الحرمان من التسيير تضييق على الحريات

الشنتوف رئيس نادي قضاة المغرب قال إن ترشح القضاة في الانتخابات التشريعية لا علاقة له بمسألة الاستقلالية أجرت الحوار: كريمة مصلي في ظل الحركية التي تشهدها الساحة القضائية، في إطار تنزيل السلطة القضائية، اعتبر عبد اللطيف الشنتوف، رئيس نادي قضاة المغرب، أن المرحلة الراهنة تستوجب استقلالا حقيقيا للسلطة القضائية، الذي لا يمكن أن يكتمل إلا بإقرار استقلالها المالي عن السلطة التنفيذية. وأضاف في حوار مع «الصباح»، أن حياد القاضي يجب أن يظهر في عمله وليس في النصوص وكثرة التقييدات على شخصه. < هل النقاش حول القوانين التنظيمية المتعلقة بالسلطة القضائية انتهى في نظركم ؟ < النقاش حول القوانين انتهى كمسطرة لإقرارها وقد تم ذلك بالفعل ونشرت بالجريدة الرسمية وستصبح سارية بمجرد تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية من قبل جلالة الملك، ولكنه قطعا لن ينتهي من زاوية تنزيل هذه القوانين على أرض الواقع والذي سيثير كذلك نقاشات أخرى هامة تخص عدم وضوح بعض المقتضيات وعدم الحسم فيها إبان نقاش القوانيين في حد ذاتهما وذلك مثل قضية الآلية المشتركة التي ستتشكل ما بين المجلس والوزير المكلف بالعدل، إذ لا بد أنها ستطرح العديد من الإشكالات عند تنزيلها على أرض الواقع، بفعل أننا نعرف سبب نزول هذه الآلية وكذا تنظيم المفتشية العامة للشؤون القضائية وطريقة اشتغالها وإقرار النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ومدونة السلوك القضائية اللذين يمكن أن يمسا بالحقوق المكتسبة للقضاة إن لم يراع فيها التأويل الديمقراطي للدستور ومراعاة المرحلة والسياق الديمقراطي الذي يعيشه بلدنا على المستوى السياسي، واستحضار نقاشاتنا قضاة وحقوقيين، المرتبطة بالقانونين التنظيميين طيلة خمس سنوات الماضية. < هل تعتقد أن القواعد المحددة في القانونين التنظيميين تضمن استقلالا ماليا للمحاكم والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ؟ < أعتقد أن استقلال السلطة القضائية لا يمكن أن يكتمل إلا بإقرار استقلالها المالي عن السلطة التنفيذية، وفي هذا الإطار لا بد من التأكيد على أن دستور 2011 أقر الاستقلال المالي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بشكل واضح، غير أن هذا الوضوح لم يكن كذلك على مستوى المحاكم، ما جعل الحكومة تستغل عدم الوضوح هذا وأبقت على تبعية المحاكم لها من حيث إدارتها وتمويلها، وهو ما قد يؤدي إلى وجود مخاوف من عدم تأمين الموارد والمعدات والبنيات اللازمة لتوفير خدمة قضائية لائقة بالمتقاضين . وبخصوص المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورغم أن المادة 118 من القانون التنظيمي للمجلس تنص على أن الدولة تضع رهن إشارته العقارات والمنقولات والموارد البشرية والاعتمادات المالية الضرورية إلى حين رصد الميزانية الخاصة به، فإن واقع تنزيل هذه المادة أظهرت العديد من العراقيل، وكمثال على ذلك المقر المرتقب توفيره للمجلس والذي لا يليق مطلقا بهذه المؤسسة الدستورية التي يرأسها جلالة الملك وهو ما كان محل رفض من خلال بيان صادر عن الجمعيات المهنية القضائية بعد وقوفها على البناية غير اللائقة التي تم كراؤها للمجلس بالرباط. كما أن التأخر في توفير وتخصيص ميزانية خاصة بالمجلس وارتباط ذلك بإكراهات قانون المالية وغير ذلك من هذه الأمور التقنية، قد يؤدي إلى التأثير سلبا في أدائه والقيام بأدواره الدستورية لمدة طويلة . < ارتباطا بالقوانين التنظيمية، أعلنتم بصفتكم رئيسا للمرصد الوطني لاستقلال السلطة القضائية الذي هو جمعية مدنية عن جمع عام أمس (الجمعة)، هل الأمر له ارتباط بمستجد معين؟ < الدعوة إلى جمع عام للمرصد الوطني لاستقلال السلطة القضائية، الذي هو جمعية مدنية كما أشرتم، تتألف من قضاة وغيرهم تم تأسيسه سنة 2013 وشرفت بانتخابي رئيسا له وكان الهدف من وراء هذه الجمعية هو ضمان إشراك غيرهم في مناقشة الشأن القضائي بشكل مباشر بين القضاة وغير القضاة وذلك لتجاوز مشاكل سوء الفهم الناجمة عن النقاش المنغلق الخاص بكل فئة، بحكم أن القضاء هو شأن يهم المجتمع كله وليس فئة القضاة وحدهم وفعلا قمنا بعدة نشاطات كانت فاعلة وخاصة حول طريقة تنزيل الدستور في باب استقلال السلطة القضائية، وربما هذا الأمر لم يرق للمسؤولين بوزارة العدل وبالبرلمان بإيعاز منها وقاموا بغلق هذه النافذة التي كان يطل منها القضاة على المجتمع المدني بشكل مباشر في خرق سافر للحق الدستوري ولظهير 1958 المتعلق بتأسيس الجمعيات، ورغم أن عدة تقارير وبيانات صادرة عن المجتمع الحقوقي نبهت إلى هذا الأمر إبان إقرار التشريع إلى أن وزارة العدل والبرلمان ولاحقا المجلس الدستوري لم يعيروا اهتماما لكل ذلك وتم منع القضاة من تأسيس وتسيير جمعيات غير مهنية وبالتالي فإن الوضعية الآن كما نبهنا عدة مرات نتج عنها حرمان القضاة من ممارسة حق تأسيس الجمعيات كيف ما كان نوعها ولو كانت رياضية وثقافية وغيرهما، وهو ضرب لحق من حقوق المواطنة ويسيء بشكل مجاني إلى بلدنا في مجال الحقوق والحريات. طبعا نحن سجلنا مواقفنا في هذا الإطار للتاريخ وسنظل ثابتين عليه إلى أن يتغير هذا المقتضى، ولكن بما أننا قانونون ونحترم القوانين لا بد لنا وأن نذعن لتطبيقها وبالتالي فإننا قمنا بالدعوة إلى عقد جمع عام قصد ملاءمة القانون الأساسي للمرصد مع القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة وانتخاب أجهزة جديدة على ضوء ذلك، لأن المكتب الحالي يتضمن قضاة وغير قضاة وتماشيا مع القانون فإن القضاة لم يعد بإمكانهم الاستمرار في التسيير. < بعيدا عن القوانين التنظيمية للسلطة القضائية، ما تعليقكم على نتائج انتخابات السابع من اكتوبر 2016؟ < أعتقد أنه من ناحية العملية الانتخابية برمتها فإن بلدنا بقيادة جلالة الملك كسب رهان محطة ديمقراطية جديدة رغم ما يمكن أن يقال عن نسبة المشاركة من قبل المتخصصين في الميدان . < طرحتم أخيرا نقاشا على مستوى الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي للقضاة يرتبط بمشاركة القضاة في الانتخابات التشريعية ؟ < نعم هذا النقاش تمت إثارته لمناسبة انتخابات السابع من اكتوبر الأخيرة وهو مرتبط بأحقية القضاة بالمشاركة في الانتخابات النيابية والإسهام في تدبير الشأن العام الوطني والمحلي كمنتخب، لأن مشاركته ناخبا مسألة مسموح بها قانونا ولا تطرح أي مشكل، وقد اعتمدنا في تدعيم رؤيتنا لحق القضاة في المشاركة في الانتخابات النيابية على مجموعة من المبررات التي نتمنى أن يفتح نقاش جدي حولها يفضي إلى إقرار هذا الحق، وهذه المبررات هي أولا أن الأمر له علاقة بحق من حقوق القضاة الأساسية مواطنين أولا وقبل كل شيء واستفادة المؤسسات الوطنية ومنها البرلمان من خبرات وكفاءات قانونية سوف تسهم من دون شك في تجويد العمل التشريعي من خلال نقل تجربتهم العملية إلى مجال التشريع ثانيا، كما أن التجارب المقارنة المتقدمة التي آمنت بحق القضاة في الترشيح لمناصب التمثيل النيابي استفادت من فعالية عمل القضاة في المؤسسات النيابية وهناك عدة تجارب على المستــــــــــــوى الأوربـــــــــــــــــــي خصوصا لا يسع المجال لذكرها . < لكن ألا يفقد القاضي وهو يشارك في الانتخابات استقلاله وحياده؟ < أعتقد ألا علاقة لموضوع ترشح القضاة بمسألة الاستقلالية لأن هذه الأخيرة وما يرتبط بها من مبادئ أخرى كالحياد وغيره إنما تهم الممارسة الفعلية للقضاء أي عندما يحكم القاضي في ملف أو قضية معينة يجب أن يكون مستقلا في قراره ومحايدا في عمله لا يحابي أحدا من طرفي الدعوى، وإذا لم يفعل فإنه يتعرض للمساءلة القانونية وهو أمر شبيه بكل من يتولى وظيفة عامة، فإذا تم مثلا استغلال مركزه أو وظيفته أو قام بتبديد المال العام المتعلق بهذه الوظيفة فإنه يتعرض للمسؤولية القانونية والتأديبية، كما تجدر الإشارة إلى أن القاضي إذا ترشح وتمكن من الفوز بثقة الناخبين والولوج إلى البرلمان فإنه لا يمكنه أن يبقى ممارسا للقضاء في المحاكم وإنما سيعتبر في حالة تناف إلى حين انتهاء ولايته النيابية ويعود بعدها إلى وظيفته بشكل عاد. وأشير هنا إلى أن حياد القاضي يجب أن يظهر في عمله وليس في النصوص وكثرة التقييدات على شخص القاضي، كما أنه يجب ألا يغيب عنا في واقعنا المغربي أن هناك قضاة يوجدون أعضاء في الحكومة سواء الحالية، أو الحكومات السابقة وهي سلطة مستقلة أيضا إلى جانب العديد من الوزراء الذين لهم انتماءات سياسية، فما هو إذن الفرق بين الحكومة والبرلمان؟. لماذا يسمح المشرع للقضاة لدخول الحكومة وإداراتها ولا يسمح لهم بالترشح للبرلمان؟، أليس في الأمر تناقض مع المنطق والواقع . كل ما نتمناه اليوم هو فتح هذا النقاش بين القضاة والمختصين للوصول إلى إقرار حق ترشح القضاة للمهام النيابية . سنظل أعضاء في الجمع العام إننا في المرصد الوطني لاستقلال السلطة القضائية، سنستمر في تحقيق الهدف الذي أنشأناه وهو الدفاع عن استقلال القضاء بشراكة مع المجتمع المدن، وأن حرمانا من التسيير والتأسيس لن يكون مانعا من ذلك، حيث إننا سننتخب أعضاء في المكتب المسير من المجتمع المدني ولكننا سنظل أعضاء في الجمع العام كمنخرطين بالوتيرة نفسها، وهنا أشير إلى أنه لولا أن الدستور نص صراحة على حق القضاة في الانضمام إلى الجمعيات لكانوا أجهزوا على هذا الحق أيضا، وأتوقع أن يكون لعمل هذه الجمعيات مستقبل قوي. في سطور - رئيس المرصد الوطني لاستقلال السلطة القضائية سابقا - رئيس نادي قضاة المغرب - قاض بالمحكمة التجارية بالرباط - حاصل على الدكتوراه في العلوم القانونية من كلية الحقوق بالرباط - خريج مؤسسة دار الحديث الحسنية بالرباط - أستاذ زائر بكليات الحقوق بالرباط وسلا

الحرمان من التسيير تضييق على الحريات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فيديو .. ملخص هزيمة الفتح بدبي

أمن فاس يعتقل 20 مبحوثا عنه في يوم واحد

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات