانوا وراء ذلك؟ليس هناك لا شخص ولا أشخاص، المشكل أعمق من ذلك لأن الإقصاء الذي أعيشه ويعيشه العاملون في مديرية الإنتاج هو نتاج سوء تدبير للعنصر البشري وغياب رؤية عقلانية ومهنية للبرامج، وهدر سافر للمال العام بفتح شبكة البرامج كلها للإنتاج الخارجي، إذ أصبح التلفزيون المغربي مجرد شاشة لبث برامج تأتي من الفوق وتفرض على مديرية الإنتاج والبرمجة بدون رقابة أو توجيه أو تخطيط قبلي مبني على دراسة علمية وسوسيولوجية لحاجيات وأذواق الجمهور. وكما تلاحظين فشبكة البرامج مملوءة عن أخرها بإنتاجات كثيرة توزع على ساعات اليوم حسب سلطة ونفوذ الشركة المنتجة، وليس حسب أهمية وجودة البرنامج، بل أحيانا تبث البرامج تباعا بدون أي منهجية واضحة أو أي قيمة مضافة فقط لتبرير الميزانية الضخمة المرصودة لها أمام المراقبين الماليين ولضمان الدفعات الأخيرة لأصحابها، لهذا فإقصائي ليس لشخصي بل لأني ابنة الدار وبرنامجي لن يكلف شيئا للقناة، لكنه سيأخذ حيزا زمنيا في شبكة البرامج وهو ثمين جدا بالنسبة إليهم، ومن الأولى أن تستفيد منه شركة إنتاج خارجية من شركات ذوي النفوذ، ونحن الصحافيين والمخرجين أبناء المؤسسة لن نخسر شيئا، فأجورنا نتوصل بها و»مريضنا ما عنده باس»، لكن الخاسر الأكبر هو المشاهد وسمعة القناة ومكانتها والمهنة وقداستها والمال العام الذي يبذر بدون حسيب. إذا كان هذا هو المبرر لإقصاء كفاءات الدار، فما هو المبرر لإقصاء البرامج الفنية والثقافية من شبكة البرامج؟باستثناء البرنامج الجميل «مشارف» والذي هو بالمناسبة إنتاج داخلي ويتعاقد مع الشاعر المبدع ياسين عدنان في الإعداد والتقديم بتعويض هزيل وبرنامج «كاميرا الأولى» الذي تنتجه شركة إنتاج خارجية ويبث بعد أن ينام المشاهدون، فشبكة البرامج خالية تماما من فضاءات للنخبة المثقفة وللمبدعين المغاربة للتواصل مع جمهورهم ولا صدى في التلفزيون للحركة الثقافية والفنية في المسرح والموسيقى والسينما وكل الفنون الحية. التلفزيون يعكس صورة سلبية عن المغرب ومن يتابعنا من الخارج عبر القناة «الأولى» سيحكم علينا بأننا شعب بليد ومتخلف لا يبدع، وليست له نخب مفكرة ومثقفة وليس لنا نجوم ولا إبداع إنساني...البلد يعيش حراكا ثقافيا وسياسيا راقيا لا صدى له في التلفزيون، والبلاد تنظم مهرجانات ثقافية تغطيها القنوات الدولية ولا صدى لها عندنا، فباستثناء موازين ومهرجان مراكش السينمائي الدولي اللذين تسخر لهما القناة كل إمكانياتها المادية والبشرية لأسباب معروفة، فباقي الملتقيات الثقافية لا يلتفت إليها التلفزيون، والمنتوج الوحيد الذي يروج له التلفزيون هو الأغاني الداودية والصنهاجية والستاتية وما على إيقاعها، وكأننا لا نعيش في بلد متنوع وغني موسيقيا وبه إنتاجات جادة ومتطورة شكلا ومضمونا.لكن سؤالي هو لماذا هذا الإقصاء للثقافة والفنون؟لأن هناك كذبة كبيرة صدقها المسيرون وركبوا عليها لتبرير التفاهة هي نسب المشاهدة، إنهم يتعاملون مع المنتوج التلفزيوني كقناة تجارية ليست لها أي وظيفة تربوية أو ثقافية، ونمطوا المشاهد على نوع معين من البرامج ترضي شروط المعلن، ونسوا أن الممول الحقيقي للتلفزيون هو أنا وأنت وكل المغاربة حتى الذين هجروا التلفزيون، إذن فمن حقنا، ممولين لهذا التلفزيون وكمغاربة قبل كل شيء، أن يشبهنا هذا التلفزيون وأن يعكس اختلاف آرائنا وأذواقنا وتنوع روافد ثقافتنا، وللأسف هذا ما يبرر هذا الإقصاء للبرامج الثقافية والفنية الجادة وحتى إن وجدت بمعجزة فموقعها بعد منتصف الليل. المتتبعون لأوضاع القناة «الأولى» يتنبؤون باقتراب اندلاع انتفاضة داخلها بسبب غضب العديد من الصحافيين والمخرجين من التهميش مثلك ولجوء المؤسسة إلى شركات الإنتاج الخاصة، فكيف ستؤول الأوضاع داخلها في رأيك؟لا أتوقع أي انتفاضة داخل مديرية الإنتاج، لأنه ليس هناك بليد أو مجنون سيحتج من أجل أن يعمل، وجميع أطر المديرية مستفيدة من الوضع وليست المسؤولة عنه، لأنها تعبر عن رغبتها في العمل وتطوير إنتاج القناة وتقدم مشاريع جيدة ومقنعة لكن المسؤولين يتجاهلونها، إذن ما العمل؟ هل ننتفض لأننا نأخذ أجورنا في مواعيدها ولا يزعجنا أي مسؤول بالسؤال عن أسباب الغياب؟ لا نملك إلا أن نقول لهم شكرا على هذا الكرم وهذه الراحة التي تهدوننا، والانتفاضة يجب أن تأتي من جمعيات حماية المال العام ومن المجلس الأعلى للحسابات ومن جمعيات حماية المشاهد ومن نواب الأمة الذين يصمتون أمام هذا الواقع السوريالي. انتقدت بصراحة وجرأة أحوال القناة في عدة منابر إعلامية، ألا تخافين من غضب المسؤولين؟حرية الرأي والتعبير يكفلها لي القانون...وغضبهم لا يخيفني لأن هذه هي الحقيقة المرة، وقد عبرت عنها قبلي العديد من الفعاليات النقابية والمهنية، وإذا كانوا يمتلكون الشجاعة والجرأة ولهم مشروع إعلامي مقنع فليفتحوا تحقيقا أو نقاشا عموميا وليسمعونا أصواتهم ويقنعوا المغاربة بعبقرية وفرادة مشروعهم الإعلامي المتطور، فربما نحن بلداء ولم نفهم الأهداف الاستراتيجية والتنموية البعيدة لسياستهم التسطيحية للمشاهد وخدمتها للمصالح العليا للبلاد.أجرت الحوار: أمينة كندي

الإفريقي: غضب مسؤولي “الأولى” لا يخيفني

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

غريتس: سنواصل العمل بوتيرتنا

دراسة: كفى تجنيا على كرامة العدول ومهنة العدالة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات