أنهى المجلس الدستوري، الجدال الدائر بشأن دستورية النصوص القانونية للسلطة القضائية، بالمصادقة على دستوريتها مع إدخال تعديلات على بعض المواد منها التي كانت مثار نقاش وتحفظ من قبل القضاة. القرار الدستوري، ينتقل بالسلطة القضائية من مرحلة التشريع إلى مرحلة التنفيذ العملي على أرض الواقع.و اختلفت وجهات النظر بشأن قرار المجلس الدستوري، الذي اعتبره البعض انتصارا لوزير العدل والحريات ولسياسة التشريعية التي أشرف عليها، التي كانت مثار انتقاد عدد من الجمعيات المهنية القضائية والمجتمع المدني، وبين آراء اعتبرت أن الأمر يشكل انتصارا لدولة المؤسسات من خلال التأكيد على استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل والحريات، والإقرار بخضوع قضاة النيابة العامة لتعليمات رؤسائهم التسلسليين أثناء ممارسة مهامهم لا يمكن أن يلزمهم إلا إذا كانت في شكل تعليمات كتابية. وتأكيد المجلس الدستوري أن حضور وزير العدل لأشغال المجلس لن يكون إلا في إطار اعتباره من ضمن الشخصيات التي يأخذ المجلس رأيها و يستفسرها في بعض الأمور و بناء على طلب المجلس ذاته ، أو بناء على طلب وزير العدل وموافقة المجلس الأعلى للسلطة القضائية و ليس بصورة تلقائية، ما اعتب بأنه موقف سليم وموافق لروح الدستور . كما أثارت التغييرات التي وقعت على بعض الكلمات في المادة97 من النظام الأساسي للقضاة من خلال اعتبار عبارة "بصفة خاصة" الواردة في الفقرة الثانية من المادة 97 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، وما ورد في البند الأول من الفقرة نفسها من "إخلال القاضي بواجب الاستقلال والتجرد والنزاهة والاستقامة"، وما تضمنه المقطع الثاني من البند التاسع من الفقرة نفسها من "أو الإدلاء بتصريح يكتسي صبغة سياسية"، مخالف للدستور.وتساءلت مصادر "الصباح"، عن الفترة الزمنية التي سيستغرقها التنزيل الفعلي للسلطة القضائية على أرض الواقع، في ظل غياب المراسيم التنفيذية الخاصة بها والتي بدونها لا يمكن الحديث عن السلطة القضائية كما هو الحال بشأن النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وباقي المراسيم، على اعتبار أن الفترة الانتقالية المحددة لدخول لتلك القوانين حيز التطبيق والمتمثلة في ستة أشهر، غير كافية لبلورة تصور إداري ومالي وقانوني واضح للسلطة القضائية المقبلة التي تدار عليها عدة رهانات لأجل مغرب ما بعد دستور 2011، مستغربة في الوقت نفسه كيف يمكن الحديث عن سلطة قضائية وهي لا تتوفر حتى مقر خاص، وعلى ميزانية خاصين بها. ولم تخف الصادر ذاتها تخوفها من أن يتم الالتفاف على الإرادة الملكية في شأن سلطة قضائية حقيقية، بما أسمته "الخروج المشوه لها "، على اعتبار أن التركيز فقط على إصدار قوانين دون مراسيم تطبيقية جعل العديد من المؤسسات الدستورية مجرد حبر على ورق.كريمة مصلي