الحدث: استقالة المنصوري تعمق أزمة “البام” بمراكش

صراعات داخلية وتسابق نحو الزعامة ساعد على تفجير الوضع إذا كان قرار استقالة فاطمة الزهراء المنصوري عمدة مدينة مراكش فاجأ الجميع، بمن فيهم المراكشيون والسلطات المحلية، وحتى القيادات المحلية لحزب"البام"، فإن تبريرات التراجع عنه تطرح أكثر من علامة استفهام، إذ أكدت المنصوري في بلاغ أصدرته، وحصلت بعض وسائل الإعلام على نسخة منه، أنها قررت التراجع عن الاستقالة. وأضاف البلاغ أن قرار استقالتها كان بسبب مواجهتها للعديد من المشاكل والإكراهات المرتبطة بالأداء التنظيمي المحلي لحزبها "البام، والتي تحول دون تحقيق أهدافه في تجديد الممارسة السياسية وتخليقها وانفتاحها. ويصاب المتتبع للمشهد السياسي بمراكش بنوع من الحيرة أمام تسارع الأحداث، فقد أكد الحبيب بنطالب الأمين الإقليمي للحزب في اتصال مع "الصباح"، أنه لا علم له بالموضوع، فيما أوضحت مديرة ديوان العمدة ل"الصباح" أن المنصوري استقالت فعلا، مؤكدة أن لا مشاكل لها مع أعضاء المجلس الجماعي، لكن كل معاناتها مع حزبها الأصالة والمعاصرة، واستمرت المدينة في تناقل خبر الاستقالة ، إذ أكدت مصادر عليمة ل"الصباح" أن المنصوري أجرت اجتماعات ماراثونية مع محمد امهيدية والي جهة مراكش تانسيفت الحوز، وبعض الفعاليات بالمدينة، وتدخلت القيادة الوطنية للحزب والنتيجة تجميد العمدة مؤقتا قرار استقالتها، في انتظار تجاوز هذه الوضعية. الاستقالة ...بين مؤيد ومعارضإذا كانت تبريرات استقالة فاطمة الزهراء المنصوري من الرئاسة وصفت بغير المقنعة، فإنها أعطت الدليل بأنها لا تشتغل في إطار فريق يضم مستشارين وفعاليات بإمكانها اللجوء إليهم قبل اتخاذها أي قرار، إذ فاجأت الجميع.إلى ذلك، انقسمت آراء المراكشيين بخصوص الاستقالة بين مؤيدين ومعارضين، وهناك من وصف المنصوري بالتسرع، إذ لم تقدر جسامة المسؤولية التي أنيطت بها حسب قوله، خاصة أن منصب العمودية عصف بمجموعة من المسؤولين بالمدينة، وعلى رأسهم منير الشرايبي الوالي السابق للمدينة، والذي أكدت العمدة بخصوصه خلال ندوة صحافية عقدتها بالرباط بأنه يمارس عليها ضغوطات، بعدما طالب منها منح تفويض التعمير لنائبها عبد العزيز البنين، المنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار، والنتيجة كانت نهاية مسار الرجل في منصب الوالي، ليعود إلى عالم المال والأعمال إلى جانب مجموعة أخرى من الأسماء التي أزيحت لتعبيد الطريق أمام المنصوري، والتي وضعت القضاء بمراكش في محك حقيقي، بعد الطعن المقدم ضدها من طرف حزب جبهة القوى الديمقراطية.لكن بالمقابل، ترى بعض الآراء أن المنصوري أعطت النموذج الصالح لمغرب ما بعد خطاب 9 مارس، بعد ما قالت "لا للفساد" وللضغوطات الممارسة عليها، وأعلنت تصديها لكل ما من شأنه أن ينهي تجربة وصفت بالمتذبذبة في مجال تسيير الشأن المحلي، على اعتبار أن الاستقالة دليل على الرغبة في الإصلاح، لكن بين كل هذا وذاك، تظل استقالتها مثيرة، ومفتوحة على تطورات سيكشف عن خباياها مع الاستعدادات للانتخابات البرلمانية القادمة . وحسب مصادر عليمة، فإن والي جهة مراكش تانسيفت الحوز، محمد امهيدية، كان أول من رفض الاستقالة، بعدما وجهت له رسالة في الموضوع، واستبق "البام" نبأ إعلان العمدة انسحابها من صفوفه، وأكد أنه لا حديث عن هذه الخطوة في الوقت الراهن، إلا بعد الانتخابات المقبلة، ما يعني رفض استقالتها من رئاسة المجلس الجماعي وعضوية الحزب أيضا.نرجس: أنا بريء من الادعاءات من المفارقات الغريبة عدم علم الحبيب بنطالب، المنسق الاقليمي لحزب "البام" بمراكش، وحميد نرجس عراب "البام" بالجهــة باستقالة المنصوري وحيثياتها. وأكد نرجس في اتصال هاتفي مع "الصباح" أنه لا علم له باستقالة العمدة، ولا توجد أي مشاكل بينه وبينها، وإذا ما كانت هناك مشاكل، يضيف نرجس، فإنها تدخل في إطار الحراك السياسي، والخلافات الحزبية العادية، والتي تثار داخل الحزب، مؤكدا أنه لم يتم إخباره بالاستقالة، وفوجئ بها هو أيضا، ولا يعلم أي شيء عنها.وعاد نرجس ليؤكد أنه لا مشاكل داخل حزب "البام" سواء محلية أو جهوية، مبرزا أن "البام" مثله مثل جميع الأحزاب الأخرى، وأن محاربة الفساد لا ينازع فيها أي أحد، وأنها من مبادئ الحزب، والمجهود المبذول فيه محليا وجهويا معروف، مضيفا أن المنصوري عمدة مراكش لها مشروعيتها، والأمر نفسه بالنسبة إلى زكية لمريني، رئيسة مقاطعة المنارة، وتتمتع باحترام كبير داخل الحزب، والشيء نفسه بالنسبة إلى ميلودة حازب، القيادية المعروفة التي لها رصيدها في العمل السياسي، ولها مشروعيتها، وكان تدخل زكية لمريني في اللقاء التواصلي حول حملة التصويت بنعم لصالح الدستور المنظمة أخيرا بالقاعة المغطاة الحي الحسني، فكان بصفتها رئيسة لجنة المجتمع المدني، وليس رئيسة مقاطعة المنارة شأنها في ذلك شأن رؤساء لجن الشباب والمرأة وغيره من التنظيمات الموازية وهياكل الحزب، كما أن الأمانة الجهوية للحزب هي من يقرر في البرنامج، وأعتقد أن هذا أمر محسوم فيه".إلى ذلك، عبر حميد نرجس عن أسفه الشديد بخصوص استقالة عمدة المدينة التي وصفها بالمفاجئة، لكنه استبعد بشكل كبير أن تكون لها انعكاسات على مراكش، سواء على مستوى الاستثمارات أو السياحة أو غيرها من المجالات، واستحسن استدراك فاطمة المنصوري للموضوع، وتراجعها عن الاستقالة، كما شدد على مسألة التنسيق مع حزبي الاتحاد الدستوري، والتجمع الوطني للأحرار، وهي العملية التي وصفها بأنها قرار تم تدارسه والموافقة عليه على صعيد القيادة الوطنية، قبل أن يتم تعويض العضو بلقايد.نساء "البام" بمراكش... صراع الزعامات ما يميز تجربة حزب الأصالة والمعاصرة بمراكش إعطاؤه الفرصة للمرأة في تدبير الشأن المحلي في منصب المسؤولية. نساء "البام" الثلاث يختلف تكوينهن وتجربتهن السياسية وحضورهن، لكن تبقى ميلودة حازب رئيسة مقاطعة النخيل أكثرهن تجربة في السياسة، فهي رئيسة شبكة النساء المنتخبات المحليات بإفريقيا، ورئيسة هيأة منتخبي حزب الأصالة والمعاصرة وبتجربتها البرلمانية، تربعت على كرسي رئاسة مقاطعة النخيل التي ارتبطت بعبدالله رفوش المعروف ب "ولد لعروسية"، كما عرفت بدفاعها المستميت عن النساء، لكن ذلك لم يشفع لها في مواجهة انتفاضة أعضاء المجلس الذين قاطعوا أشغال إحدى الدورات، وحصلت زكية لمريني، المرأة الجمعوية ورئيسة مقاطعة المنارة على شهادتي دكتوراه، الأولى بفرنسا سنة 1984، والثانية بالمغرب سنة 1993، ما خول لها العمل أستاذة جامعية بكلية العلوم بجامعة القاضي عياض بمراكش. كما أن إيمانها بالقضية النسائية، دفعها إلى تأسيس مؤسسة جمعية النخيل للمرأة والطفل، ومركز الاستماع لمناهضة العنف ضد النساء، وما يزال يراودها حلم إنشاء مشروع لإيواء النساء والأطفال في وضعية صعبة.وتعتبر لمريني، التي تشغل، حاليا، رئيسة المعهد المغربي للتنمية المحلية، مؤسسة للحركة من أجل ثلث المقاعد المنتخبة الخاصة بالنساء، إذ كانت من بين اللائي ناضلن من أجل تحقيق كوطا لترشيح النساء في الانتخابات الجماعية الأخيرة، التي أعطت الفرصة للنساء للترشح في اللائحة الإضافية.كانت مهتمة بعالم السياسة، منذ طفولتها. وخلال دراستها الجامعية، التحقت بالاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وانضمت إلى اللجنة المركزية لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي. وفي سنة 2002، التحقت بحزب الاتحاد الاشتراكي، قبل أن تلتحق بحزب "البام". ورغم تجربتها وتكوينها الأكاديمي لم تستطع زكية لمريني التعامل مع المعارضة في مجلس مقاطعة المنارة، والتي انطلقت في البداية بعضو واحد، ويتعلق الأمر بحميد خوزرك من حزب الاستقلال، ليصبح حاليا عدد أعضاء المعارضة 14 عضوا، ربما سيصل شد الحبل بين الطرفين إلى المحاكم.أما فاطمة الزهراء المنصوري، فيختلف مسارها عن السابقتين، فهي من أسرة المنصوري، جدها قائد بمنطقة الرحامنة. رئيسة جمعية طلبة القانون الفرنسي، ورئيسة جمعية مونية لإنقاذ التراث، تشتغل محامية بهيأة مراكش حاصلة على دبلوم في قانون الأعمال من جامعة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، وقانون عقود الأعمال بجامعة مونبلييه بفرنسا، كما حصلت على إجازة في القانون الخاص من جامعة محمد الخامس وباكالوريا من فيكتور هيكو بمراكش .وظهر صراع نساء مراكش الخفي مع بروز الخلاف بين فاطمة الزهراء المنصوري وحميد نرجس، الأمين الجهوي للحزب، الذي يعتبر أنه لا فرق بين فاطمة الزهراء المنصوري، وزكية وميلودة، وكلهن مناضلات الحزب بالجهة ولكل واحدة مشروعيتها، لكن إحساس فاطمة الزهراء المنصوري مافتئ يزداد بخصوص سعي حميد نرجس إلى تلميع صورة زكية وميلودة، الأمر الذي فجر المسكوت عنه، خاصة أن مصادر مطلعة تفيد وجود تنسيق رئيستي المقاطعتين مع نرجس. محمد الحر: العمدة تحملت كثيرا قبل أن تستقيل أكد محمد الحر نائب عمدة مدينة مراكش للصباح أن فاطمة الزهراء المنصوري عانت كثيرا، وتحملت مجموعة من الأمور إلى أن انفجرت، وكانت مجبرة على التحرك، وتقديم استقالتها حتى يمكن إصلاح ما يمكن إصلاحه، فقد عانت سحب الاختصاصات منها، وتلميع بعض الأطراف على حسابها، والحصار الذي ضرب عليها. وهذه كلها أسباب ومعطيات كانت وراء تقديم الاستقالة التي كان بالإمكان التريث فيها. ويجب النظر إلى أسباب الاستقالة المفاجأة، وتمنى أن يتم تجاوز هذا الوضع الذي لا يخدم مدينة عريقة بتاريخ ورصيد كبير جدا. العربي بلقايد: ما بني على باطل فهو باطل أكد محمد العربي بلقايد، في تصريح ل"الصباح" أن "البام" أساء كثيرا لتدبير مدينة مراكش، والدليل استقالة العمدة في هذه الظروف الحرجة، مضيفا أن ذلك يعتبر عبثا حقيقيا في تسيير شؤون مدينة بحجم مراكش. وعبر بلقايد عن تخوفه الكبير من انعكاسات ذلك على مستقبل المدينة السياحي والاقتصادي وفرص الاستثمار، في ظل الأزمة التي تعرفها المنطقة، مضيفا أن العمدة مورست عليها ضغوطات كبيرة، والأمر نفسه بالنسبة إلى المكتب المسير، لكن الاستقالة في هذا الظرف صعبة جدا، ويجب تحكيم العقل والرزانة التي ينبغي أن يتمتع بها المسؤولون.وعلق بلقايد على الأمر بالقول "ما بني على باطل، فهو باطل"، مؤكدا وجود أزمة حقيقية داخل المجلس، وما وصل إليه المجلس حاليا، توقعه حزب العدالة والتنمية منذ شهور، و"كنا متيقنين أن الوضع سينفجر، وهو ما تم بالفعل، يضيف بلقايد، ونتمنى أن يستحضر الجميع روح المواطنة والوطن، وأن نخرج مراكش من الأزمة لأن هذه المدينة تستحق أحسن من هذا الوضع. نبيل الخافقي

الحدث: استقالة المنصوري تعمق أزمة “البام” بمراكش

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحدث: العمدة تقاطع دورة يوليوز

5 ملايير خسائر الفوسفاط بسبب احتجاج العاطلين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات