ثلاثة أسئلة: سنة بيضاء

ماهي أهم الملاحظات التي رصدتموها على صعيد الملفات الاجتماعية خلال السنة المنتهية؟ أعتبر أن 2016 كانت حصيلتها بيضاء على مستوى النهوض بالأوضاع الاجتماعية، فقد كشف ملف أزمة الأساتذة المتدربين في ارتباطه بأزمتي البطالة والتعليم العمومي، لوحده، كيف أن الحكومة ظلت تتعامل مع القضايا الاجتماعية بمنطق التخلص منها والتمهيد لانسحاب الدولة من أدوارها الاجتماعية، في وقت تتعاظم فيه الانتظارات بشأن جودة المرفق والخدمات العمومية. لقد كشفت 2016، أيضا على المستوى الاجتماعي، كلفة عدم تنفيذ وتنزيل توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة المتعلقة بالحكامة الأمنية، الداعية إلى تطوير سياسات عمومية مبنية على الرقابة وتكامل عناصر الأمن الوطني مع عناصر الأمن الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي، كما لم يتحقق أي تقدم في ما يخص محاربة الفساد، وفي ملفات السكن والتشغيل والصحة، وبالتالي فقد كان العام المنتهي، كارثيا. تدهور الأوضاع واكبته عودة الدينامية الاحتجاجية إلى الشارع بعد 5 سنوات من الركود، فما هي الأبعاد التي انطوى عليها الأمر؟ عمليا، الهجوم على الحقوق وتدهور الأوضاع، يليه مباشرة المد الاحتجاجي، وبالفعل فقد شهدنا تبلور حركات احتجاجية في 2016، حيث كانت البداية بالاحتجاجات في طنجة وتطوان ضد أسعار فواتير الماء والكهرباء، وصولا إلى مناطق أخرى، سيما الاحتقان الاجتماعي بعد حادث وفاة سماك الحسيمة. وقد لاحظنا كيف أبرزت تلك الاحتجاجات الرفض الشعبي وأشرت على طبيعة المآل الذي قد ينتظر البلاد، بسبب الاختيارات الاقتصادية للدولة والحكومة، وتبعا لذلك، يبدو أنه من الواجب، بسبب حصيلة 2016، أن تعرف تلك الاختيارات تقييما ونقاشا وعموميين، والكف عن الخضوع لإملاءات المؤسسات المالية الدولية، التي بينت التجارب العالمية المقارنة، طبيعة الكوارث التي أدت إليها. لكن بحلول نهاية السنة، جدد الناخبون الثقة في الحزب الذي ينفذ تلك السياسات الاجتماعية غير الشعبية، فماهي توقعاتكم للوضع الاجتماعي في الفترة المقبلة؟ إن 2016، كشفت أن الرأي العام بالمغرب، موجود ومتبلور في شبكات التواصل الاجتماعي، لكنه لا ينتقل من التعبير عن الموقف إلى الخروج والدفاع عنه في الآليات المؤسساتية المتوفرة من قبيل الانتخابات، وبالتالي، رصدنا سخطا عارما من قبل المغاربة، سيما الشباب، على السياسات والاختيارات الاقتصادية للحكومة، لكنهم عزفوا عن التصويت، ما أسفر عن عدم اختيار بديل له سياسات اجتماعية أكثر تضامنا مع المغاربة. وانطلاقا من ذلك، نقتنع أن ما أفرزته انتخابات 2016، سيؤسس بداية من 2017، لسير المغرب نحو طريق مسدود، من تبعاته إضعاف الدولة وباقي الفرقاء السياسيين، ومزيد من فقدان الثقة، سيما أن مشروع قانون المالية، ورغم أنه لم يعتمد في الموعد المحدد، يكشف مضمونه أن الاختيارات الاقتصادية نفسها التي استهدفت الفقراء والطبقة المتوسطة، وأدت إلى تدهور الأوضاع الاجتماعية السنة الماضية، هي نفسها يتواصل اعتمادها، من قبيل السعي إلى إلغاء مجانية التعليم، وتفويت قطاع الصحة للمستثمرين الخواص. إن كل المؤشرات، تشي بأن السنة المقبلة ستكون أصعب اجتماعيا، إذ سننتقل من زمن الليبرالية الاجتماعية إلى عهد الليبرالية المتوحشة على مستوى السياسات العمومية، عندما ستتوج الدولة مسعاها إلى التخلي عن أدوارها الاجتماعية بالتوازي مع تكثيف الضغط الضريبي على أجور الموظفين والأجراء، وهي مفارقة صارخة لا تبشر بالخير. أجرى الحوار: امحمد خيي (*) المنسق العام لمعهد "بروميثيوس" للديمقراطية وحقوق الإنسان

ثلاثة أسئلة: سنة بيضاء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

دواء ينقذ حياة 625 ألف مغربي

شهادات: الدولة تخلت عن القطاعات الاجتماعية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات