صراعات “الجهاد” و”العنف الثوري”

الجامعة تحولت من فضاء للتحصيل العلمي والمعرفي إلى مسرح للاقتتال من أجل الهيمنة أكد حميد بها الناشط الجمعوي، وأحد أطر الحركة الطلابية، والمسؤول الوطني السابق لفصيل الطلبة الديمقراطيين خلال نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، أن الفضاء الجامعي لم يعد فضاء للتحصيل العلمي والمعرفي، بل أصبح مسرحا لتصفية الحسابات السياسية والإيديولوجية عبر الاقتتال الفعلي بين التيارات الطلابية من أجل بسط الهيمنة. وأوضح المسؤول الطلابي السابق في أحد أهم الفصائل الطلابية اليسارية، أن تبادل العنف والاقتتال أضحى أمرا اعتياديا ومألوفا في الساحة الجامعية، لدرجة أن التيارات المتصارعة لم تعد تجد حرجا في تسويغ مشروعيته، وتجعل له حضورا ضمن منطلقاتها الإيديولوجية، تحت مسميات "الجهاد" و"العنف الثوري.وأكد بها في حوار مع "الصباح"، أن أجواء الأزمة وفوضى التنظيم التي أبانت عنها ظروف المؤتمرين 16 و 17 للمنظمة النقابية للطلبة وفشل المؤتمر الأخير في إتمام أشغاله، وفرز قيادة جديدة، عمق الشرخ والعداء تجاه الفصائل التاريخية داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وصولا إلى شطب وجودها تقريبا داخل الساحة الجامعية، ليكشف أن إعادة هيكلة المنظمة أصبحت، منذ ذلك التاريخ تحت طائلة الحظر الذاتي إلى أجل غير مسمى .وعاد الناشط الطلابي السابق، وهو يتحدث عن التأريخ لممارسة العنف في الوسط الجامعي، للحديث عن الأزمة النقابية، بعد فرض الحظر العملي على الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، إذ سيتم إنزال جهاز "الأواكس" بالجامعة سنة 1981، بعد سنة على تسجيل أول المناوشات بين مجموعة من الطلبة الإسلاميين، وبين بعض الفصائل اليسارية لمناسبة ترخيص إدارة الحي الجامعي بفاس لهؤلاء بتنظيم معرض الكتاب بمصحة الحي، قبالة مدخل الحي الجامعي، ما يفيد أن الإدارة كانت نشطة منذئذ في اختلاق أسباب التوتر داخل الحرم الجامعي. وقال بها إن واقعة شيماء ليست الأولى في كرونولوجيا العنف، فقد سبقتها جرائم قتل ذهب ضحيتها طلاب ومواطنون، مشيرا إلى مسؤولية الدولة أيضا في انتشار ثقافة العنف في الوسط الطلابي، ذلك أن تملص الدولة عنوة من المسؤولية تجاه الأمن بمحيط الجامعات والأحياء الجامعية، سيستدرج الفصائل الطلابية إلى تكليف أعضائها بمهمة حفظه داخل المحارم الجامعية.وأكد الناشط الجمعوي، والمسؤول الطلابي في فصيل الطلبة الديمقراطيين بفاس، خلال الثمانينات، أن تلك الممارسة كانت البداية التي تولدت عنها انفلاتات، بدأت بتنصيب طلبة أنفسهم شرطة للأخلاق رقباء على علاقات زميلاتهم الطالبات، وأصحاب حق في مطاردة السيارات داخل الحي، وفحص هويات زوار الجامعة خاصة في الليل، والاعتداء على "الغرباء"، وإخضاعهم لمحاكمات ميدانية.وأوضح بها أنه في غياب دور الدولة في تأمين محيط الجامعة من الاعتداءات التي كان يتعرض لها الطلبة، وتولي الفصائل بنفسها مسؤولية ذلك، عبر ما سمي بلجان اليقظة، فإن من نتائج ذلك، أن تم تأجيج التوتر والعنف المتبادل بين الجامعة ومحيطها، من جهة، وبين الطلاب أنفسهم تحت يافطات تيارات متصارعة تارة أخرى مع مرور الوقت.وأكد بها أن إثارة مسؤولية الدولة، ليست من قبيل محاولة تهريب المسؤولية الجنائية في مثل هذه الجرائم، إذ من المرجح أولا أن الوضع الجامعي شهد ويشهد اختراقات أمنية كثيفة، الأمر الذي يطرح التساؤل عن درجة المسؤولية في تأجيج وتوجيه مثل هذه الأحداث بالجامعة، أو عدم استباقها على الأقل والوقاية منها. ضحايا العنف الطلابي قال الناشط الجمعوي حميد بها، إنه لا يمكن أن ينسى حالة الطالبة زبيدة خليفة التي قتلت في 1990 إثر اختراق رصاصة جمجمتها بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، بعدما كانت تلميذة عنده بقسم الباكلوريا 1989.بعد عام من ذلك، ستشهد الجامعة سقوط أول ضحية في مواجهات بين الإسلاميين واليساريين في 1991، وهو المعطي بوملي، الذي عثر على جثته مشوهة.وفي 1993، سيلقى طالب آخر مصرعه بالحرم الجامعي بظهر المهراز، ويتعلق الأمر بمحمد بنعيسى أيت الجيد المنتمي إلى فصيل الطلبة القاعديين، وهي الجريمة التي حوكم بسببها عبد العالي حامي الدين، برلماني العدالة والتنمية، وأمضى عقوبته لمدة عامين بسجن حي عين قادوس بفاس، ما بين فبراير 1993، وفبراير 1995 حيث غادر السجن، بعد قضاء عقوبته، ثم محاكمة متهم آخر في 2006 وهو عمر محب، المحسوب على العدل والإحسان، الذي ما يزال يواصل قضاء محكوميته ومدتها 10 سنوات سجنا من أجل القتل العمد، وليس مجرد عامين لـ"المشاركة في مشاجرة نتجت عنها وفاة" ، وهو ما يمثل شاهدا على أن الإسلاميين بفصيليهما الأساسيين يمثلون طرفا كامل المسؤولية في جرائم القتل وثقافة المواجهات العنفية الرائجة في كثير من الساحات الجامعية.وأخيرا وفاة الطالب الحسناوي المنتمي إلى فصيل "منظمة التجديد الطلابي"، المحسوب على الإسلاميين، والتي تبعتها وفاة الطالب مصطفى المزياني، الذي ينتمي إلى فصيل الطلبة القاعديين، متأثرا بإضرابه لمدة 72 يوما عن الطعام داخل السجن بعد اعتقاله للاشتباه في مشاركته في قتل الطالب عبد الرحيم الحسناوي. برحو بوزياني

صراعات “الجهاد” و”العنف الثوري”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الداودي: أطراف سياسية ربت ومولت المتطرفين

الفصائل تتبادل أدوار بطولة الدم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات