طنجة تتراجع عن سقف 80 عمارة في السنة

يعرف سوق العقار بطنجة هدوء حذرا وركودا في رقم المعاملات التجارية، بعد أن عاشت المدينة، خلال السنوات الأخيرة، على إيقاع مضاربات جنونية وتلاعبات صاخبة أسفرت عن اختلالات عميقة تجسدت في عدم التوازن بين العرض، والطلب وبين القدرة الشرائية للمواطن والأسعار الملتهبة.وتفيد كل المؤشرات الحالية أن عصر الأرقام القياسية، الذي كانت نسبة الانجاز فيه تصل إلى حوالي 80 عمارة في سنة، معظمها يتم دون اللجوء إلى القروض البنكية، وسعر المتر المربع يصل في المتوسط إلى عشرة آلاف درهم، قد ولى إلى غير رجعة نتيجة عدة عوامل داخلية لا علاقة لها بحيثيات خارجية، وتتجلى في انكشاف كل الخروقات التي قام بتنفيذها لوبي العقار عبر نشاطات مشبوهة زكتها السلطات المختصة، التي ساهمت هي الأخرى في تعميق أزمة السكن بالمدينة. وأجمع عدد من المتدخلين في القطاع، على أن هذا التراجع في الإقبال على اقتناء السكن مقارنة بالسنوات السابقة، ليس له أي ارتباط بالأزمة المالية العالمية، وإنما هو مرتبط باختلالات في القطاع أدت إلى فقدان الثقة لدى جل المواطنين، مؤكدين أن السماسرة والمتلاعبين بالعقار وذوي المصالح والنفوذ... هم من تسببوا في هذه الأزمة بالمضاربات والتحكم في سوق العقار، مستغلين في ذلك الحركة التنموية الكبرى التي يعرفها شمال المملكة، ليراكموا ثروات خيالية دون أي مراقبة أو محاسبة.كما أكدت المصادر نفسها أن ظاهرة التسيب والفساد الذي يطول العقار بالمدينة منذ مدة، وكذا الابتزاز الذي يتعرض له المواطنون في اقتناء البقع الأرضية والشقق التي يعاد بيعها بأثمنة مضاعفة، زيادة على جرائم «النوار» التي تتم في واضحة النهار بدون أن تحرك الجهات المسؤولة أي مسطرة قانونية لردع المخالفين، جعلت من سياسة التعمير وفلسفة الإسكان أمرا فاشلا لا يمكنه تحقيق التوازن وضمان استقرار السوق، مؤكدة (المصادر) أن من الممكن أن تتضاعف مستقبلا تداعيات هذه الأزمة لتصل إلى مستويات خطيرة جدا. وكانت رابطة الدفاع عن المستهلكين بجهة طنجة تطوان، كشفت أخيرا في تقرير لها عن خبايا هذا الملف بالغ الأهمية، وحددت أهم الانزلاقات والاختلالات التي عرفها القطاع على صعيد منطقة طنجة، مستندة على حقائق ومعطيات دقيقة وموضوعية تتجسد في المقولة الشهيرة «سكن دون سكان وسكان دون مساكن»، وهي ظاهرة انتعشت حسب التقرير في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية تميزت بتنامي الهجرة وتضخم ما يعرف بظاهرة تبييض الأموال.ورغم تعدد المتدخلين في مجال الإعمار، ركز التقرير بالدرجة الأولى على المنتج باعتباره العنصر الأساسي المتحكم في سوق العقار، والمتسلح بامتيازات تمنحه سلطة فاعلة في ظل التزام الأطراف الأخرى الحياد السلبي، ما يجعل هذا الفاعل الرئيسي يبادر، عبر مخططاته باقتراف جملة من الخروقات كعدم احترام المرافق العامة والتصاميم المعتمدة والاقتطاع من المساحة أفقيا وعموديا، كما يلجأ إلى بيع مساكن مجهولة ما زالت في طور الإنجاز أو على الورق، إضافة إلى فرضه تسبيقا غير قانوني على الزبناء وتوقيعهم على عقود إذعانية غير واضحة. وحسب التقرير نفسه، تأتي السلطات المحلية في درجة ثانية في سلم تحمل المسؤوليات، بسبب عدم تطبيقها للقانون ومقتضياته رغم ما تتوفر عليه من إمكانيات المراقبة، ما يؤكد، بحسب التقرير، احتضانها الصريح لـ «لوبي العقار» ومنحه كل التسهيلات للحفاظ على السقف المرتفع لسوق العقار من أجل الإثراء غير المشروع.كما ألقى التقرير بالمسؤولة على المهندس باعتباره ملزما بالوفاء بالتزاماته التقنية والقانونية والأخلاقية والثقافية، وكذا المستهلك الذي يرهن مستقبله ويربط نفسه بخيوط عنكبوتية مع مشاريع مجهولة الهوية والمصير، وذلك حين يقبل طوعا التوقيع على بياض ويخضع للضغط والابتزاز رغبة منه في الحصول على السبق والفوز بالرضى. من جهة أخرى، أكد الطاهر شاكر، رئيس اتحاد المنعشين العقاريين بطنجة، أن أزمة العقار بمدينة البوغاز أضحت واقعا يعيشه قطاع العقار بجميع مكوناته، وذلك في ظل التحولات التي عرفها الاقتصاد العالمي وما صاحبه من تداعيات مست بنية غالبية القطاعات الإنتاجية المغربية، سيما هذا القطاع، الذي يساهم بنسبة 7 بالمائة من إجمالي الناتج الوطني، ويشكل لبنة أساسية لدعم وتطوير الاقتصاد المغربي بصفة عامة.وقال شاكر لـ «الصباح» إنه «منذ بداية الأزمة المالية في الربع الأخير من سنة 2008، شهدت كل القطاعات الاستثمارية في المنطقة الشمالية حالة من التذبذب كنتيجة طبيعية لضعف ثقة المستثمرين وأزمة السيولة التي أصبحت تعانيها بعض الشركات الأجنبية لعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية، إلا أن القطاع العقاري ظل يقاوم إلى حدود سنة 2010، إذ عرف بدوره اهتزازات وتقلبات أدت في النهاية إلى عدم الاستقرار، كما أن الإضرابات الشعبية التي تشهدها معظم المدن المغربية أثرت بشكل سلبي على الاستثمارات الأجنبية، إذ من المحتمل أن يكبد استمرارها الاقتصاد الوطني خسائر لا حصر لها».ودعا شاكر في ختام حديثه كل المتدخلين في القطاع إلى العمل بمنهجية واحترافية للخروج من هذا النفق، سيما أن جميع ثوابت القطاع ما زالت متينة بفعل الطلب المتزايد على السكن، مؤكدا أن الظروف الحالية تحتم على الجميع، من فاعلين وسلطات ومجتمع مدني، الانخراط بجدية لتذويب كل الإشكالات التي تعترض منظومة التعمير ببلادنا. المختار الرمشي (طنجة)

طنجة تتراجع عن سقف 80 عمارة في السنة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الخواص ينشطون حركة البناء بأكادير

2012...مراكش مدينة دون صفيح

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات