جرائم الأحداث… قتل وشذوذ وسرقة

القاصرون وراء ربع عدد الجنايات والجنح المرتكبة بطنجة تؤكد الأرقام والاحصائيات الرسمية، أن ظاهرة عنف القاصرين بطنجة تعرف تصاعدا مخيفا، وأصبحت تسجل أرقاما تدعو إلى القلق والتأمل، سيما أن بعضها يتعلق بالقتل العمد، الذي غالبا ما تكون دوافعه تافهة، وكذا السرقة والسطو، إما ضمن عصابات متخصصة أو بشكل فردي، بالإضافة إلى انخراطهم في شبكات منظمة لتوزيع المخدرات والأقراص المهلوسة داخل المؤسسات التعليمية.وحسب الأرقام التي حصلت عليها "الصباح"، فإن عدد الجنايات والجنح المرتكبة من قبل الأحداث بطنجة، ارتفعت بشكل ملفت خلال عشر سنوات الأخيرة، وأضحت تتراوح بين 15 و25 في المائة من عدد القضايا المعروضة على محاكم المدينة، وعلى الأخص جرائم السرقة تحت التهديد والاغتصاب والمخدرات، وكذا جرائم القتل، التي أصبحت تمثل أزيد من 10 في المائة من مجموع الجرائم المرتكبة.وكشف مصدر أمني، أن القضايا المحالة على المحاكم من قبل فرقة الأحداث، تشير إلى أن أغلب التهم الموجهة إلى الأطفال المتورطين تتمحور حول الاتجار وحيازة المخدرات واستهلاكها، ثم تكوين عصابات إجرامية تحترف النشل والسرقة واعتراض سبيل النساء والفتيات أو غيرهم من الأطفال باستعمال الأسلحة البيضاء، فجرائم القتل العمد أو الناتج عن الضرب والجرح المفضي للموت، وهي أقل الحالات المسجلة ضمن إحصائيات فرقة الأحداث المذكورة.وتعتبر جريمة "فندق الشجرة"، التي نفذها أخيرا حدث لا يتعدى سنه 14 سنة، من أبشع الجرائم المرتكبة بعاصمة البوغاز، حين قتل شخصا داخل محل لبيع المتلاشيات، قبل أن يقوم بفصل رأسه عن جسده بواسطة آلة التقطيع "الديسكو"، وذلك بعدما ضاق ذرعا بتصرفات، إذ كان يستغله في إشباع شذوذه الجنسي مقابل منحه فرصة المبيت معه في أحد البيوت داخل السوق.وعزا المصدر نفسه ارتفاع نسبة جرائم القاصرين إلى ظاهرة التشرد، التي تعتبر من أخطر الأسباب التي تقود بالأحداث إلى عالم الجريمة، مبرزا أن أغلب القاصرين المتورطين يتم إيقافهم وسط الحدائق العمومية أو في الشوارع والأراضي العارية، بعد انخراطهم في عصابات إجرامية منظمة تستغل وضعيتهم وتعمل على إغرائهم إلى حين سقوطهم في أحضان الجريمة والانحراف.كما أكد المسؤول الأمني، أن نسبة مهمة من القاصرين الجانحين أو الخارجين عن القانون، الذين يتم إيقافهم على خلفية جرائم مختلفة، يتحدرون من أسر تنتمي إلى خانة الفئات الاجتماعية الوسطى، ويدرسون في مختلف الأسلاك التعليمية، من الإعدادي إلى الثانوي، مبرزا أن غالبيتهم يمزجون بين النشاط الدراسي والإجرامي، ويمارسون انحرافهم خارج أوقات الدراسة، إذ يلجأ الكثير منهم إلى السرقة والنشل أو اعتراض سبيل المواطنين تحت التهديد لسلب ما بحوزتهم من هواتف محمولة وحلي وأموال وغيرها... من أجل تلبية حاجياتهم اليومية.ويمكن اعتبار قضية التلاميذ السبعة، الذين تم ضبطهم داخل مخيم مهجور بمنطقة "مالباطا" وسط المدينة، وهم يتدربون على كيفية تنفيذ أعمال إجرامية عن طريق ما يعرف بـ "التشرميل"، من أشهر القضايا التي خلفت حالة من الرعب والهلع في نفوس عدد كبير من المواطنين بالمدينة، سيما أن التلاميذ الموقوفين ضبطوا وهم يرتدون أقنعة وبحوزتهم أسلحة بيضاء، ومسدسان بلاستيكان ومجسمات على شكل قنابل يدوية وستة أقنعة وقفازات، وذلك للتمرس على عمليات السطو على ممتلكات المواطنين عن طريق التهديد والترهيب. ورغم المقاومة الشرسة التي أبداها التلاميذ للإفلات من قبضة عناصر القوات المساعدة، إلا أن هذه الأخيرة، بمؤازرة قائد الملحقة وأعوان السلطة، تمكنوا من إحكام قبضتهم عليهم واقتادوهم جميعا إلى الدائرة الأمنية الثانية، حيث وضعوا تحت الحراسة النظرية إلى حين أن تم تقديمهم أمام القضاء.أما أكثر الجرائم إثارة خلال هذه السنة (فبراير الماضي)، فكانت من تنفيذ قاصر لا يتعدى سنه 17 سنة، الذي قام برفقة شخص آخر بذبح تاجر للمجوهرات بهدف السرقة، وذلك بعد أن هاجمه بداخل محله الكائن بحومة الحداد التابعة للمنطقة الأمنية الثانية لبني مكادة، ووجه له طعنة على العنق، فلفظ الضحية إثرها أنفاسه الأخيرة بمكان الحادث.وخلفت هذه الجريمة ردود فعل غاضبة من قبل سكان المدينة، الذين أطلقوا حملة على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، أسموها بـ "بغينا الأمن في طنجة"، ودعوا من خلالها إلى تنظيم وقفات احتجاجية للتنديد بما آلت إليه الأوضاع الأمنية بالمدينة، نتيجة تنامي مظاهر الاعتداءات المسلحة على المواطنين والسطو على ممتلكاتهم بعدد من الأحياء والشوارع بما فيها الراقية والشعبية.وأضحت الأحداث بطنجة تمثل في السنوات الأخيرة جزءا من التحولات التي شهدتها المدينة، نتيجة تسارع التطور العمراني غير المنظم وتباين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بين السكان، وذلك في غياب أي مقاربة رسمية من الدولة المغربية، أمنيا أو تربويا، لمواجهة تبعات هذه التغيرات وتحصين الصغار أمام أعراضها الخطيرة نفسيا واجتماعيا.المختار الرمشي (طنجة)

جرائم الأحداث… قتل وشذوذ وسرقة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المعجنـات تساعد على النوم

"البابـاي" يغـذي البشـرة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات