التحالف بين “بيجيدي” و”البام” ممكن

قال عبد اللطيف وهبي، رئيس فرق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب سابقا، إن الحزب يراهن على الفوز في الانتخابات التشريعية المقبلة، مضيفا أن الحزب جاهز لتولي الحكومة. ولم يستبعد القيادي داخل الأصالة والمعاصرة التحالف مع "بيجيدي"، معتبرا أن "كل شيء ممكن، ولا وجود لخط أحمر في السياسة، وإذا تصدرنا الانتخابات سنفتح ذراعنا للجميع من أجل خدمة هذا الوطن"، مضيفا أن "الخطوط الحمراء هي صناعة بنكيران ضد الأصالة والمعاصرة، ولا يمكن أن تكون نموذجاً يقتدى به". وأكد وهبي في حوار لـ"الصباح" أن "لكل انتخابات معطياتها وقصتها"، مشددا على أن العدالة والتنمية لن يتمكن من الحصول على المقاعد نفسها هذه المرة، لأن السياق الذي جاء بالـ"بيجيدي" انتهى. في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، هل ترون أن المنافسة ستقتصر على "بيجيدي" والبام؟ نحن محظوظون لأن البيجيدي وضعنا هدفا لهجماته. أما نحن فمحور اهتمامنا هي مشاكل المجتمع المغربي. فانتقاداتنا ومعارضتنا تجعل المغاربة ينتظرون منا البديل، وهو ما سنقدمه للناخبين أرضية لتعاقد سياسي عند قيادة الحكومة المقبلة. أما البيجيدي، فلهم فراغ إيديولوجي حاد، وأزمة خطاب. ويبقى البام والتهجم عليه أسهل الوسائل التي ينهجها. وهي مسألة إيجابية بالنسبة إلينا، لأننا تمكنا من خلق أزمة فكرية لمن كانوا يعتبرون أنفسهم مهيمنون على الساحة السياسية الوطنية بخطاب غوغائي لا أقل ولا أكثر. وماذا عن اتهام "البام" بالتحكم؟ هم يتهموننا بـ"التحكم"، ونحن نصفهم بـ"الطوفان". لقد اخترعوا مصطلح "التحكم" وسقطوا ضحيته. فكيف يمكن للـ"بيجيدي" أن يتهمنا بالتحكم ونحن في المعارضة، علماً أن الحكومة التي يقودها تشرف على رئاسة الحكومة ووزارة العدل ومختلف الوزارات والمؤسسات. وإذا كانوا حقاً يعانون التحكم الذي يمنعهم من تدبير الشأن العام، فمن الشفافية والشجاعة أن ينسحبوا، لكنهم ألفوا حلاوة السلطة واستمروا فيها تحت شعار مواجهة التحكم غير أنه لأول مرة اكتشفنا ان للتحكم لذة وحلاوة خاصة لدى من يدعي انه ضحيته. انها مازوشية سياسية غريبة. كيف يستعد الحزب للانتخابات وماذا يتوقع؟ كجميع الأحزاب، اخترنا مرشحين ومرشحات أكفاء وتم التنسيق معهم بخصوص الحملة الانتخابية للحزب في كل جهة على حدة وفق الإمكانيات المتاحة. سيحتل حتماً حزب الأصالة والمعاصرة الرتبة الأولى. أي ليس لنا خيار: إما أن نكون أو لا نكون، سنحصل على مقاعد أكبر من الحزب المنافس، وسنكون الحزب الأول في هذه الانتخابات. وماذا عن العدالة والتنمية انتخابيا؟ العدالة والتنمية لن يتمكن من الحصول على المقاعد نفسها هذه المرة، فانتخابات 2011 ليست هي انتخابات 2016. والسياق الذي جاء بالـ"بيجيدي" في مرحلة اتسمت بضعف باقي الأحزاب، فضلاً عن المد الذي الأحزاب الإسلامية في العالم العربي. وهي مرحلة انتهت مع أفول شمس الأحزاب المتسترة وراء الدين في تونس ومصر وليبيا، وحتماً سينتهي أيضا في المغرب لأن مشروع البيجيدي لم يستطع حل المشاكل المطروحة في مجتمعنا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا. قد يصطدم هذا التحليل بواقع فوز "بيجيدي" في الانتخابات الجماعية؟ لكل انتخابات معطياتها وقصتها، قراءتي الخاصة لهذه الانتخابات تؤكد توفقنا الانتخابي في حجم المنتخبين وفي عدد الرئاسات الجماعية والجهوية، واليوم بفضل اختياراتنافنحن مقتنعون بأن طبيعة الأشخاص الذين رشحنا للانتخابات المقبلة، وكذلك بفضل وسائلنا وإستراتيجيتنا سنتمكن من تحقيق نتائج مرضية. نحن كذلك موجودون بالمدن الكبرى، ولنا حضور قوي بالمقارنة مع ما تمثله المدن الصغيرة والبوادي. هم يدعون أنهم اكتسحوا، ونحن أيضا لنا قناعاتنا ومعطياتنا. هم لهم الادعاء، ونحن لنا الواقع، أي الحقيقة. وماذا عن التحالف بين "البام" و"البيجيدي"؟ كل شيء ممكن، ولا وجود لخط أحمر في السياسة، ولن نقصي أحدا. وإذا تصدرنا الانتخابات سنفتح ذراعنا للجميع من أجل خدمة هذا الوطن. وداخل كل حزب هناك أشخاص بعثوا لنا رسائل إيجابية ويمكن العمل معهم، لمصلحة الوطن والمواطن. لكن لدى كل حزب خطوط حمراء على مستوى التحالفات لا يمكن تجاوزها؟ الخطوط الحمراء هي صناعة بنكيران ضد الأصالة والمعاصرة، ولا يمكن أن تكون نموذجاً يقتدى به. وإذا كان بنكيران يراهن على إبادة حزب الأصالة والمعاصرة بهذه السلوكيات، فهذا نوع من الغرور المستفز لن يكون له أي مفعول. بعض التحليلات تقول إن من بين أهداف وجود "البام" هو مواجهة الإسلاميين؟ لنقول بشكل ايجابي إن "البام" جاء من أجل البناء .إنه مشروع سياسي حداثي ديمقراطي من أجل المساهمة في التطور السياسي للعملية الديمقراطية في المغرب وليس لمواجهة أي كان إلا ما كان من تنافس فكري وسياسي طبيعي يكون فيه صندوق الاقتراع هو الحكم . إذا تمكن البام من احتلال الرتبة الأولى هل هناك توجه إلى تخفيض عدد الوزارات؟ هذه مسألة مرتبطة برئيس الحكومة. ولا تثير اهتمامي أصلا. وإذا كان الأمر مرتبطاً بأجر وزير فليس هذا الأجر هو الذي سيحل المشاكل المالية التي يعانيها البلد. والبرنامج الحكومي هو الذي سيحدد لنا عددالوزارات وهيكلة الحكومة وليس العكس. نحن في الساعات الأخيرة من عمر حكومة بنكيران، ومجموعة من مشاريع القوانين التنظيمية لم تر النور. ما هو تعليقك؟ مشكلة هذه القوانين، أنها أتت في الوقت الميت، حيث أغلب النواب في مجلس النواب، شرعوا في الإعداد للانتخابات التشريعية المقبلة. كما أنها تهم ملفات وقضايا كبرى ذات حساسية خاصة، تتطلب نقاشاً مجتمعيا وطنياً موسعاً، وليس فقط نقاشاً قانونيا مبسترا. فقانون ترسيم الأمازيغية يتطلب زمنا تشريعيا كافيا من النقاش البرلماني، المتفاعل مع النقاش المجتمعي، إذا ما نحن أردنا قانوناً في المستوى المرجو. الموضوع بالغ الأهمية وجزء من هويتنا الوطنية، وهو ما يتطلب نقاشاَ بين مختلف القوى السياسية والمجتمعية، نقاشه في الرمق الأخير من عمر البرلمان، لأننا نرفض أن تأتي تلك القوانين لتهديد الوحدة المجتمعية لبلادنا. القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للثقافة واللغات، من المفترض أن يقوم بالتنسيق والتوازن بين مختلف اللغات الوطنية، لكن الحكومة تعاملت بنوع من الاستهتار مع هذا الملف المهم جداً، الذي يهم هويتنا الثقافية واللغوية ككل. مشروع القانون التنظيمي الخاص بالإضراب أيضا، له طابع خاص، ويهم أساسا النقابات وممثلي القوى المهنية في مجلس المستشارين. هل هذا يعني أننا سنكون أمام خرق دستوري؟ معنويا وسياسيا كان يجب الالتزام بالآجال الدستورية لأننا في ولاية تأسيسية. طبعا الفصل الدستوري لا ينص على أية مساءلة، إذا لم تتمكن الحكومة من تمرير هذه القوانين في هذه الولاية، ولا يترتب عن ذلك أي جزاء. ولذلك، قلنا إنه إذا لم تتمكن الحكومة الحالية من تمرير هذه النصوص خلال هذه الولاية، فيمكن تركها إلى الولاية الحكومية المقبلة، لأنها تتطلب نقاشاً واسعاً، خصوصاً موضوع ترسيم الأمازيغية، الذي لا يمكن إصدار قانون بهذا الثقل دون موافقة قوى المجتمع المدني والمهتمين. العديد من المراقبين يرون أن الولاية الحكومية عرفت حصيلة مهمة على مستوى القوانين؟ الحكومة ملزمة بذلك، وهذه الوفرة في القوانين منصوص عليها دستوريا. ونحن لما تموقعنا في المعارضة منذ 2011، لم نختر العرقلة البرلمانية، فكنا نناقش بحدة، ونصوت، لكن لا نعرقل صدور القوانين. لأن المؤسسة التشريعية دورها هو حل المشاكل وليس تعقيد المسطرة التشريعية. كنا نعدل ونقترح وفق المعقول، وساهمنا في المصادقة بالإجماع على جل النصوص القانونية، لكن أن يتم اعتبار ذلك نوعا من الضعف أو نوعا من الاستبلاد السياسي، من خلال برمجة نصوص قانونية في الرمق الأخير من عمر هذا البرلمان، فهذا أمر لا يمكن قبوله. كيف كان تجاوب الحكومة مع الدور التشريعي والرقابي للمعارضة؟ إن النقاش والمساءلة في البرلمان أفسدهما بشكل كبير رئيس الحكومة. كان يدفع المعارضة في كثير من الأحيان إلى ردود أفعال غاضبة. كما أن اللغة التي استعملها بنكيران أساءت كثيراً إلى دوره رئيسا للحكومة ومؤسسة دستورية، وإلى النقاش البرلماني والخطاب السياسي، حتى وصل الأمر به إلى بعض الإيحاءات غير الأخلاقية والإهانات والأوصاف القدحية. نعم يمكن لي أن أقول إن بنكيران أخلف موعده مع اللحظة الدستورية التي كان يجب تثمينها بأخلاق عالية عند محاورة الآخر وخلق خطاب سياسي متميز، وهذا ما فشل فيه بامتياز. وماذا عن الجلسات البرلمانية الشهرية لرئيس الحكومة؟ هذه الجلسات كانت تمر تحت عنوان عريض اسمه الفشل. ولأن الأمر كذلك، فقد انسحبنا منها لما كنت رئيساً لفريق الحزب في مجلس النواب وذلك رفقة الراحل أحمد الزايدي، لمدة شهرين، حتى نعطيه درساً. نعم الجلسات الشهرية كانت فاشلة، لأن رئيس الحكومة لم يدع المجال لنقاش حقيقي يهم قضايا الوطن والمواطنين، بل كل ما كان يهمه هو الفرجة حتى صارت قبة البرلمان فضاء لتبادل الاتهامات فقط، وللتهريج الذي كان فيه بنكيران "البطل" رقم واحد. لكنكم سبق وأن تحدثتم عن مجموعة من نقط قوته؟ شخص ذكي لا يمرر الأشياء بالمجان، وحين يحضر البرلمان يعرف جيداً ما يود الوصول إليه، غير ان حساباته صغيرة جدا. إنه يفضل انتصارات وهمية من خلال استعمال كلمات قدحية لا تليق لا بالمقال ولا بالمقام. وبحكم أنه رئيس الحكومة وبحكم طبيعة التوزيع الزمني عند ادارة هذه الجلسات وكذلك الحجم العددي لنواب أغلبيته وبذلك يهيمن على سير النقاش في الجلسات الشهرية، ويستعمل مصطلحات وعبارات غير لائقة . هل تقومون ببعض النقد الذاتي لأدائكم السياسي داخل الحزب؟ النقد الذاتي ضروري للغاية، ولا يمكن من دونه التطور في العمل السياسي. فليس كل ما فعلناه كان صحيحاً، وليس كل ما لم نفعله كان خاطئاً. فالحزب ما زال في حاجه إلى تحصين الواجهة الفكرية، وأن تلعب المؤسسات التنظيمية دوراً أكبر، كما أن الحزب مطالب أن يبتعد ما أمكن عن بعض تصورات الإيديولوجية المثالية ليقترب أكثر من اتجاه إعمال الواقعية والبراغماتية في المواقف. من الطبيعي أن تكون لنا بعض النقائص، لكن ما حققناه خلال خمس سنوات إيجابي جدا. لجان حكومية خارج القانون القانون المتعلق بالتعليم والمحال على المجلس الأعلى للتعليم، بدوره له حساسية خاصة وسيرهن العملية التعليمة بالمغرب لثلاثين سنة، ولا يمكن تمريره في الشهر الأخير من ولاية الحكومة. كان ينبغي أن يمر عبر المجلس الوزاري، وأن يحال على البرلمان لفترة كافية. وفي هذا الصدد، فقد سبق أن أصدر رئيس الحكومة مرسوماً، حول تكوين لجنة من الوزراء لإعداد هذا القانون الإطار، وهو المرسوم الذي لم يُنشر، كما لم يتم تشكيل تلك اللجنة، ولم تتم استشارتها. والأخطر من ذلك، أن اللجنة التي شكلها رئيس الحكومة خارج المرسوم، لوضع هذا القانون أدرج ضمن أعضائها المجلس الأعلى للتربية والتكوين، الذي يعد مؤسسة خارج العمل الحكومي، ومستقلة دستوريا عنه. شخصنة المعارضة شخصنة المعارضة في حزب الأصالة والمعاصرة، يأتي لأن هناك جهات في المعارضة كانت تضع رجلا معنا وأخرى مع الأغلبية، وكانت تنتظر الفرصة للعودة إلى الحكومة. أما التجمع الوطني للأحرار فلم يستطع أن يكون حزبا معارضاً، وكذلك الاتحاد الاشتراكي كانت له مشاكل داخلية أهدرت كثيرا من طاقاته وظل متردداً. في حين نحن في "البام" مند اللحظات الأولى اتخذنا قرارا حاسماً في عدم الخوض في أي تحالف مع العدالة والتنمية في تلك المرحلة، وهو ما أعطانا تلك القوة في المعارضة. نحن لا نتحالف من موقع الضعف، بل من موقع القوة. ينبغي أن نعترف أن حزبنا ظل يشكل بالنسبة إلى بنكيران تحدياً كبيراً لا يمكن إلغاؤه، وفعلا كان حدسه صحيحا. وهذا لا يحتاج إلى ذكاء مفرط. ولهذا السبب لم يكن يتوجه إليه إلا عندما يريد شتمه، غير أنه فشل في تهميشه، في الوقت الذي استطاع إلغاء الأحزاب الأخرى. وتلك مشكلتها وحقيقة مفهوم الديمقراطية عند بنكيران أي إلغاء الأخر. ضعف الدبلوماسية الموازية الدبلوماسية الموازية هي من المحدثات، ولا وجود لها في الدستور. ويقوم بها البرلمان، لأن رئيسه يقوم ببعض المهام الخارجية بتكليف من الملك. كما يقوم النواب ببعض المهام للدفاع عن مصالح بلدنا. فالملك باعتباره رئيس الدولة هو المشرف الأول على السياسة الخارجية، لكن يجب أن تكون بجانبه وزارة خارجية قوية. بيد أن عمل هذه الوزارة ضعيف، فإما يشرف عليها سياسي فاشل، تمت إقالته في نصف الولاية، وإما تقني إلى درجة الإحباط يخلط بين ما هو سياسي وما هو تقني. هناك أزمة حقيقية على مستوى هذه الوزارة، حيث ينبغي إعادة النظر في الجهاز الدبلوماسي برمته، والذي يشرف عليه حالياً وزيران سياسيان فاشلان ووزير تقني معين حديثاً دون أي فاعلية تُذكر. أجرى الحوار: إحسان الحافظي

التحالف بين “بيجيدي” و”البام” ممكن

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بعثة الفتح تستنفر السلطات الجزائرية

حجوي: باتنة ضحية وكلاء

مقالات ذات صلة