العشب الاصطناعي … ماذا بعد الثورة؟

انتهاء زمن الملاعب المتربة وارتياح لجودة العشب ولدور وزارة التجهيز وإكراهات تواجه البرنامج شكل تزويد أكثر من 60 ملعبا بالعشب الاصطناعي ثورة في كرة القدم الوطنية، خاصة في بطولات الهواة والأقسام الشرفية، وحل أكبر مشكلة في القطاع، وهي مشكلة البنيات التحتية، لكن ذلك يصطدم بمجموعة من العقبات والإكراهات، أبرزها الاستعمال المفرط، وعدم تجاوب الجماعات المحلية، والاستغلال الانتخابي لهذه المنشآت. وداعا الملاعب المتربة ودعت كرة القدم الوطنية الملاعب المتربة نهائيا، بعد أن أصبحت كل مباريات الهواة، بقسميها الأول والثاني، تجرى في لاعب مكسوة بالعشب الاصطناعي، إضافة إلى بعض الملاعب ذات العشب الطبيعي، والتي تعد على رؤوس الأصابع كملعب تيسيما، الذي يوجد رهن إشارة نادي وفاء وداد، وملعب عين البرجة التابع لنادي التكوين المهني في القسم الثاني هواة، فيما ودعت بطولة القسم الأول هواة آخر ملعبين بعشب طبيعي، يتعلق الأمر بملعب العربي الزاولي، الخاص بنادي الاتحاد الرياضي ”الطاس”، الذي أغلق بداية مارس الجاري، وملعب البشير بالمحمدية، الذي أغلق الأسبوع الماضي. وساءت أحوال هذين الملعبين بشكل كبير، ليتم إغلاقهما من أجل مباشرة إصلاحات في مختلف مرافقهما، وإعادة تأهيل الأرضية بزرع عشب طبيعي جديد. ولم يقتصر هذا التحول على بطولة الهواة، بل حتى أندية الأقسام الشرفية التي تنشط ضمن العصب الجهوية، أصبحت تجري مبارياتها في ملاعب ذات عشب اصطناعي. عشب الجنرال شمل برنامج إصلاح الملاعب الوطنية مجموعة من الملاعب التي تمت تكسيتها بالعشب الاصطناعي ضمن المرحلة الأولى في عهد جامعة الجنرال حسني بنسليمان، والتي تلاشت بفعل عشوائية الاستغلال ومشاكل الصيانة، إضافة إلى ضعف جودتها، مقارنة مع العشب الحالي. وشمل البرنامج إعادة تعشيب تلك الملاعب، وأبرزها ملعب با محمد بحي سباتة بالبيضاء، الذي أعيد تعشيبه الموسم الماضي، وملعب تمارة، الذي أغلق بداية فبراير الماضي، في انتظار إصلاح ملاعب أخرى، على غرار ملعب درب غلف بالدار البيضاء. وأثار العشب الاصطناعي الذي زرع في تلك المرحلة جدلا كبيرا في الأوساط الكروية ولقي معارضة كبيرة، بالنظر إلى ضعف جودته، وهو ما تبين فعلا مع مرور السنوات، إذ ساءت أحوال تلك الملاعب بشكل لافت ولم تقو على مقاومة الاستعمال والحرارة. ثورة لقجع وضع فوزي لقجع، رئيس جامعة كرة القدم، تأهيل البنيات التحتية، وفي مقدمتها الملاعب، ضمن أولوياته، عندما تسلم مهامه رئيسا للجامعة، قبل ثلاث سنوات. وفتح لقجع مفاوضات مع وزارات التجهيز والداخلية والشباب والرياضة، من أجل إطلاق برنامج ضخم لإصلاح الملاعب. ويتضمن البرنامج، الذي واكبته وزارة التجهيز، تكسية الملاعب بالعشب الاصطناعي، وأغلبها خاص بأندية الهواة والعصب الجهوية، وزرع ملاعب أخرى بالعشب الطبيعي (القنيطرة وخريبكة وآسفي وملعب مولاي عبد الله)، وتهيئة الإنارة في عدد من الملاعب (الحسيمة وبركان وتطوان وآسفي)، إضافة إلى برنامج يهم بناء ثلاثة مركبات رياضية كبرى بوجدة وتطوان وآسفي. الاستغلال العشوائي أبرز المشاكل تواجه الملاعب التي تمت تهيئتها وتكسيتها بالعشب الاصطناعي مجموعة من الإكراهات، أبرزها عدم احترام شروط الاستغلال، والاستعمال العشوائي للملاعب، وصعوبة إجراء عمليات الصيانة بسبب ذلك، ما يقلص مدة صلاحية العشب من ثماني سنوات إلى ثلاث فقط. وتتعرض أغلب الملاعب لاستعمال مفرط وعشوائي، فعوض 35 ساعة المسموح بها أسبوعيا لكل ملعب، تصل مدة استعمال أغلب الملاعب 80 ساعة. ولا يحترم المشرفون على الملاعب باقي شروط الاستعمال الأخرى التي تحددها الشركات، وفي مقدمتها برنامج السقي، ونوعية الأحذية، بل إن بعض الملاعب يتم تقسيمها إلى ملاعب صغرى بأدوات ومعدات حديدية، ما يجعل الشركات المعنية تخلي ذمتها من الأضرار التي تلحق بالعشب، رغم أن العقود تلزمها بذلك، سيما أنها تواجه مصاعب في مباشرة عمليات الصيانة بفعل ارتفاع وتيرة الاستغلال. وتوجد على رأس الملاعب المعنية بفوضى الاستغلال ملعب سيدي مومن، وملعب الحي الحسني، وملعب سباتة، وملعب سيدي سليمان، وملعب عين عودة، وملعب حد السوالم، وملعب سيدي بنور، وملعب تمارة، إضافة إلى ملاعب أخرى في مختلف المدن المغربية، والتي يبلغ عددها 62 ملعبا، كلفت 50 مليارا. وتوجه أصابع الاتهام إلى السلطات المحلية والجماعات المنتخبة ومندوبيات الشباب والرياضة، لمنحها تراخيص عشوائية لفرق ومدارس وجمعيات موظفين ومتقاعدين أحيانا، بل يتم استغلال بعض الملاعب لأهداف انتخابية. الجماعات المحلية... الحاضر الغائب تخلفت الجماعات المحلية عن مواكبة برنامج الملاعب بشكل أثار استياء الجامعة والأندية، بامتناعها عن إنجاز الإصلاحات الموازية، المتعلقة بتهيئة المدرجات، ومستودعات الملابس، ومحيط الملاعب، بموازاة مع تولي الجامعة مسؤولية تهيئة الأرضية والسياج ونظام السقي. ولا تتوفر أغلب الملاعب على مديرين ينظمون البرمجة، باستثناء الملاعب التي تتبع لوزارة الشباب والرياضة، الخاضعة لنظام ”سيغما”، الذي يمنحها نوعا من الاستقلالية المالية والتدبيرية، لكن ذلك يشجعها على فوضى في البرمجة والاستغلال العشوائي، من خلال منح أكبر عدد من التراخيص للحصول على أكبر قدر من المداخيل. وفي المقابل، يسجل المنتخبون في الجماعات المحلية حضورهم في مراسيم تدشين الملاعب، وتدخلهم في منح تراخيص الاستغلال، لكنهم يختفون عن الأنظار بعد ذلك. ملاعب الوزارة... الورطة تطرح ملاعب الهواة والعصب الجهوية التابعة لوزارة الشباب والرياضة، إشكالا كبيرا بالنسبة إلى الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وإلى الأندية المستفيدة منها، إذ رغم أن الملاعب تكون موجهة إلى الأندية في إطار إصلاح ملاعب الهواة، إلا أن مسؤولي المندوبيات يضعون اليد عليها، بحجة أن الأرض التي بنيت عليها تابعة لها. ويعتبر فريق وفاق بوزنيقة، الذي تم حله، أكبر حالة تعكس هذا الوضع، فرغم أن الفريق استفاد من برنامج إصلاح الملعب، إلا أنه وجد نفسه ملزما بأداء مبلغ مالي مقابل كل حصة أو مباراة في الملعب. وطالبت بعض الأندية الجامعة بتوقيع اتفاقيات أو شراكات تسمح لها بتدبير الملاعب أو الاستفادة المجانية منها. الجامعة: مهمتنا تنتهي بعد التسليم ترفض جامعة كرة القدم التدخل في تسيير الملاعب التي تم إصلاحها في إطار البرنامج الوطني المذكور، إذ تنتهي مهمتها مباشرة بعد تسليم الملعب إلى النادي المعني. وقال مسؤول في الجامعة «لا يمكننا أن نسير الملاعب. بالنسبة إلى الجامعة يجب أن تكون الملاعب بجودة عالية وتكون رهن إشارة الأندية والفرق». لكن المشكل، الذي يطرح في هذا الإطار، هو أن الجامعة لم توقع اتفاقيات للاستغلال أو شراكات مع مديرية الجماعات المحلية أو الفرق المستفيدة، ولا تعرف الجهات التي تتسلم الملاعب. جودة عالية يعتبر العشب المستعمل في الملاعب الوطنية من أحسن أنواع العشب في العالم، استجابة لشروط الجامعة التي تلح على أن يكون العشب بجودة عالية، حسب تقنيين من وزارة التجهيز. واعتبر التقنيون أن العشب الذي يستعمل في المغرب أحسن من ذلك المستعمل في ملاعب ومراكز بأوربا، إذ قال التقنيون إن فوزي لقجع يتتبع بشكل مباشر موضوع الملاعب، ويلح على أن يكون العشب بجودة عالية. وخلفت أغلب الملاعب ارتياحا كبيرا لدى الأندية وباقي المتدخلين، خصوصا تلك التي أشرفت عليها شركة «كوتير» الألمانية، التي تكلفت بأشغال عدد من الملاعب الوطنية. وإضافة إلى الأرضية، تتميز الملاعب التي أصلحت في إطار البرنامج المذكور بجودة عالية في ما يتعلق بالسياج، ونظام السقي، وأعمدة المرمى، والخطوط. إعداد: عبد الإله المتقي

العشب الاصطناعي … ماذا بعد الثورة؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الوداد يسبق الرجاء لافتتاح "دونور"

بريطانيا: "واتساب" سهل مهمة الإرهابيين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات