تقرير: الدولة طوعت حقوق الإنسان وفق حساباتها

المركز المغربي أكد أن استمرار ممارسات القمع وحالات التعذيب تشوش على التزامات المغرب رسم المركز المغربي لحقوق الإنسان صورة شبه قاتمة حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب 2015، مؤكدا أنها اتسمت بحالة من التجاذب والتنافر بين مسار يسعى إلى الاستمرار على طريق تطوير منظومة حقوق الإنسان، ومسار يطبعه اشتداد منهج التضييق في حق بعض الخصوم السياسيين والحقوقيين، والنزوح نحو السلوك القمعي تجاه بعض الاحتجاجات. ولاحظ المركز، في تقريره السنوي، أن الدولة المغربية طغت عليها حالة من التشنج إزاء تقارير صادرة عن بعض الهيآت الوطنية، أو الدولية، أرخت بظلالها على المشهد العام لحقوق الإنسان، موضحا أن الانخراط المبدئي في مسار التحول الديمقراطي وتكريس حقوق الإنسان، لم يحد من مظاهر التذمر والإحباط لدى المتتبعين والمراقبين المستقلين من السلوكات التحكمية والتسلطية والخطاب المتشنج لوزارة الداخلية.وأبرز المركز أن السنة موضوع التقرير شهدت ممارسات صادرة عن ممثلي السلطة كرست الأسلوب القمعي في الكثير من الحالات، وارتقى بعضها إلى جرائم تعذيب، وإن اقترفت بشكل منعزل، فقد شملت مختلف المناطق، وبوتيرة متصاعدة، إضافة إلى تضييق ممنهج، طال مدافعين عن حقوق الإنسان وناشطين إعلاميين، منه ما اتخذ طابعا ناعما، كالإغراءات والضغوطات المعنوية، ومنه ما اتخذ طابعا قاسيا، كالمتابعات القضائية بتهم تدخل في نطاق الحق العام، وفي بعض الحالات، تعنيفهم خلال وجودهم في بعض الوقفات، أو المسيرات الاحتجاجية.وفسر المركز استمرار هذه التجاوزات بوجود "عقبات بنيوية تعترض سبيل تطوير المنظومة، "مؤكدا أن بعض المسؤولين النافذين، يشتغلون بمعزل عن منحى الانفتاح على الديمقراطية وحقوق الإنسان، بل يبدو وكأنهم ينظرون بعين الريبة والتذمر، ما يعبر عن انزعاج من ثمن هذا المنحى، وبالتالي يبررون لأنفسهم ارتكاب تجاوزات، ضاربين عرض الحائط الالتزامات الدستورية للدولة.ويرجع السبب المباشر في ذلك، حسب التقرير نفسه، إلى عاملين أساسيين: أولهما ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب، وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة، وهي ظاهرة تمس مبدأ سيادة القانون، وثانيهما، غياب آلية وطنية فعالة للوقاية من التعذيب، وهي آلية التزم المغرب بإحداثها، لكنها لم تر النور بعد، ما يشكل فراغا مؤسساتيا وقانونيا خطيرا، يوفر فرصة لارتكاب جرائم التعذيب دون رادع فعال. وقال المركز إن استحواذ الهاجس الأمني على تفكير الدوائر الأمنية ورجال السلطة، لاعتبارات تتعلق بمكافحة ظاهرة الإرهاب، أو التصدي لما من شأنه زعزعة الأمن الداخلي، لا يعطي لرجال السلطة والمكلفين بتنفيذ القانون الحق بعدم احترام مبادئ حقوق الإنسان، ومراعاة كرامة المواطن، وحقه في العيش الكريم وفي العدالة الاجتماعية، خلال قيامهم بواجباتهم.وخلص التقرير إلى أن الدولة سعت، خلال 2015، إلى احتكار مسار تطوير حقوق الإنسان من منظورها ووفق حساباتها، في حدود ضرورات تأمين وتحصين وضعيتها، وما يناسب سياسة ووتيرة الإصلاحات الممكنة، دون أن يعكس بالضرورة ما يتطلع إليه نشطاء حقوق الإنسان المستقلون.وهذه المقاربة، من وجهة نظر المركز، من شأنها أن تعاكس السياق السليم الذي تفرضه مستلزمات الدمقرطة، لأنه يفتقد إلى نواة الديمقراطية في تدبير دفة الحكم، القائمة على تأمين توازن بناء بين سلطة الدولة ومسؤولية المجتمع المدني في المراقبة والتقييم، بما يؤمن تدبيرا ديمقراطيا لدفة الحكم، بعيدا عن التسلط والتحكم، حتى لا يبقى الشعب المغربي رهين تواطؤ السلط، الذي يشكل الحاضن الأساسي للفساد والاستبداد، ومصدر الانتهاكات الواسعة والجسيمة لحقوق الإنسان.يوسف الساكت

تقرير: الدولة طوعت حقوق الإنسان وفق حساباتها

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الوفا يقر بارتفاع الأسعار مطلع رمضان

مسؤوليتنا كبرت بعد التتويج

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات