الإبداع يخضع لمفهوم “اللقجة”

الفنان فتاح نكادي يتحدث عن ألبوم "نبض الروح" ويشخص خلل الواقع الفني أصدر الفنان فتاح نكادي، أخيرا، ألبوما موسيقيا اختار له عنوان «نبض الروح». عن اختياراته الفنية في هذا الألبوم وعن وجهة نظره في العديد من القضايا التي تهم قطاع الفن وممارسته، خص صاحب موسيقى «وجع التراب» «الصباح» بهذا الحوار: < أصدرت أخيرا ألبوما موسيقيا اخترت له عنوان «نبض الروح». في نظرك هل هناك جدوى لإصدار ألبوم موسيقي خالص بدون غناء في هذا الفترة؟ < هناك جدوى لتقديم كل الأعمال الفنية في كل الأوقات والأزمنة. لا أعتقد أنه لم يعد هناك جدوى لتقديم عمل موسيقي خالص ما دامت هناك إمكانية لتقاسمه مع الناس، فالإبداع الفني لا يمكنه أن نحصره في نمط معين دون غيره، ونقول إنه أتى في وقته أو لم يأت. فالإبداع يكون إبداعا أو لا، والموسيقى الخالصة نمط فني له عشاقه منذ عهد بتهوفن وموزار وشوبان الذين، لحسن الحظ، أنهم لم ينشؤوا في مجتمعات متخلفة، لتظل أعمالهم خالدة ولم تندثر بفعل الزمن وتعاقب السنين. أما بالنسبة إلى المعزوفات التي قدمت، فأعتقد أنني حاولت أن أقدم من خلالها تصوري للأشياء والوجود. < الملاحظ أن معظم قطع الألبوم فيها احتفاء بالأمكنة. ما سر ذلك؟ < المكان وعاء يحتوي الإبداع والمبدع، ولا يمكن أن نتخيل العملية الإبداعية خارجه، لذا أظن أنني من خلال القطع التي حملت عناوين بعض الأمكنة مثل مقطوعة «حنين بني ملال» أو «طنجة معبر الورد والشوك» أو «بين بروكسيل وتونس» أن أصور جزءا من علاقتي بأمكنة مررت منها وتركت أثرها في نفسها، وأحاول أن أرد لها شيئا من الجميل باستلهام جزء من أنغامها وإيقاعاتها وهويتها السمعية. كما أن الألبوم تضمن مقطوعات أخرى ليست بالضرورة مرتبطة بالمكان منها مقطوعة «سقوط الأقنعة»، التي أشير فيها موسيقيا إلى انهيار العديد من المنظومات التي كنا نؤمن بها، فإذا بها تثبت فشلها الذريع وانهيارها كما هو الشأن بالنسبة إلى ما آل إليه الوضع في الشرق الأوسط الذي كنا نرى فيها مصدر اعتزاز بالقومية ليتبين أن كل شيء انهار وأن الأقنعة سقطت ليظهر لنا الواقع المر والأليم. < هل تعتقد أن الطريقة التي يتم بها الترويج للأعمال الفنية واعتماد المجانية في تقديمها مسألة صحية؟ < بطبيعة الحال البيئة التي يتم فيها ترويج الإبداع على هذا النحو، ليست سليمة، وهذا مؤشر على أعطاب كثيرة تعتري المشهد الفني، لكن ذلك ليس إلا نتيجة لأوضاع سابقة أدت بنا إلى هذه النتيجة، فالطريقة التي تم بها التعامل مع مشكل القرصنة في بداياته إذ تم التساهل معها بشكل مريب، حتى أدت بنا إلى إفلاس المنظومة الفنية بشكل تام، وهي المسألة التي كان يمكن تفاديها، لو كانت هناك إرادة حقيقية لفعل ذلك، أما الآن فقد انتقلنا إلى مستوى آخر صار القراصنة بأنفسهم يشتكون، كما أن الألبومات الغنائية تحولت في أيدي الفنانين إلى ما يشبه «بطاقة الزيارة» التي يصرف عليها أو يبحث عن الدعم ليقدمها مجانا إلى الناس. < في اعتقادك ما جدوى ملايين الدراهم التي تصرف على مشاريع دعم الأغنية من قبل وزارة الثقافة ما دامت تلك المشاريع تظل حبيسة الرفوف؟ < لأنه بكل بساطة الوزارة تدعم في واد، والقنوات التلفزيونية ووسائل الإعلام العمومية في واد آخر، هناك فجوة ما بين دعم المنتوج الإبداعي وما بين الترويج له وتسويقه إعلاميا. لا أريد الدفاع عن آلية الدعم لأنني استفدت منها، لكن هذا لا يمنع من القول إن الدعم أخرج العديد من الفنانين من سباتهم وجعلهم يتسابقون من أجل الاشتغال، لكن الخلل ما زال قائما لأن الإقلاع الفني لم يتحقق بعد، المسؤولية يتحملها الجميع لأن أيضا هناك فنانين يتعاملون مع مشاريع الدعم بمفهوم «اللقجة» والظفر بالصفقة وليس على أساس تقديم منتوج فني. < ارتبط اسمك كثيرا بالموسيقى التصويرية للأفلام والمسلسلات علما أن هذا النوع من الموسيقى يعد الأقرب إلى فن الصورة التي حرمت التمتع بها بصريا. كيف ذلك؟ < خلال اشتغالي بتأليف الموسيقى التصويرية أركز على سيناريو وفكرة العمل وطبيعة الحوار الذي يتخلله، ومن هذه العناصر أكون فكرة عامة عن طبيعة الموسيقى المطلوبة للمشاهد التي أضع الموسيقى الخاصة بها، والحمد لله أتت هذه المعادلة بالنتائج المرجوة منها، بدليل نجاح العديد من الألحان التي وضعتها وأشهرها موسيقى مسلسل «وجع التراب» لمخرجه شفيق السحيمي وغيرها من الأعمال. أجرى الحوار: عزيز المجدوب

الإبداع يخضع لمفهوم “اللقجة”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التشرميل الإلكتروني: الدونكيشوطية الافتراضية

نصائح للعناية بالحديقة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات