ابتدائية الرباط…نصب باسم “الشرفا”

متهمة لرئيس الجلسة في كلمتها الأخيرة "كنا تنديرو غير الخير في عباد الله" لا تخلو المحكمة الابتدائية بالرباط، من ملفات معروضة عليها تتعلق بالنصب باسم القصر الملكي، أو الشرفاء العلويين على الصعيد الوطني. بين الفينة والأخرى يسقط مبحوث عنهم في شرك الأمن، يوهمون الضحايا بالتوظيف في قطاعات حكومية مختلفة عن طريق ادعاءاتهم بوجود علاقات لهم بشخصيات سامية، وتنتهي عمليات النصب داخل ردهات المحكمة الابتدائية بالرباط والسجن المحلي بسلا. إنجاز:عبدالحليم لعريبي المكان شارع مدغشقر بحي القبيبات بالرباط، والزمان الثلاثاء الماضي، حيث كانت الساعة تشير إلى الثانية زوالا، فكان الفضوليون والمتتبعون مع موعد ملف استأثر باهتمام الرأي العام المحلي، تورطت فيه شبكة للنصب والاحتيال عن طريق الادعاء للمشتكين أنها على علاقات مع شرفاء علويين، وأوهمتهم بتفويتهم بقعا أرضية بالبيضاء وسلا وبني ملال، وكذا التوظيف بالأمن الوطني والدرك الملكي وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة والسكنى والتعمير والتربية الوطنية والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب والمكتب الوطني للمطارات والمكتب الشريف للفوسفاط، إلى جانب إيهام ضحايا آخرين بالحصول على مأذونيات نقل لسيارات الأجرة "كريمات" وشقق للسكن الاقتصادي ضواحي تمارة. شرع رئيس الجلسة بداية في المناداة على المتهمين الذين تقدم محاموهم بطلبات السراح المؤقت، أو تأجيل الملفات، وبعدما أنهى القاضي الملفات المتعلقة بالدفوعات الشكلية، نادى على امرأتين توجدان منذ شهور رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي بسلا.وقفت المتهمة الأولى وهي ترتدي جلبابا وغطاء رأس أسودين، تعبيرا منها عن حزنها، فيما شريكتها كانت ترتدي جلبابا ورديا وأرادت أن تغطي بدورها وجهها حتى لا تثير الانتباه وسط الحضور، وبعدما منح الرئيس لهما الكلمة في الاتهامات الموجهة إليهما بالنصب باسم الشرفاء العلويين، واجهتا الرئيس بالإنكار في جميع مراحل الاستماع، رغم وجود اعترافات صريحة أمام الضابطة القضائية بالنصب على الراغبين في الحصول على بقع أرضية، أو التوظيف في قطاعات حكومية مختلفة.منح رئيس الجلسة وقتا كافيا إلى دفاع المتهمتين، وشرع المحامي في بسط مجموعة من التناقضات التي حملتها محاضر الأبحاث التمهيدية "والسيد الرئيس موكلتي راها تم النصب عليها من طرف شيباني" في إشارة منه إلى لقب المتهم الرئيسي الذي يتابع أمام غرفة جرائم الأموال بالرباط، في قضايا ترتبط بالارتشاء.الدفاع ظل يصرخ بصوت مرتفع من أن المتهم الرئيسي أسقط المتهمتين المتزوجتين في شباكه، حينما أوهمهما أنه على علاقة بأحد الشرفاء العلويين وباستطاعته أن يفوت لهم أراضي ببني ملال مقابل مبالغ مالية، كما أوهمهما أن الشريف يستطيع أن يحل لهما الكثير من الأغراض ضمنها التوظيف على مؤسسات عمومية. التأثير على الموقوفتينبعد مناقشة ساخنة حاول فيها الدفاع التأكيد على أن المتهم الرئيسي الذي يتابع أمام محكمة الاستئناف بالرباط، يعتبر بمثابة العقل المدبر لعمليات النصب والاحتيال، وله وسائل إقناع قوية أسقطت المتابعتين في فخ النصب فتحولتا برأيه من ضحيتين إلى متابعتين بالنصب، وظل الدفاع يحاول إقناع الهيأة القضائية أن الموقوف نصاب محترف واستطاع الإيقاع بالموقوفتين في شركه، وأن دورهما كان يقتصر في البحث عن شباب راغبين في حل مشاكلهم.حينما أنهى الرئيس الاستماع إلى دفاع المتهمتين وكانت طريقة مرافعته تثير ضحك القاضي المقرر وممثل النيابة العامة، منح القاضي الكلمة الأخيرة للموقوفتين لترد إحداهما "حنا كنا كنديروا غير الخير في عباد الله"، ومباشرة رافقهما شرطي الجلسات إلى قبو المحكمة، في انتظار نقلهما إلى السجن المحلي بسلا، فيما أدخلت الهيأة القضائية الملف للمداولة.وبعدما خرج دفاع الموقوفتين إلى بهو المحكمة تجمهر حوله أفراد من عائلتيهما وفضوليون لمعرفة تفاصيل الدفوعات التي تقدم بها، وطبيعة الأحكام التي ستصدرها المحكمة. الملف حرك الأجهزة الأمنيةفور تعيين العميد الممتاز محمد الدريسي المحياوي رئيسا للشرطة القضائية بالنيابة بدل العميد الممتاز السابق، وجد فوق ملفه إرسالية من المديرية العامة للأمن الوطني تأمره بالتحري في ملف شبكة مختصة في النصب والاحتيال باسم القصر الملكي، جنت 364 مليون سنتيم من عائدات النصب عن طريق إيهام الضحايا بمنحهم بقعا أرضية بمجموعة من المدن، وبالتوظيف في المؤسسات العمومية سالفة الذكر.استنفر رئيس الشرطة القضائية عناصره، بعدما وفرت له الأجهزة الأمنية معلومات ثمينة عن الشبكة، وتمكن رجال المصلحة الولائية للشرطة القضائية من تفكيكها وإيقاف المتهم الرئيسي بمكناس، كما أوقفت شريكتاه بسلا والقنيطرة، ويتعلق الأمر بزوجة شرطي ودركي.وفور الانتهاء من التحقيقات أحيل الملف على ابتدائية الرباط، وبعدها جرى فصله وإحالة أطراف أخرى على غرفة جرائم الأموال الخامسة لدى محكمة الاستئناف بالعاصمة الإدارية، بعدما تبين أن وجود عناصر جرمية جنائية في التحقيقات، أسقطت ضحايا يتحدرون من مدن مختلفة. تمويه الضحاياحينما تمكنت الشبكة من إيهام مقاول ببني ملال بقدرتها على منحه قطعة أرضية قصد إنجاز مشروع استثماري فوقها عبارة عن مركب، حبك المتهم الرئيسي "خطة" لإغراء المقاول، حينما ارتدى جلبابا وقبعة تقليديتين، وتوجه إلى مقر ولاية بني ملال، ودخل إلى أحد مكاتبها، وبعدما خرج من مقر الولاية، أوضح للمتهم الرئيسي أن مسؤولا بالإدارة الترابية وافق على طلبه في منحه البقعة الأرضية فتسلم منه مبلغا ماليا قدره 225 مليونا، لكن المشتكي اتضح له تعرضه للنصب والاحتيال بعدما اختفى المتهمون عن الأنظار وتخلصوا من أرقام هواتفهم. تقنيات متطورة من خلال حضور"الصباح" في أطوار الكثير من الملفات المرتبطة بالنصب باسم القصر الملكي، تبذل الضابطة القضائية والأجهزة الأمنية مجهودات كبيرة للإيقاع بالمتورطين في النصب بأسماء الشرفاء. وتقوم المصالح الأمنية بالتوجه إلى مدن بعيدة عن الرباط قصد الإيقاع بالمتهمين، كما تستعمل وسائل تقنية معلوماتية في الوصول إليهم من قبيل التنصت على أرقام هواتفهم أو إحالة محجوزات إلكترونية على مختبر تحليل الآثار الرقمية التابع للمديرية من أجل الإسراع بحل الملفات. وتتابع الأجهزة الأمنية بدورها داخل المحاكم أطوار المحاكمات قصد إنجاز تقارير في الموضوع.إضافة إلى ذلك، نجد ارتفاعا في الجرائم المتعلقة بهذه الممارسات منها الاغتصاب والقتل العمد، والإجهاض واستغلال النساء المتزوجات وإغرائهن لولوج عالم الدعارة الداخلية رفقة أجانب سواء بالتهديد أو القبول، وهو ما يتسبب في الكثير من الحالات إلى تفرقة الأسرة وتشريد أطفال .

ابتدائية الرباط…نصب باسم “الشرفا”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الأزمة المالية ترخي بظلالها على اتحاد طنجة

رجاء الكرة المصغرة يعود إلى القسم الأول

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات