دعا القضاة إلى تفادي السرعة في الأداء على حساب الجودة أقر وزير العدل والحريات مصطفى الرميد بوجود «العديد من النقط السوداء بالمحاكم وأداء العدالة يستحق الاهتمام ويتطلب العلاج والتدخل لرفع نجاعة القضاء». وبعدما اعترف الرميد بأنه المسؤول الأول عن وضعية منظومة القضاء والعدالة، أبرز «نحن لا نخجل من استعراض كل المعطيات السلبية، فهذه مصلحة وطنية ومصلحة العدالة»، مشيرا إلى أن الملفات المخلفة في التنفيذ انتقلت من 61 ألفا إلى 93، علما أن المسجل انخفض في هذه الفترة، كما أن نسبة المنفذ من الرائج تراجعت من 82 % إلى 73 . وكشف في سياق متصل أن أعلى نسبة تنفيذ، سجلت بالراشيدية ووجدة والعيون، نظرا لقلة القضايا في هذ المحاكم، قبل أن يحدد لائحة بمحاكم اعتبرها تتصدر اللائحة السوداء، أي تلك التي تسجل أقل من 70 في المائة، تضم محاكم أزيلال وشفشاون والناظور والجديدة وتيزنيت وورزازات وكلميم. وأوضح الوزير خلال لقاء تواصلي نظمته وزارته، أمس (الأربعاء)، بالمعهد العالي للقضاء بالرباط، أنه إلى غاية السنة الماضية، ما زالت نسبة تصل إلى 21 % من المحاكم المغربية مصنفة في قائمة المحاكم غير اللائقة. نسبة قال الوزير، رغم أنها انخفضت بشكل ملموس عما كان عليه الوضع في 2012، التي كانت نسبة المحاكم غير اللائقة فيها تمثل 48 % من مجموع محاكم المملكة، «إلا أنها تفرض مضاعفة الجهود حتى نكون في الموعد بحلول 2018، وتكون محاكمنا لائقة بنسبة مائة في المائة». وأردف الرميد، الذي قدم عرضا شاملا حول منظومة العدالة ومواردها البشرية وبنياتها التحتية خلال لقاء قال إنه الأول ضمن أربعة لقاءات، ثلاثة منها تخصص للمحاكم الابتدائية والاستئنافية، فيما سيخصص الرابع للتداول حول المحاكم المختصة التجارية والإدارية، (أردف) أن نسبة المحاكم المتوسطة سجلت انخفاضا طفيفا، إذ انتقلت من 23 في المائة في 2012 إلى 21 في المائة لحساب المحاكم اللائقة، التي صارت تمثل خلال السنة الماضية 60 في المائة، مشيرا في السياق ذاته إلى عدد من المحاكم التي تم تدشينها خلال السنة الماضية، وتلك الجاهزة، «التي تتوزع على مختلف المدن والأقاليم، وتقطع مع المغرب النافع والمغرب غير النافع، حتى نكون أمام محاكم لائقة جدا تؤوي عمل القضاة والموظفين والمحامين وكافة المهنيين في ظروف جيدة ويجد المواطن أن محكمته تستطيع أن تستوعب تقديم كافة حاجياته وخدماته». وفيما ثمن الرميد التطور الذي عرفته القضايا المحكومة، سيما في محاكم الاستئناف، عكس المحاكم الابتدائية التي سجلت عجزا بين المسجل والمحكوم، وتقلص عدد الأيام اللازمة لتصفية المخلف، مقابل ارتفاع معدل القضايا لكل قاض، الذي بلغ السنة الماضية معدلا وصل إلى 402 قضية في المتوسط، ارتفع وانخفض حسب المحاكم الواحدة والعشرين التي تتوفر عليها البلاد، نبه وزير العدل والحريات القضاة إلى أن هذه النتيجة الإيجابية، لا يجب أن تسجل على حساب الجودة. وشدد «صحيح أن النجاعة القضائية تسير في الاتجاه الصحيح، لكننا لا نريد نجاعة بدون جودة، لا نريد تسرعا بل أجلا معقولا، وإن حدث أن تعارضت الجودة مع السرعة، وهذا أمر مستبعد، فعلى القضاة الانحياز إلى الجودة». من جهة أخرى، توقف الوزير عند تطور الموارد البشرية بالقطاع والتحفيزات التي قامت بها الوزارة وهمت أساسا منظومة الأجور التي عرفت ارتفاعا كان الأعلى مقارنة بباقي القطاعات العمومية. تطور قال إنه مهم، لكن يظل غير كاف ولا يرقى إلى المستوى المطلوب، إذ توفرت المملكة خلال السنة الماضية على 4057 قاضيا، مع تسجيل تراجع بسيط عن السنة التي قبلها بسبب عدم التحاق أي فوج في السنة الحالية جراء عدم الإعلان عن مباراة الولوج سنة 2014، «علما أن 219 قاضيا هم في طور التكوين سيلتحقون السنة الجارية و160 سيلتحقون السنة المقبلة، ما يضمن عدم انخفاض أعداد القضاة مستقبلا». وإذا كان عدد القضاة ارتفع على مدار الأربع سنوات الأخيرة، على العكس، انخفض عدد الموظفين، ونبه وزير العدل أن هذا الانخفاض راجع إلى سياسية إرادية للوزارة، خلصت إلى أن كثرة الموظفين ليست دائما ظاهرة صحية، فاعتمدت سياسة التوظيف الذكي وبالعناية المطلوبة، إذ لا يتجاوز عدد الموظفين برسم العام الماضي 14 ألفا و228 موظفا، فيما ارتفع عدد المحامين إلى 12 ألفا و92 محاميا بعدما كان عددهم لا يتجاوز 10 آلاف و496 محاميا سنة 2012. واعترف الوزير في هذا الإطار بأن المشكل الحقيقي يكمن في الخبراء القضائيين الذين تعاني المنظومة من خصاص حاد فيهم، فهم لا يتجاوزون 3321 خبيرا، يفاقم تمركزهم في مناطق دون غيرها فضلا عن اختيارهم تخصصات دون أخرى المشكل. هجر المغلي