دراسة: الشراكة المهنية للعدول ضمن إصلاح منظومة القضاء (3/4)

مهنة التوثيق العدلي لا تسعى إلى الربح بل تحقيق خدمة ذات مصلحة عامة مقابل أجرة تعتبر مهنة التوثيق العدلي، أو خطة العدالة مهنة حرة، من أشرف المهن القانونية المنظمة. وباعتبارهم من مساعدي القضاء، يساهم العدول في توفير العدالة الوقائية ويشاركون الجهاز القضائي في تحقيق العدل من خلال ما يهيئونه من وسائل الإثبات التي بها يتمكن القضاء من فض النزاعات والفصل في الخصومات . تحدثنا في الحلقة الثانية عن موقف الفقه الإسلامي من الشراكة المهنية، وفي ما يلي موقف قانون الالتزامات والعقود من شراكة العدول.فقد عرف المشرع المغربي الشركة المدنية في المادة 982 من ق . ل.ع بأنها عقد بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو عملهم أو هما معا لتكون مشتركة بينهم بقصد تقسيم الربح الذي قد ينشأ عنها .وعليه، فالشراكة المهنية للعدول يمكن اعتبارها شركة مدنية بالمفهوم السابق، باعتبارها اتفاقا ينعقد بين العدول المنتمين إلى قسم توثيقي مشترك، لممارسة مهنتهم جماعة بمكتب موحد، غير أنها لا تعتبر كذلك من جهة أن العدول لا يهدفون من شراكتهم إلى تقسيم الأرباح التي تعد عنصرا من عناصر تعريف الشركة المدنية بالمادة 982 المذكورة. فمهنة التوثيق العدلي لا تسعى إلى تحقيق الربح بقدر ما تسعى إلى تحقيق خدمة ذات مصلحة عامة مقابل أجرة، وفق تعريفة الأجور المحددة بمقتضى المرسوم رقم 378-08 صادر في 28 من شوال 1429 موافق 28/10/2008 بتطبيق أحكام قانون رقم 03/16 المتعلق بخطة العدالة.والحقيقة أن مصطلح « أجرة» تثير إشكالا قانونيا من حيث أنها توحي إلى وجود علاقة التبعية بين معطي الأجرة وآخذها، لذلك كان الأولى استعمال مصطلح «أتعاب» التي توافق مبدأ التعويض عن الخدمات التي يقدهما ذوو المهن لزبنائهم من الارشاد والوساطة وابرام العقود ومتابعة المساطر.وحصول العدول على أجرة من المتعاقدين مقابل الخدمة، لا تجعل منهم أجراء تابعين لأطراف العقد، وإنما العلاقة التي تربطهم تحكمها الثقة المتبادلة التي تحتم على العدول تقديم النصح والإرشاد اللازمين لطرفي العقد. مع الإشارة إلى أن ممارسة المهنة تتنافى كليا مع التعاطي لأي نوع من أنواع التجارة (المادة 22 من قانون 03-16 ).ولملاءمة القاعدة الواردة في قانون الالتزامات والعقود بالمادة 982 مع طبيعة المهن الحرة عامة ومنها مهنة العدول، عمد بعض الفقهاء إلى اعتماد معيار «النفع الاقتصادي» إلى جانب معيار «الربح» المذكور حتى يتمكن النص القانوني من استيعاب كثير من التجمعات التي لا تهدف بطبيعتها إلى تحقيق الربح وإدخالها إلى حظيرة النظام القانوني للشركات وتطبيق التعريف العام للشركة عليها (عزالدين بنستي: الممارسة الجماعية لمهنة المحاماة في ظل التشريع المغربي). ويقصد بمصطلح «النفع الاقتصادي» كل تجنب للخسارة أو تقليص للتكاليف، حسب المصدر نفسه، أي أن جميع التجمعات التي يكون هدفها ممارسة نشاطها جماعة من أجل التسهيل على كل عضو من أعضائها مزاولة نشاطه بأقل تكلفة ممكنة كما هو حال الشركة المهنية للعدول، تعد شركة تخضع للقواعد العامة للشركة الواردة في ق. ل. ع.ورغم التعديلات التي أدخلها المشرع المغربي على قانون الشركات بمقتضى القانون 95-17 المتعلق بشركات المساهمة والقانون 96/5 المتعلق بباقي أشكال الشركات التجارية والقانون 97-13 المتعلق بالمجموعات ذات النفع الاقتصادي، فانه بقي عند حدود المفهوم التقليدي للربح الوارد بالمادة 982 من ق . ل.ع. ما يشكل عائقا يحول دون تمديد مفهوم الشركة إلى مهن أخرى مهنة العدول. ثالثا: موقف قانون 16.03 المنظم لخطة العدالة والقانون الداخلي لهيئة العدولأمام هذا الفراغ التشريعي، أشار المشرع في القانون المنظم لخطة العدالة بصورة محتشمة إلى إمكانية ممارسة العدول لمهامهم ممارسة جماعية من خلال القراءة المتأنية للفقرة الثانية من المادة 14 التي أكدت على أن يتكون كل مكتب من عدلين على الأقل، أي إمكانية تكونه من جماعة من العدول دون أي حصر لحدهم الأقصى مادام العدد يتجاوز الاثنين.غير أن الإشارة المذكورة لم تكن كافية لولا تدخل الهيأة الوطنية للعدول وتداركها لهذا الفراغ بالتنصيص صراحة على تنظيم الممارسة الجماعية للمهنة بمقتضى المادة 13 من النظام الداخلي للهيأة التي نصت على ما يلي :«يمكن عقد شراكة بين العدول لممارسة مهامهم بصفة جماعية وذلك بعد موافقة كتابية من رئيس المجلس الجهوي.يتعين أن تكون الشراكة موثقة بعقد يتم إيداعه بمكتب المجلس الجهوي للعدول يتضمن العقد أسماء الشركاء، والأسس والمبادئ المنظمة لها، والشروط المتفق عليها بين أعضائها وكيفية تسييرها.يخبر رئيس المجلس الجهوي للعدول رئيس الهيئة الوطنية للعدول بكل عقد شراكة ثم عقده بمنطقة اختصاصه .إذا تم فسخ عقد الشراكة وجب على المكتب الجهوي تدوين الالتزامات والحقوق المترتبة على الفسخ في محضر توجه نسخة منه إلى رئيس الهيأة الوطنية للعدول.يجب أن يتضمن المحضر بتفصيل عملية توزيع التجهيزات واقتسام الأموال.باستثناء ما ذكر فان المسؤولية المهنية تبقى شخصية، ولا يجوز الاتفاق على نقلها أو توزيعها». بقلم: ذ: رشيد عسعوس: عدل بدائرة محكمة الاستئناف بسطات

دراسة: الشراكة المهنية للعدول ضمن إصلاح منظومة القضاء (3/4)

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

محمد سليم يقدم برنامجين على "دوزيم"

موظف ببنك بالبيضاء يختلس 200 مليونا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات