إفلاس الأندية… أزمة تمويل أم تدبير؟

مشاكل التسيير وغياب المراقبة وضعف الدعم وتقاعس الخواص أهم الأسبابتعاني أغلب الأندية المغربية مشاكل مالية، بلغت درجة الإفلاس بالنسبة إلى عدد منها، بما في ذلك الأندية الكبرى ، في ظل تزايد حجم الإنفاق، الذي فاق العائدات.وينتظر أن تزيد هذه الاختلالات في السنوات المقبلة، خصوصا بعد فرض الضرائب بداية من السنة المقبلة، ذلك أن أغلب الأندية مرتبطة بعقود مع لاعبين ومدربين رغم عدم توفرها على عائدات تسعفها على أداء قيمة تلك العقود. تسيير هاومازال تدبير الأندية المغربية يتم بطرق هاوية وعشوائية، إذ أن كل ناد يدبر شؤونه، دون أن يكون له تصور عن الميزانية التوقعية أو الميزانية المرتقبة لكل موسم كروي، ما يتسبب في توريط النادي في مصاريف أكبر من المداخيل.ويسقط أغلب الرؤساء في أخطاء من قبيل الرضوخ لضغوط الجمهور، خصوصا بعد تزايد نفود ”الإلترات”، و محاولة إرضاء هذا الجمهور بالقيام بانتدابات كبيرة، دون الأخذ بعين الاعتبار إمكانات النادي، وهذا ينتج عنه عجز في الميزانية يتفاقم سنة بعد أخرى، حتى ينفجر الوضع.ولا تلائم أغلب الأندية إستراتيجياتها وأهدافها مع حجم مواردها المالية، بل إن كل الأندية إما تنافس على اللقب أو تصارع على تفادى النزول، دون أن يكون هناك فريق يريد تأهيل نفسه أو يستثمر في التكوين.غياب الاستثمار في التكوين يعوضه تهافت كبير على شراء اللاعبين، الأمر الذي يستنزف ميزانية الأندية ويزيد في تفقيرها.وحاول المشرع في القانون الجديد للتربية البدنية والرياضة 30-09 إيجاد حلول لتطوير أداء الأندية، بتحويلها إلى شركات خاضعة لمعايير التسيير العصري والعلمي، لكن ذلك يتطلب مزيدا من الوقت. العقود فضحت الرؤساءساهمت عقود اللاعبين والمدربين وإحداث لجنة جامعية تفرض احترامها، وفقا لقانون اللاعب، في حجم المتاعب المالية لأغلب الأندية الوطنية، التي وجدت نفسها مضطرة إلى الوفاء بالتزاماتها المالية، سواء بطريقة تلقائية، أو عن طريق الاقتطاع من عائدات النقل التلفزيوني لدى الجامعة.وظلت الأندية الوطنية طيلة السنوات الماضية غير مجبرة على أداء مستحقات لاعبيها ومدربيها، بل إن عددا من الأندية كانت تؤهل ما بين 30 و40 لاعبا في الفريق الأول دون عقود، ودون التقيد بأداء تعويضاتهم، لكن الانتقال إلى مرحلة العقود قلب الأمور رأسا على عقب.وتبت لجنة النزاعات بالجامعة سنويا في ما بين 120 و160 ملفا، تهم شكايات لاعبين ومدربين ضد أنديتهم، يطالبون فيها بمستحقاتهم المالية، وفق العقود الموقعة معها.وتخصم اللجنة المبالغ التي تحكم بها من منحة النادي، بعد استكمال مراحل التقاضي، علما أن بعض الأندية وجدت نفسها محرومة من منحتها السنوية بفعل حجم الاقتطاعات، ضمنها النادي المكناسي والوداد الرياضي والرجاء الرياضي. غياب المراقبةتعيش الأندية حالة من غياب المراقبة والمحاسبة، لطريقة تدبيرها وعملياتها المحاسباتية، في ظل الاختلالات الناجمة عن نظام الانخراط، الذي يمنح المكاتب المسيرة صلاحيات مطلقة في تدبير النادي من جهة، وعدم خضوع الأندية للضوابط المالية والتدقيق اللازم من قبل مصالح الضرائب والمجالس الجهوية للحسابات وأجهزة الجامعة.واستجابت جامعة كرة القدم للأصوات التي ارتفعت في الآونة الأخيرة بشأن مراقبة الأندية، وتفاقم مشاكل أغلب الفرق، فقررت وضع حد لفترة الحياد السلبي التي بدأت منذ تنصيب المكتب المديري الحالي برئاسة فوزي لقجع.وتجمدت مهام مديرية مراقبة الأندية بجامعة كرة القدم في السنتين الماضيتين، رغم توفرها على معطيات بوجود اختلالات كبيرة في الأندية الوطنية.وحاولت الجامعة في السنتين الماضيتين تجنب الدخول في خلافات أو نزاعات مع الأندية، سيما أن أغلبها معني بهذه الاختلالات.وفشل قانون الانخراط في ضمان الرقابة الكافية للمنخرط على أداء المكتب المسير، إذ تحول المنخرطون في عدد كبير من الأندية إما إلى أوراق انتخابية في يد الرئيس، أو إلى وقود مؤجج للصراعات على مناصب التسيير، أكثر من آليات تطوير النادي. دفتر التحملات... حبر على ورقأدى تجميد أنشطة لجنة مراقبة الأندية في السنتين الماضيتين إلى وقف العمل بدفتر التحملات، الذي يتضمن مجموعة من المقتضيات، منها التوفر على ميزانية معينة والوفاء بالالتزامات.وعملت الجامعة السابقة بهذا الدفتر في بعض الفترات رغم تقديم مجموعة من التنازلات والتسهيلات، لكن ذلك توقف في ما بعد، قبل أن يتجدد النقاش في الآونة الأخيرة بعد تزايد مشاكل الأندية.وقررت الجامعة تدارك الموقف، بإعلان عزمها التشدد في احترام دفتر التحملات المنصوص عليه من قبل لجنة مراقبة الأندية في المرحلة المقبلة، إذ تتجه إلى حرمان الأندية، التي تعجز عن الموازنة بين إنفاقها ومواردها، والتي توجد لها ملفات لدى لجنة النزاعات، من إبرام تعاقدات جديدة، كما فعلت جامعة علي الفاسي الفهري قبل ست سنوات، مع فريقي الكوكب المراكشي واتحاد طنجة.وينتظر تطبيق القانون في حق الفرق، التي لا تتوفر على السيولة المالية الكافية لتدبير مصاريف الموسم الرياضي، وذلك بإنزالها إلى القسم الثاني، إضافة إلى إنزال الفريق، الذي لا يتوفر على ملعب رسمي، وذلك احتراما للقانون وضمانا لممارسة كروية سليمة. السلطات العمومية... دعم عشوائي تعتمد الأندية الوطنية في الغالب على منحة المجالس المحلية، لكن هذا الدعم تشوبه مجموعة من الاختلالات، أهمها هزالة المبالغ المقدمة إلى الأندية، وعدم انتظام مواعد صرف هذا الدعم، إضافة إلى أنه غير مرفق بأي دفتر للتحملات أو عقدة للأهداف.وتختلف قيمة دعم المجالس المنتخبة من فريق إلى آخرـ ما يؤدي إلى غياب تكافؤ الفرص بين الأندية، كما تتحكم فيه في الغالب الحسابات الانتخابية والسياسية.وظهر توجه لدى جامعة كرة القدم في عهد الجنرال حسني بنسليمان نحو توحيد منح الجماعات المحلية، وإخضاعه لسلم خاص، لضمان تكافؤ الفرص بين الأندية وتفادي ربطه بالحسابات السياسية، لكنه لم يظهر على أرض الواقع. دعم الجامعة... "المال السايب"تدعم جامعة كرة القدم الأندية الوطنية بمنح سنوية تقدر ب 600 مليون سنتيم لكل ناد بالقسم الأول في إطار توزيع عائدات النقل التلفزيوني والاحتضان، لكنه لا يخضع لأي مراقبة أو دفتر التحملات.وإضافة إلى المنح السنوية القارة، رفعت جامعة كرة القدم جوائز الأندية المتفوقة، كما قررت تخصيص منح لكل ناد يتوفر على مركز مؤهل للتكوين، ومنح أخرى للأندية المشارك في عصبة الأبطال الإفريقية وكأس الكونفدرالية الإفريقية.وخصصت الجامعة للأندية المشاركة في دوري أبطال إفريقيا 500 مليون سنتيم للظفر باللقب، و320 مليون سنتيم للفريق المتأهل إلى نهائي المسابقة ذاتها، و200 مليون سنتيم للمتأهل إلى نصف النهائي، و100 مليون سنتيم للأندية التي ستبلغ دور المجموعتين.وبالنسبة إلى الأندية المغربية المشاركة في كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، حددت الجامعة 250 مليون سنتيم للمتوج باللقب، و160 مليون للفريق الذي سيلعب المباراة النهائية، و100 مليون سنتيم للمتأهل إلى نصف النهاية، و50 مليون سنتيم للفريق الذين سيبلغ دور المجموعتين.ورصدت الجامعة منحة خاصة قيمتها 200 مليون سنتيم، للفريق المغربي المتوج بالكأس الممتاز، التي تجمع بين الفائز بدوري الأبطال والفائز بكأس «الكاف».وتتحمل الجامعة مصاريف تنقل هذه الأندية في رحلاتها الإفريقية. القطاع الخاص... غياب الحوافزتعجز الأندية الوطنية عن إيجاد مصادر تمويل أخرى غير منح الجامعة ودعم السلطات العمومية، لعدة أسباب منها تخوف المستثمرين الخواص من الاستثمار في الرياضة لغياب ضمانات وامتيازات كافية، ليقتصر التعامل مع القطاع الخاص على توقيع بعض عقود الإشهار.وتستفيد أندية معدودة من دعم القطاع الخاص في إطار عقود الإشهار، ذلك إن أغلب الشركات تفضل التعامل مع الأندية ذات القاعدة الجماهيرية الكبيرة، قبل أن يتأثر ذلك بالمشاكل المرتبطة بالشغب وأزمات التسيير والصراعات التي تعانها هذه الأندية.وعانى المستثمرون الخواص من مشاكل في أغلب التجارب، رغم تزاد مساحات النقل التلفزيوني للمباريات، بالنظر إلى مشاكل هذه الأندية وسوء تسويق صورتها.وتستفيد أندية معدودة من عقود احتضان موقعة مع المكتب الشريف للفوسفاط على غرار أولمبيك خريبكة والدفاع الجديدي وأولمبيك آسفي، أو مع مؤسسات اقتصادية كبرى كالفتح الرياضي مع صندوق الإيداع والتدبير.ولم تعد السلطات العمومية خصوصا العمال والولاة في عدد كبير من المدن والأقاليم والجهات يمارسون صلاحياتهم التي منحها لهم القانون، والمتمثلة في التوسط ومساعدة الفرق الرياضية على الاستفادة من مصادر للتمويل. وينتظر أن يساهم تحويل الأندية إلى شركات في المستقبل في تشجيع المستثمرين الخواص على الاستثمار في الأندية مساهمين لا متعاقدين فقط.إعداد: عبد الإله المتقي

إفلاس الأندية… أزمة تمويل أم تدبير؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تلقيت دعوة من باستيا وفالينسيان

بان كي مون في مرمى نيران الحموشي وباتروشيف

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات